«الفضائي» كريستيانو رونالدو هو من فصيلة يمكن اطلاق عليها اسم «لاعبي المستقبل». هؤلاء اللاعبون الذين ستتعرف عليهم الاجيال اللاحقة، ويشبهون كثيراً اولئك اللاعبين الآتين من كوكبٍ آخر لتحدي نجوم كوكب الأرض كما هو حال الاعلان الذي اصدرته شركة «نايكي» خلال كأس العالم الاخيرة.
رونالدو من اللاعبين الذين جرى «تصنيعهم» في صالات اللياقة البدنية ليخرجوا لإرهاب عالم الكرة. هو فعلها طوال عام 2014 عندما خلق الرعب في صفوف كل مدافعي الفرق الاوروبية، في طريق ريال مدريد للتتويج بالكأس الاوروبية العاشرة.
واذا قيل ان «سي آر 7» حصل على الكرة الذهبية لعام 2013 فقط لان «الفيفا» اراد تدارك خطأ رئيسه جوزف بلاتر عندما انتقد رونالدو علناً، فان الاخير واستناداً الى ما قدّمه على ارض الملعب يستحقها بلا شك. نجمٌ يعرف كيفية الوصول الى الالقاب الجماعية والفردية، تماماً كما يعرف كيفية الاستفادة من امكاناته الفنية والبدنية لتقديم نفسه لاعباً غير عادي. هو بطبيعة الحال احد اعظم اللاعبين الذين عرفهم العصر الحديث للعبة، ولاعبٌ اعطى اشارة الى ان الموهبة الربّانية ليست كل شيء بل ان عوامل الصقل الاخرى لها كلمتها في صناعة اي نجم.


«الساحر» ليونيل ميسي يأتي من فصيلة اخرى تختلف تماماً عن تلك التي جاء منها رونالدو. «البرغوث» الارجنتيني جُبِل بالموهبة قبل ان يولد وأُرسل الى هذه الدنيا لكي يسطع نجماً فوق العادة. فعلاً هو موهوب بالولادة حيث يلعب متسلحاً بتلك النعمة الالهية التي اعطيت له، وهي لا تعطى لأيٍّ كان. «النجم المختار» اختير لتأدية هذه المهمة، وهي مهمة اسعاد الناس حول العالم وامتاعهم بتلك المهارات والاهداف المذهلة التي يسجلها. اهداف صعبة، لكن ميسي يجعلها تبدو سهلة لشدة تفوّقه على اولئك الذين يواجهونه.حجم موهبة ميسي تجعله لا يحتاج الى اكثر من قدمه اليسرى لصناعة السحر الذي لا يعرف خدعه اي لاعبٍ آخر في العالم. اصلاً ليونة جسمه وسرعته وذكاؤه الفائق تضعه جميعها في مرتبة اخرى، لذا فإن كثيرين يصفونه بأنه الاعظم في التاريخ، لكن إذا لم يكن، فإن كثيرين سيخبرون اولادهم واحفادهم أنهم عاشوا في زمن ميسي، وعاشوا اهدافه وامجاده وسحره اللامتناهي. قليلة جداً، لا بل نادرة، هي المرات التي لا يلعب فيها ميسي بطريقة رائع، فهو يمكنه صناعة العرض وحده. وكم من مرة فعلها في كل ارجاء بلدان العالم التي تشرفت ملاعبها باستقبال سحره الرهيب. سيخسر العالم سحره يوم اعتزال ميسي.


«المارد» مانويل نوير قرر بين ليلة وضحاها الخروج من الفانوس السحري وفتح مدرسة جديدة خاصة بحراس المرمى في عالم كرة القدم.
منذ اعتزال مواطنه اوليفر كان، لم يتخيّل احد ان يقف حارس مرمى آخر لمنافسة اكبر النجوم على جوائز الافضل. كان قد فعلها عام 2002 عندما قاد وحده تقريباً منتخب المانيا الى المباراة النهائية لمونديال كوريا الجنوبية واليابان. وفي وقتٍ اعتقدت فيه المانيا انها لن تنجب حارساً افضل من «الوحش» كان في العصر الحديث للعبة ، أطلّ نوير على مسرح الاحداث.
وجهه الطفولي لا يعكس اطلاقاً قلب الرجل الشجاع الذي يحمله، فهو مستعد لفعل اي شيء للحصول على الكرة. وبين الدوري الالماني ودوري ابطال اوروبا والمونديال، نسي كثيرون ان نوير حارس للمرمى. الاشقر الفارع الطول هو فعلاً مثل مارد الفانوس، الذي يمكنه تحقيق اي امنية يريدها مدربه: التصدي للكرات، بناء الهجمات، وقيادة الفريق وتوجيهه. كل المهمات سهلة امام نوير، وما اظهره على ارض الملعب في كأس العالم الاخيرة لم تكن سوى دليلٍ على ان كرة القدم هي حالياً امام ظاهرة قد لا تتكرر في وقتٍ قريب. ظاهرة اسمها «مدرسة مانويل نوير» لتعليم حراسة المرمى وأكثر.