لا يمكن أن نتوقّع الكثير من «الميركاتو الشتوي»، لا بسبب تراجع القدرات المالية للأندية البارزة في أوروبا بفعل تأثير تفشّي وباء كورونا لحوالى العامين، ولا بسبب عدم تحقيق بعضها الأرباح المرصودة داخلياً وخارجياً، بل لأن الكثير منها «أكل الضرب» عندما أبرم صفقات خلال الصيف الماضي كانت نتيجتها الفشل.واللّافت أنّ بعض هذه الصفقات كانت من دون مقابل مادّي للنادي الذي قَدِم منه اللّاعب، لكن راتبه الكبير هو الخسارة الحقيقية، وخصوصاً في حال عدم الاستفادة منه بالشكل المطلوب أو بالحدّ الأدنى.
لم يستفد باريس سان جيرمان أبداً من سيرجيو راموس (أ ف ب )

وهذا الوصف ينطبق بوضوح على المدافع الإسباني سيرجيو راموس الذي ضمّه باريس سان جيرمان الفرنسي إليه آملاً الاستفادة من خبرته الطويلة لرفع أسهمه بتحقيق حلمه الكبير بالفوز بدوري أبطال أوروبا. لكنّ قائد ريال مدريد السابق غاب عن الملاعب منذ نصف نهائي الأبطال في الموسم الماضي أمام تشيلسي الإنكليزي، ولم يتمكّن بعد عودته من لعب أكثر من مباراتَين مع ناديه الجديد. أمّا الأسوأ فإنّه في سنّه المتقدّمة (35 عاماً) وبعد مشوارٍ حافلٍ خاض خلاله 469 مباراة مع ريال مدريد، سيكون من الصعب على راموس التغلّب على مشاكله هذا الموسم واستعادة حضوره البدني بشكلٍ مثالي، ما يعني أن الصفقة فشلت تماماً.

خيبة جماعيّة إنكليزية
لاعبٌ إسباني آخر عُقدت عليه الآمال بعد خروجه من «الليغا» إثر تألّقه لمواسم عدة، وهو ساوول نيغويز الذي كانت نقلته على سبيل الإعارة إلى تشيلسي مفاجئة، لكنّ أتلتيكو مدريد قام بها لتقليص مجموع رواتبه وإفساح المجال لعودة الهدّاف الفرنسي أنطوان غريزمان.
هنا اعتقد كثيرون أن بطل أوروبا قام بـ«ضربة معلّم» مع إضافة ساوول إلى كوكبة نجوم الوسط، أمثال الفرنسي نغولو كانتي، الإيطالي جورجينيو، والكرواتي ماتيو كوفاتشيتش. لكنّ مشواره في لندن تحوّل إلى كابوس وإلى صدمةٍ لناديه وجمهوره، وذلك منذ مباراته الأولى أمام أستون فيلا حيث بدا بطيئاً وخسر كل الكرات التي وصلت إليه، ما دفع المدرب الألماني توماس توخيل إلى استبداله عند انتصاف اللّقاء!
وفي إنكلترا أيضاً، يتصدّر جايدون سانشو لائحة أسوأ الصفقات. كيف لا وقد دفع مانشستر يونايتد أكثر من 93 مليون دولار للتعاقد معه، لكنه لم يسجّل أكثر من هدفٍ واحد في 16 مباراة، وبدا شبحاً لذاك النجم المتألّق مع بوروسيا دورتموند الألماني. علماً أن «الشياطين الحمر» لم يوفّقوا أيضاً في صفقة الفرنسي رافايل فاران ولو أنه قدّم أداءً جيّداً في بعض المباريات عندما يكون في جهوزيّةٍ تامة، لكنّ مشكلته هي أنه ليس جاهزاً دائماً بفعل الإصابات التي يتعرّض لها تباعاً.
تتصدّر أسماءٌ كبيرة لائحة أسوأ الانتقالات الصيفيّة في الموسم الحالي


ومن ألمانيا أتى الجامايكي ليون بايلي حاملاً نجوميةً لا بأس بها لينضم إلى أستون فيلا، لكن مستواه هبط وانتكس فجأةً بإصابةٍ حرمته من لعب أكثر من ست مباريات فلم يسجّل أكثر من هدفٍ واحد.
ولم يكن وضع الويلزي دانيال جيمس أفضل بكثير، فقد دفع ليدز يونايتد 32 مليون دولار للحصول عليه من مانشستر يونايتد بعدما رأى فيه البطل المنتظر، لكنه اكتفى بهدفين وتمريرةٍ حاسمة واحدة رغم خوضه 15 مباراة غالبيّتها أساسياً بعد غياب أبرز لاعبي الفريق عنه إما بسبب الإصابة أو بسبب فيروس كورونا. كما أن ليدز وقع في مشكلة التعاقد مع لاعبٍ شاب آخر هو الظهير الإسباني جونيور فيربو القادم من برشلونة الإسباني، لكنه لم يتأقلم أبداً مع أجواء الكرة الإنكليزية.
وبمبلغٍ مشابه تعاقد وست هام يونايتد مع الكرواتي نيكولا فلاسيتش الذي لم يلعب سوى 216 دقيقة في الدوري، وانتظر حتى نهاية السنة لتسجيل أول أهدافه.

