هل خطر يوما في بال أي من الجمهور العريض البحث في معنى وأصل كلمة «أبو الزلف» المتجذرة في صميم الشعر الغنائي التراثي الشعبي في الكثير من الدول العربية؟ المسألة مستبعدة طبعاً! لكن الحقيقة أنّ سبب التسمية آتٍ من كلمة «ذلف» أي الأنف الجميل، وأنّ اللقب يُطلق على الشاب الوسيم، وفق ما ورد في صفحة Randromeda على فايسبوك. من الآن وصاعداً، بات بإمكان الجميع اللجوء إلى هذه الصفحة التي تفيد قرّاءها بأصول غالبية الكلمات غير المألوفة، أو تلك التي تسللت إلى اللغة العربية من لغات أخرى، وصارت جزءاً منها. الفكرة خطرت في بال مصمم المواقع اللبناني رواد الحاج، بعد اطلاعه على كتب سلام الراسي، التي تشرح أصول الأمثال الشعبية. عندها، قرّر أن يؤسس هذه الصفحة الافتراضية، شارحاً هذه الكلمات، من دون أن تكون التفسيرات التي تحمل نفساً كوميدياً نهائية، بل هي محل حوار ونقاش.

الصفحة التي ظهرت قبل حوالي خمسة أشهر وحازت أكثر من 8 آلاف معجب، تعيدنا إلى أصول كلمات نستخدمها كثيراً في أحاديثنا اليومية، ونحن في الحقيقة نجهل معناها أو أصلها. كلمات على شاكلة «كازوزة» التي تقول الصفحة بأنّها ترجع إلى أيّام الاستعمار الفرنسي، ومشتقة من كلمة Boisson Gazeuse أي المشروب الغازي. بعضهم احتفظ بـ Gazeuse (غازي) وراح يُطلقه على زجاجات المشروبات الغازية. كذلك، كلمة «مسيح» هي «ماشيح» بالعبرية، من فعل مشح أي مسح ومعناها في العهد القديم الممسوح بالزيت أو الطيب المقدّس. وكان الشخص الذي يمسح يصبح مقدّساً ومكرّساً للإله، وكانت التسمية تشير إلى الملك أو النبي أو الكاهن. في مرحلة لاحقة، «كفّت الكتب المقدسة عن استعمال كلمة مسيح إلا للمنتظر، وهو حسب المعتقدات اليهودية والمسيحية سيكون نبياً وملكاً وكاهناً في والوقت نفسه».
في حديثه مع «الأخبار»، يقول الحاج «عملي كمصمم جعلني أفكر ملياً في أنّ الكلمة هي العنصر الأساسي للتواصل بين الناس، وقد خطر في بالي من أين غزت بعض الكلمات اللغة العربية، وما هو أصلها. وأوّل كلمة خطرت لي كانت «عكروت» التي تُقال عادة لطفل شقي أو ما شابه ذلك. والمفاجأة أنّي وجدت أنّها تُطلق على الشخص الذكي». ويتابع الحاج قائلاً: «هكذا، صرت أفتش عن معنى الكلمات وأضعها على الصفحة مع بوستر خاص بها». هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ البوستر لا يتضمّن الكلمة وتفسيرها وأصلها وحسب، بل أيضاً طريقة إستعمالها في اللهجات المحكية، إضافة إلى البلاد العربية التي تُستخدم فيها.
لكن في بعض الأحيان، تتضارب الروايات وتغيب الدقة عن غالبيتها، فمن يقيّم مدى صحة المواد المنشورة، وخصوصاً أنّ السوشال ميدي فضاء مفتوح وبلا ضوابط؟ يرد مؤسس الصفحة «أترك باب النقاش مفتوحاً، وكذلك أطلب من متابعي الصفحة تقديم اقتراحات لكلمات جديدة، وفي بعض الأحيان أؤجّل النشر لأنّني لا أستطيع الحصول على المعلومة الدقيقة.، لكن النتيجة تكون خلاصة بحث تاريخي واجتماعي عن الكلمة في عشرات المراجع». وهل من الممكن أن تتطوّر هذه الفكرة إلى منبر إعلامي يضم فريقاً في إطار مشروع تجاري؟ «أنا في صدد تأسيس موقع إلكتروني هو www.ousoul.me وقد وضعت نسخة تجريبية منه على الشبكة العنكبوتية كبديل عن الصفحة الفايسبوكية، على أن نصل إلى صيغة احترافية مستقبلاً تخوّل المستخدم البحث عن الكلمة التي يريد»، يقول الحاج، مضيفاً: «لكن لا يمكن لهذا المشروع أن يكون تجارياً. أقصى ما يمكن تحقيقه هو الحصول على رعاية جميعة أو جهة متخصصة بهذا الموضوع لتغطية نفقاته ليس أكثر».