تفوّق المدرب الإسباني بيب غوارديولا على الجميع، وقبل ذلك، تفوّق على نفسه. سبقَ اللعبة وجعلها تلاحق أفكاره لكي تتطور، حتى أصبح مرجعاً أساسياً في كرة القدم. ومنذ ارتباط اسمه بتدريب مانشستر سيتي، كان الرهان على نجاح بيب مرتبط بتحقيق ما حققه رفقة برشلونة بالدرجة الأولى من ألقابٍ محلية وأوروبية، أو اعتلاء سلّم الترتيب كما فعل مع بايرن ميونيخ. حطّ غوارديولا رحاله في إنكلترا وسيطر على البطولات. صحيح أن البداية كانت بطيئة نسبياً، غير أن ما تبع الانطلاقة «التجريبية» كان أشبه بالإعجاز. 5 ألقاب دوري في ستة مواسم إضافةً إلى تشكيلة من الكؤوس المحلية، جعلت مانشستر سيتي عدّاءً في سباقٍ منفرد.المال وإن لعب دوراً بارزاً في الموسم الثاني تحديداً، لم يكن العنصر الحاسم فيما وصل إليه السيتيزينز. كان المدرب الإسباني الجديد حينها بحاجةٍ إلى عناصر تلائم أفكاره كي ينافس، وهو ما تحقق إثر رفعه اللقب بعد أول سوق انتقالات حقيقي قامت به الإدارة. بعض الصفقات تجاوزت قيمتها السوقية، تحديداً في خط الدفاع، وأدت تباعاً إلى تضخم ملحوظ في أسعار السوق، لكن أغلب الأسماء المستقدمة الأخرى جاءت بأسعار مدروسة وملائمة لخطط المدرب، ما ساهم تباعاً في النجاح اللافت. تجدر الإشارة إلى أن جميع الفرق الإنكليزية غنيّة مقارنةً بباقي الدوريات، وأغلب فرق الـ«برييمرليغ» قادرة على ضم أسماء تضاهي تلك الموجودة في مانشستر سيتي. يكمن الفارق بصعوبة وجود مدرب مثل بيب غوارديولا، الأفضل بلا منازع في السنوات الأخيرة، ومن خلفه إدارة وملّاك يثقون بقدرات المدرب ويوفّرون ما يلزم لاعتلاء المنصات.
امتحان الغد هو الأهم بالنسبة إلى الإدارة التي رغبت طبعاً عند التوقيع مع غوارديولا تحقيق دوري أبطال أوروبا، خاصةً بعد الفشل في تجاوز تشيلسي في المباراة النهائية قبل موسمين. بالنسبة إلى غوارديولا، هو يحلم أيضاً بتحقيق «ذات الأذنين» للمرة الأولى له منذ موسم 2010-2011، رغم عدم حاجته إلى بطولة أوروبية جديدة كي يثبت قيمته كمدرب نخبة. الفرصة متاحة لغوارديولا ولاعبيه كي يحققوا ثلاثية تاريخية بعد تتويجهم بلقبَي الدوري والكأس المحليين، ويكتبوا بذلك سطراً جديداً في تاريخ مانشستر سيتي المستحدث، شرط أن يتجاوزوا إنتر ميلانو في المحطة الأخيرة. من جهته، يدخل إنتر مباراة النهائي وعينه على لقبٍ انتظرته الجماهير منذ عام 2010. في ذلك العام، حقق الفريق لقبي دوري أبطال أوروبا والدوري الإيطالي كأبرز الإنجازات، قبل أن يغرق «النيراتزوري» بعيداً عن الصدارة المحلية مقابل احتكار يوفنتوس للقب «سكوديتو». 10 مواسم عجاف أنهاها إنتر ميلانو بعودته إلى قمة الدوري موسم 2020-2021، وهو يأمل غداً من إنهاء الصوم الأوروبي أيضاً عبر تحقيق دوري الأبطال المنتظر بالنسبة إليه، ومن خلفه الكرة الإيطالية بالعموم.