جايدون سانشو، عثمان ديمبيلي وممفيس ديباي. ثلاثة أسماء كبيرة كان من المنتظر أن تغيّر ألوان فرقها هذا الصيف، لا بل إن تقارير إعلامية كثيرة في أوروبا تحدّثت عن إتمام صفقات تنقلها من أنديتها الحالية إلى أندية جديدة.لكن كلّ هذه الصفقات لم تحصل تاركةً الفرق التي كانت ترغب بالحصول على خدمات هؤلاء اللاعبين في مشكلة فعلية، كونها تشبثت حتى اليوم الأخير من سوق الانتقالات بأمل الحصول عليها، وهو أمر كان مستحيلاً بسبب الأوضاع المالية بالدرجة الأولى، وخصوصاً بعدما تأثرت كل أندية أوروبا بتفشي وباء «كورونا» وتعطيله الحركة الاقتصادية لكرة القدم، إن لناحية الحضور الجماهيري أو لناحية المبيعات الخاصة بمتاجر الأندية المنتشرة في بلدانها وبعيداً من «القارة العجوز».
قصة سانشو تبدو جديدة – قديمة، فالنجم الإنكليزي الذي يواظب على التألق مع بوروسيا دورتموند الألماني كان منذ صيف العام الماضي هدفاً أساسياً لمانشستر يونايتد الذي أراد إعادته إلى المدينة التي خرج منها لاعباً صغيراً من الغريم مانشستر سيتي ليتحوّل إلى نجمٍ كبير في ألمانيا. اليونايتد عجز عن تحقيق مبتغاه قبل عامٍ، وذلك بسبب تمسّك دورتموند بالجناح الدولي الشاب، حيث رأى وقتذاك أن لديه فرصة جديّة لإزاحة بايرن ميونيخ عن عرش «البوندسليغا». لكن بما أن هذا الأمر لم يحصل، وبما أن سانشو أبدى عدم ممانعة للرحيل رغم شعوره بالراحة وبالتقدير في النادي الألماني، انفتح الأخير على فكرة بيع لاعبه، لكنه هزّ نادي «الشياطين الحمر» بالرقم الذي طلبه وقارب الـ 100 مليون يورو.
البعض اعتبر أن هذا الأمر مزحة، وخصوصاً أن أحداً لا يستطيع دفع هذا الرقم في الوقت الحالي بعد تعثّر كل الأندية مالياً إثر جائحة «كورونا»، وهو الأمر الذي أكدته صفقات كثيرة، حيث انخفضت القيمة السوقية للاعبين، وبالتالي انخفضت الأرقام في سوق العرض والطلب، حيث بات لزاماً على الكثير من الأندية القبول بمبالغ أقل حتى لا تجد نفسها أمام مشاكل مالية وعدم قدرة على تمويل صفقاتها المستقبلية.
رفضُ ديمبيلي الانتقال إلى مانشستر يونايتد أضرّ بالأخير وببرشلونة معاً


