اعتدنا في كرة القدم أن النجوم على الميدان، والمدربين وبعدهم الحكام وانتهاءً بالجماهير، يمثلون العناصر الأساسية لأي مباراة، ويستحوذون بالترتيب السالف على الأضواء والاهتمام. وحدهم، حاملو الكرات على جنبات الملعب يبقون في الهامش، برغم أدوارهم المهمة، اذ ليس بصحيح أن هؤلاء، وهم أطفال عادة يُنتقون من الفئات العمرية للأندية صاحبة الضيافة، مجرد "شكل" في الملعب ومهمتهم هي فقط جلب الكرة وإعطاؤها للاعبين أو الحارس، إذ إن دورهم قد يصل، دون مبالغة، إلى حدّ تحديد هوية فائز في المباراة، وهذا ينطلق من تحكّمهم في "ريتم" منح الكرة بين التباطؤ لإلحاق الضرر بأحد الفريقين وإتاحة الفرصة للآخر بعودة لاعبيه أو بتسريعها لمباغتة الخصم أو لتفادي ضياع الوقت، وخصوصاً في الدقائق الأخيرة.
واذ يذهب كثيرون إلى رسم "شبهة" حول أدوار حاملي الكرات، والقول إن تحركاتهم تجري بتعليمات مسبقة من فرقهم، فإن آخرين يعود القرار لهم أولاً وأخيراً، إن لمزاجية ورغبة في إثارة الضحك، أو لإعجابهم بهذا الفريق أو ذاك النجم.
إذاً، ليس حاملو الكرات مجرد "أكسسوار" يكمل زينة الملعب، بل إن العديد من الحالات والمواقف تكشف عن قصص تراوح بين المضحكة والغريبة والمؤثرة تحصل مع هؤلاء الذين يتمكنون في لحظات من إثارة غضب أهم اللاعبين والمدربين.
حمل مورينيو هزيمة تشلسي الأولى هذا الموسم على أرض نيوكاسل الى حاملي الكرات



هذا ما حصل مطلع الشهر الحالي عندما فاجأ البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب تشلسي، الصحافيين بتحميله المسؤولية عن هزيمة فريقه الأولى في الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم على أرض نيوكاسل لحاملي الكرات، وقال "السبيشيل وان" حينها بغضب متهكماً: "كنا نريد ان نلعب كرة القدم لكننا لم نجد الكرة"، مبدياً حسرته لأن الحكام لا يمكنهم توجيه إنذار لحاملي الكرات.
مورينيو قصته قصة مع حاملي الكرات، وتحديداً عند خسارة فريقه، وهذا ما حصل أواخر الموسم الماضي في ملعب كريستال بالاس عندما تباطأ حامل الكرة في إعطائها للاعب "البلوز" الاسباني سيزار أزبيليكويتا، فما كان من "السبيشيل وان" إلا أن اتجه راكضاً نحو الفتى واقترب منه وحدثه. وبعد المباراة كشفت صحيفة "ذا دايلي ميرور" أن البرتغالي قال له: "لا تفعل ذلك لأنه يجعلك عرضة للكمة من اللاعب إذا فقد أعصابه. لا تغامر بهذا الأمر".
لكن المفارقة أن اللقطة الأشهر لاعتداء لاعب على حامل كرات في "البريميير ليغ" كان بطلها لاعب من تشلسي في الموسم الماضي ألا وهو البلجيكي إيدين هازار حين أسقط في ملعب سوانسي سيتي الفتى تشارلي مورغان وركله بقوة بعد فشله في الحصول على الكرة منه، ما ادى إلى طرده من الملعب وحصول موجة تعاطف كبيرة مع الفتى، بحيث كادت أن تتحول الى قضية رأي عام في بريطانيا، ولتنتهي باعتذار من البلجيكي، برغم أن الفتى لم يخفِ بأنه كان يتقصد إضاعة الوقت من أجل سوانسي.
إضاعة الوقت نفسه كان سبباً لإفلات كارلوس دونغا، مدرب منتخب البرازيل، من عقاله حيث صبّ جام غضبه على حاملي الكرات عندما كان مدرباً لإنترناسيونال بورتو أليغري حيث اتهمهم بتقديم العون للاعبي بوتافوغو خلال مباراة الفريقين على ملعب "ماراكانا"، وقال دونغا حينها: "مهمة حاملي الكرات هي إعادة الكرة إلى الملعب لا اللعب مع الفريق صاحب الضيافة"، مضيفاً: "من المسؤول عنهم؟ لا أعلم. لقد تحدثت إلى الحكم الرابع، ولكنه لم يفعل أي شيء".
لكن يبدو أن كلام دونغا ليس من فراغ، إذ إن نادي بوتافوغو يشتهر بوجود إحدى الشابات لديه تساعده دوماً، وتدعى فرناندا ميا، كما فعلت تحديداً في نهائي كأس ولاية ريو دي جانيرو أمام فاسكو دا غاما عام 2012 عندما لم تكد الكرة تخرج من الملعب حتى رمت سريعاً كرة أخرى كانت جاهزة بحوزتها لأحد اللاعبين الذي انطلق بها مسرعاً وسجل منها هدف الفوز.
إذاً، حاملو الكرات هم إما ضحايا في أحيان أو متآمرون في أحيان أخرى، لكن ثمة فئة ثالثة منهم وهم الفكاهيون الذين تبدر منهم تصرفات غريبة وطريفة، تماماً كما حصل مع أحدهم في ملعب "فيسنتي كالديرون" خلال المباراة في الموسم الماضي بين الجارين الغريمين ريال وأتلتيكو مدريد عندما رمى الكرة بعيداً عن البرتغالي كريستيانو رونالدو وراح يرسم تعابير مضحكة على وجهه مستفزاً "الدون" الذي بدا عليه الغضب الشديد.
أما أطرف اللقطات، فتبقى في البرازيل خلال مباراتين في البطولات المحلية: اولاهما حين قام حامل الكرة، وعلى غفلة من الحكم، بإدخال الكرة في الشباك حيث اتخذ الأخير قراراً مفاجئاً باحتسابه وسط احتجاجات عارمة من الفريق المتضرر، وثانيتهما عندما تدخل حامل الكرات ليبعد كرة هدف عن خط المرمى!




بيروتزي من حامل كرات إلى نجم

بطبيعة الحال يبقى حلم حاملي الكرات أن يسلكوا درب النجومية كما حال اللاعبين الذين يرمون لهم الكرات. الحارس الإيطالي السابق أنجيلو بيروتزي عرف هذا الأمر حيث كان في طفولته أحد حاملي الكرات قبل أن يصبح حارساً لروما ويوفنتوس وانتر ميلانو ولاتسيو والمنتخب الوطني، وأحد أشهر الحراس الذين مرّوا على الكرة الإيطالية والعالمية.