يُعد مانشستر يونايتد وليفربول أكبر ناديين في إنكلترا، وذلك بفعل تاريخهما المرصّع بالألقاب والأمجاد. عداوةٌ تاريخية اشتدّت بعد مجيء السير أليكس فيرغسون إلى الأولد ترافورد الذي كتب الجزء الأكبر من تاريخ الشياطين الحمر، وعادل الكفة مع الريدز. ففي عهد السير، أطاح مانشستر يونايتد بغريمه الأزلي ليفربول عن عرش الكرة الإنكليزية، حيث أصبح أكثر الأندية تتويجاً بلقب الدوري بواقع 20 لقباً، مقابل 18 لقباً للريدز، مع الإشارة إلى كون رصيد مانشستر يونايتد من الألقاب في الدوري 7 ألقاب، مقابل 16 لقباً لليفربول قبل مجيء السير. مانشستر يونايتد (20) وليفربول (19) هما الجانبان الأكثر تتويجاً بلقب الدوري الإنكليزي، ومع ذلك، نادراً ما شهدت الألفية الجديدة على صراعٍ حقيقي بين الفريقين على اللقب. فمنذ بداية «البريميرليغ» بمسمّاه الجديد، كان هناك مرة واحدة فقط احتل فيها كل من العملاقين الكرويين المركزين الأول والثاني، وذلك عندما تفوّق فريق السير أليكس فيرغسون على الريدز في موسم 2008/2009.
رغم العداوة التاريخية، اختلفت الموازين في السنوات الماضية، حيث تراجع ليفربول في ذروة تقدم مانشستر يونايتد، ثم تراجع الشياطين الحمر إثر رحيل السير مقابل عودة الريدز إلى الواجهة مع المدرب الألماني يورغن كلوب. وفي ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة، يتقاسم الفريقان الصدارة هذا الموسم، بانتظار ما ستسفر عنه الجولات المقبلة.
بدأ ليفربول موسمه الحالي بشكلٍ جيد، غير أنه أخذ بالتراجع في الجولات الماضية. وعلى العكس تماماً، عاد مانشستر يونايتد من بعيد رغم بدايته المتخبّطة، وتمكن بفعل فوزه الأخير على حساب ضيفه آستون فيلا من رفع رصيده إلى 33 نقطة في المركز الثاني وبفارق الأهداف عن ليفربول المتصدر، وذلك بعد مضي 16 جولة على بداية الدوري.
مع وجود فرق قريبة من القمة، وأخرى تنتظر مباريات في متناول اليد بسبب تأجيلات فيروس كورونا، لن يقتصر سباق القمة على الريدز والشياطين الحمر، لكن على الأقل سيشهد الموسم على تجديد التنافس بين أكبر ناديين في إنكلترا.
سبق وأن عاد ليفربول إلى الأضواء بفعل الانسجام الذي ولّده كلوب داخل أسوار النادي. مانشستر يونايتد ربما لم يعد بعد بالصورة المطلوبة، لكنه في الطريق الصحيح. هو موسمٌ «غريب» بالنسبة إلى جميع الفرق بفعل تداعيات فيروس كورونا وما عكسه من تفاوت في سوق الانتقالات ومنع الجماهير من الحضور، غير أن ذلك لا يمنع الإشادة بما يقدمه رجال المدرب النرويجي أولي غونار سولشاير هذا الموسم. نتائج لافتة وتجانس في الصفوف حصلا بفعل الصفقات الناجحة التي أبرمتها إدارة النادي، على رأسها البرتغالي برونو فيرنانديز، الذي يعود له الفضل الكبير بتحسن نتائج الفريق أخيراً.
في الموسم الماضي، شهد مشجعو مانشستر يونايتد في آخر مباراة خاضها الفريق بدون برونو فرنانديز على هزيمةٍ «نكراء» في الأولد ترافورد أمام بيرنلي، وعادت تلك النتيجة المحبطة على الفريق بالمركز الخامس في جدول الدوري، بفارق ست نقاط عن تشيلسي الرابع، وبفارق 30 نقطة خلف المتصدر ليفربول، ما هدّد وظيفة سولشاير.
جاء بعد تلك المباراة صانع الألعاب البرتغالي من سبورتنغ لشبونة، وكان تأثيره على الفريق واضحاً منذ البداية. فبعد أن ارتقى مانشستر يونايتد إلى المركز الثالث في الموسم الماضي، وجد الفريق نفسه الآن منافساً على اللقب. ومنذ الظهور الأول لبرونو مع يونايتد، لم يشارك أيّ لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز في المزيد من الأهداف والتمريرات الحاسمة أكثر من صاحب الـ47 مليون جنيه استرليني. فقط مهاجم ليفربول محمد صلاح سجّل أهدافاً أكثر في الدوري، في حين أن لاعب مانشستر سيتي كيفين دي بروين وجاك غريليش لاعب آستون فيلا صنعا فرصاً أكثر من فيرنانديز. سجّل برونو 27 هدفاً وساهم بـ17 تمريرة حاسمة في 46 مباراة ليونايتد عبر جميع المسابقات منذ وصوله في يناير، وهي أرقامٌ ممتازة أثّرت كثيراً على نتائج الفريق أخيراً.
إضافةً إلى برونو، ظهر جلياً تأثير المهاجم إيدينسون كافاني، الظهير البرازيلي أليكس تيليس ومتوسط الميدان فان دي بيك. الفريق في حالة جيدة وهو يسعى جاهداً لانتزاع اللقب من ليفربول وتحقيق الدوري الأول منذ رحيل السير أليكس فيرغسون. الدوري طويل والمفاجآت يمكن أن تحصل.