هنا أعلن دورتموند منذ أسابيع بأن سانشو سيبقى معه، واللاعب اقتنع بالقرار الصادر عن ناديه. لكن وحده يونايتد لم يقتنع بردّ وصيف بطل ألمانيا وحاول بكل الطرق دونها المالية لجذب هدفه، فكانت الضربة القاسية بالوصول إلى الساعات الأخيرة من «الميركاتو» من دون أي نجاحٍ يُذكر.
فريق المدرب النروجي أولي غونار سولشاير خسر الكثير بعد فشله في الوصول إلى ما سعى إليه كونه يبدو بحاجةٍ ماسّة إلى ظهير كلاسيكي يمكنه التأقلم سريعاً مع أجواء الدوري الإنكليزي، وخصوصاً بعد نقل الفرنسي أنطوني مارسيال إلى قلب الهجوم، وفي ظل الاعتماد على الشاب مايسون غرينوود في مركز الجناح بعكس بداياته اللافتة مع الفريق.
لذا كان يونايتد قد وضع خطة رديفة لملء الفراغ، وذلك عبر محاولة ضم عثمان ديمبيلي من برشلونة الإسباني. لكن هنا أيضاً أخطأ الهدف، إذ لو عاد إلى الصيف الماضي لأدرك بأن الفرنسي لا يريد الرحيل عن «كامب نو»، فقد رفض أي فكرة للانتقال إلى ليفربول الإنكليزي، مصرّاً على إثبات نفسه مع الفريق الكاتالوني الذي كان قد صوّره بأنه خليفة البرازيلي نيمار، قبل أن يضيع بين مشاكل انضباطية وأخرى بدنية بسبب كثرة الإصابات التي لحقت به.
وعدم ذهاب ديمبيلي تحديداً باتجاه الشمال الإنكليزي أضرّ بمانشستر يونايتد وببرشلونة على حدٍّ سواء. أما السبب في ما يخصّ «البرسا» فهو أن الأخير وجد عجزاً كبيراً في موازنته لسنة 2020، وبالتالي لم يكن بإمكانه إبرام صفقات جديدة من دون التخلي عن لاعبين في صفوفه، تماماً كما فعل عندما باع الظهير الأيمن البرتغالي نيلسون سيميدو إلى وولفرهامبتون الإنكليزي قبل استقدامه الأميركي سيرجينيو ديست من أياكس أمستردام الهولندي.
وانطلاقاً من هذه النقطة، أفشل ديمبيلي صفقة انتقال ممفيس ديباي إلى برشلونة، وهو ما شكّل ضربة لحسابات المدرب الجديد الهولندي رونالد كومان الذي كان قد وضع مواطنه هدفاً أوّل له، لا بل إنه ضحّى بالهدّاف الأوروغوياني لويس سواريز، معتبراً أن نجم ليون الفرنسي هو ضالته المنشودة للعب في مركز رأس الحربة رغم أنه سجّل بداياته متألقاً في مركز الجناح!
وفي إسبانيا، ذكرت الصحف في أكثر من مناسبة بأن ديباي أصبح في المطار بعدما حزم حقائبه متجهاً إلى المدينة الإسبانية المتوسطية، وذلك بعدما صارح ليون برغبته في الرحيل وموافقة الأخير على مضض على مبلغٍ قارب الـ 25 مليون يورو لإتمام الصفقة رغم أنه كان مصرّاً بأن لاعبه يُقدّر بقيمةٍ أكبر.

(أ ف ب )

عدم مجيء ديباي إلى برشلونة قد لا يُعدّ خسارةً كبيرة بحسب رأي الكثير من الخبراء والمراقبين، كونه غير قادر على تعويض سواريز في المركز نفسه، وخصوصاً بسرعةٍ كبيرة بالنظر إلى اختلاف الكرة الإسبانية عن نظيرتها الفرنسية أو الهولندية، وقد ثبُت هذا الأمر بعد انتقاله إلى مانشستر يونايتد من «بي أس في أيندهوفن» حيث عجز عن الارتقاء إلى مستوى نسق اللعب ومتطلبات المباريات في إنكلترا قبل أن ينقذ مسيرته بالانتقال إلى فرنسا حيث الدوري أقل مستوى.
لكن رغم الأخذ بهذا الاعتبار لا بدّ من الإشارة إلى أن «البرسا» تضرر بعدم إنهائه صفقة ديباي، كونه أصبح بلا أي مهاجمٍ حقيقي إذا ما توقفنا عند المركز المحوري في خط المقدمة، والدليل على ذلك أن كومان وضع نجم الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي في هذا المركز استناداً إلى الرسم الاستراتيجي لتشكيلته التي خاضت اللقاء أمام إشبيلية في نهاية الأسبوع الماضي. وقد بدا جليّاً في تلك المباراة بأن ميسي لا يبرع في مركز الرقم 9 الوهمي ولا يحب أصلاً التواجد في العمق وحيداً، ما دفعه في الكثير من الأحيان للعودة إلى الخلف لتسلّم الكرات، على غرار حالة الهدف التي مرّر خلالها الكرة إلى البرازيلي كوتينيو. وهذه المسألة تعني أن برشلونة سيفتقد إلى لاعبٍ في منطقة جزاء الخصم التي تبقى فارغة من دون إضافة هجومية.
إذاً انتهى وقت «الميركاتو» وبات لزاماً على الأندية التي فشلت في الوصول إلى مبتغاها العمل وفق حسابات فشلها في السوق قبل أن يفتح السوق بابه الشتوي، حيث قد يكون التعويض حاضراً لسدّ الثغر والحاجات إذا لم يكن قد فات الأوان.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا