شمس «الويك أند» الفائت، كانت فخاً لسياح الثلج في الجنوب. علي ومهى وغيرهما تحدوا العاصفة الثلجية واصطحبوا أولادهم في نزهة قبل أن يذوب الثلج ويعودوا إلى أشغالهم ومدارسهم. لكن النهاية لم تكن كما توقعوا. من منزلهما في كفر صير (قضاء النبطية)، استقلت أسرة علي السيارة وانطلقوا ظهر الجمعة باتجاه جزين. لم يجذبهم ثلج إقليم التفاح، بل نشدوا سماكته في بلدات جزين ومروجها التي تتحول عادة إلى ملاعب ثلجية. وصلوا إلى طريق حيطورة - سنيا، عندما اكفهرت السماء فجأة وبدأ هطول الثلج. عاند علي الطبيعة.
بصعوبة مشت السيارة إلى الأمام حتى لم تعد قادرة على اقتحام سماكة الثلج الذي غطى ملامح الطريق. وجدت الأسرة نفسها في سنيا كما تشير اليافطة. خرجوا من السيارة وهاموا يطرقون أبواب البيوت القريبة في البلدة التي يسكن معظم سكانها خارجها. قادتهم الخطى إلى سيدة تقف أمام باب منزلها. سألتها مهى: «هل تستقبلوننا عندكم حتى نطلب مساعدة الدفاع المدني لرفع السيارة؟». لم تكمل سؤالها حتى صارت مع زوجها وولديها في منزل وسام بولس. الصوبيا على الحطب تتوسط غرفة الجلوس وتنتظر الضيوف البردانين. وسام وزوجته رامونا بديا في دقائق قليلة كأنهما صديقان قديمان لعلي ومهى. الولدان وجدا ضالتهما مع أطفال البيت الثلاثة. رامونا شرعت بتحضير الطعام من حواضر البيت.

أهالي سنيا كجاراتها في قضاء جزين، يعتمدون في تأمين حاجاتهم على مدينة جزين. لكن الثلج قطع الطريق إليها كما قطع الكهرباء. ذلك الانقطاع دفع برامونا إلى تحضير الحبوب التي يمونونها «للقطعة». على المائدة أكلات بلدية من حقل أم وسام: الفاصوليا الحمراء ليست «يخنة» مع اللحم أو الدجاج، بل سلطة ساخنة وشرائح البطاطا وحبات الحمص اليابس المشوية في الصوبيا... أهل البيت «عملوا الواجب» مع ضيوفهم الغرباء الذين لم يلبّ الدفاع المدني نداء استغاثتهم. أمضوا الليلة بالقرب من صوبيا آل بولس. في اليوم التالي، أوصلهم وسام إلى منزلهم فيما بقيت السيارة بحراسة أهل سنيا حتى يوم الاثنين عندما توقف هطول الثلج وبدأ بالذوبان.
لاحقاً، استضافت سنيا عائلة من آل البابا من صيدا، قادها السحر الأبيض إلى جزين قبل أن تنقشع السماء تماماً. تقطعت بهم السبل لكن وجدوا بيتاً يضمهم من الصقيع. بيوت سنيا وجاراتها في بصليا وحيطورة وكفرحونة وبتدين اللقش وروم وريمات وحيداب... أصبحت كافيتيريا ومحطة للاستراحة والاستقبال لمئات الذين توافدوا إلى المنطقة في عطلة الويك أند على نية الثلج.