برشلونة في الفخّ
الأندية الإسبانية سقطت أيضاً في فخّ التعاقدات غير المفيدة، ولعلّ أبرز الأمثلة على هذه المقولة هو برشلونة مع صفقتَين لم تؤثّرا إيجاباً على الفريق لا هجومياً ولا دفاعياً.
هنا الحديث عن استقدام المهاجم الهولندي لوك دي يونغ الذي أراده مواطنه المدرب السابق رونالد كومان بشكلٍ مستغرب، وذلك في صفقةٍ كان عنوانها الفشل أصلاً، إذ ببساطة تحكي الأرقام قصّة دي يونغ الذي لم يسجل مع إشبيلية سوى 4 أهداف في 34 مباراة خاضها في الدوري الإسباني في الموسم الماضي.
وإذا كانت هناك قناعة بأن لا سمعة ولا أداء دي يونغ يليقان بفريقٍ بحجم برشلونة، فإن المفاجأة كانت دفاعاً حيث حلم «البرسا» بتكرار ما فعله من الماضي عبر إعادة ابن النادي إيريك غارسيا إليه من مانشستر سيتي تماماً كما فعل يوماً مع جيرار بيكيه أيام كان في مانشستر يونايتد.
لكنّ إصرار الفريق الكاتالوني لم يلتقِ أبداً مع نوعية أداء المدافع الشاب على أرض الملعب حيث تلقّى برشلونة عدداً من الخسائر الثقيلة بحضور غارسيا في قلب الدفاع، وذلك على صورة سقوطه أمام بنفيكا البرتغالي 0-3 في دوري الأبطال، وذلك في مباراةٍ تلاعب خلالها به المهاجم الأوروغوياني داروين نونيز قبل أن يُطرد في وقتٍ لاحقٍ من اللّقاء.
أما الأسوأ من كل هذا بالنسبة إلى الأندية الخائبة فإنّه عليها البحث والعمل على إيجاد بدلاء مناسبين في السوق الشتوية حيث الخيارات ضيّقة والأموال المطلوبة تبدو كثيرة، ما يعني أن بعضها سيتعثّر أكثر وسينتظر ربّما حتى الصيف لتعويض ما فاته شتاءً.



كوتينيو هو الأبرز والريال يبحث عن نجم


انتقل اللاعب البرازيلي فيليبي كوتينيو من برشلونة الإسباني إلى آستون فيلا الغينكليزي على سبيل الإعارة، مع إمكانية الشراء. وكان كوتينيو قد انضم إلى برشلونة من ليفربول في عام 2018، إلا أنه عانى لإيجاد مستوياته في «كامب نو» وأمضى موسم 2019-2020 معاراً إلى بايرن ميونيخ الألماني وحقّق معه لقب دوري أبطال أوروبا. يُذكر أن مدرب آستون فيلا الحالي هو ستيفن جيرارد، الذي لعب إلى جانب كوتينيو في صفوف ليفربول بين عامَي 2013 و2015، قبل أن ينتقل الدولي الإنكليزي السابق إلى لوس أنجليس غالاكسي الأميركي.
من جهته تعاقد نادي نيوكاسل يونايتد مع الدولي الإنكليزي كيران تريبييه من أتلتيكو مدريد الإسباني لمدة عامين ونصف عام، في أول صفقة يبرمها الفريق المملوك سعودياً.
وعلى مقلب يحتلّ ريال مدريد عناوين الصحف وسط شائعات سعيه لاستقدام واحد من اللاعبَين كيليان مبابي وإرلينغ هالاند. وبالنظر إلى أرقامه المميزة على صعيدَي التسجيل وصناعة الأهداف مقارنةً بسنّه الصغيرة، فرض مبابي نفسه في فترةٍ قصيرة كأحد أبرز النجوم في عالم كرة القدم، وارتبط اسمه بالانتقال إلى نادي ريال مدريد، غير أن الأمور لن تكون سهلة نظراً إلى تبعات كورونا المالية على القطاع الرياضي. وسبق أن تقدّم النادي الملكي بعرضٍ بلغت قيمته 200 مليون يورو لضمّ النجم الفرنسي العام الماضي، لكن باريس سان جيرمان رفض العرض. وبالنظر إلى إشراف عقد مبابي على الانتهاء، يُرجّح أن ينتقل إلى ريال مدريد في صفقة انتقالٍ حر.
وفي حال تعثر وصول مبابيه، فإنه من المتوقع أن يسعى الريال للتوقيع مع مهاجم بوروسيا دورتموند إرلينغ هالاند، في محاولةٍ من الرئيس فلورنتينو بيريز لتكوين «غالاكتيكوس» جديد.
ويمتلك هالاند شرطاً جزائياً في عقده بقيمة 75 مليون يورو تم تفعيله مع بداية 2022، وكشفت تقارير صحافية إسبانية عن إبلاغ اللاعب لمسؤولي ريال مدريد بأنه مستعدّ للتوقيع للفريق.