جاءت عقوبة مانشستر سيتي بعد تحقيقٍ قام به الاتّحاد الأوروبي على خلفية الوثائق التي نشرتها مجلة «دير شبيغل» عام 2018، والتي أثبتت صحة «فضائح» العديد من الأندية منها مانشستر سيتي. الكثير من المستندات المالية «غير النظيفة» أظهرتها المجلة حينها، مستندةً إلى تسريبات مقرصن إلكتروني يدعى روي بينتو يمتلك أكثر من 70 مليون وثيقة من المعطيات الفاضحة للأندية بحسب التقديرات الإعلامية. بعد التحقيق من قِبل الهيئة المالية للاتّحاد الأوروبي، تمّت إدانة النادي بتضخيم الإيرادات بشكل مزيّف عند عملية الامتثال أمام قوانين اللعب المالي النظيف «FFP»، حيث تبيّن أن جزءاً كبيراً من رعاية النادي الضخمة (قرابة 68 مليون جنيه استرليني) يتمّ تمويله من مالك النادي الشيخ منصور، في حين كان السيتي يدّعي أن الأموال تأتي من عائدات الملعب وبيع القمصان. ومن المعروف أن قوانين «FFP» وُضعت للحؤول دون إفلاس الأندية، عبر تقييد الإفراط في المصاريف لتمكّن النادي من تغطية الخسائر. مع تمويل الشيخ منصور لعقود الرعاية من ماله الخاص، اعتبر الاتّحاد الأوروبي أن هذه الخطوة تُعتبر بمثابة خداع، وهو ما يوجب معاقبة النادي.مقابل ذلك، اعتبر مانشستر سيتي أن القرار أثار خيبة أمل كبيرة، مؤكّداً أنه سيستأنف القرار أمام محكمة التحكيم الرياضي في أقرب فرصة.

مصير مجهول
وأثارت «الفضيحة» جدلاً كبيراً في الأوساط الكروية حول ما سيحدث للنادي بعد هذا القرار، كما طُرحت أسئلة عن إمكانية وجود أندية أخرى متورّطة في التلاعب المالي. وفي حال تمّ رفض الاستئناف، فإن النادي الإنكليزي معرّض للكثير من المشاكل التي قد تنقص من أسهمه في بورصة كبار الأندية على الصعيد المحلي والأوروبي. ولعل أبرز المشاكل التي ستواجه النادي، هي مستقبل المدرب الإسباني بيب غوارديولا.
سبق للمدرب الإسباني أن أوضح رغبته في البقاء مع النادي حتى انتهاء عقده عام 2021 على أقل تقدير، غير أن العقوبة الأخيرة قد تغيّر من قراره أو حتى من قرار النادي. خلال إشرافه على تدريب السيتي، عرف النادي نجاحات كبيرة انحصر جميعها ضمن الدائرة المحلية. في موسم 2017 - 2018، أصبح مانشستر سيتي النادي الإنكليزي الوحيد الذي يتوّج بلقب الدوري محققاً 100 نقطة. تبعه في الموسم الماضي بلقبٍ آخر، إضافةً إلى تتويجه بالكأسين المحليين ليصبح بذلك النادي الأول الذي يفوز بالكؤوس المحلية كافة خلال موسمٍ واحد. النجاحات المحلية البارزة قابلها فشل أوروبي كبير تمثّل بعدم التتويج في بطولة دوري أبطال أوروبا، رغم اعتبارها السبب الأبرز وراء استقدامه من قِبل الإدارة إلى ملعب الاتّحاد. في الأسبوع الماضي، صرّح غوارديولا أنه قد يتعرّض للإقالة في حال عدم تتويجه بدوري الأبطال برفقة مانشستر سيتي هذا الموسم. وفي ظلّ حرمان النادي من المشاركة الأوروبية لموسمين مقبلين، سيسعى المدرب الإسباني جاهداً للتتويج بلقب هذه النسخة، رغم صعوبة المهمة التي يستأنفها باختبار صعب أمام ريال مدريد في دور الـ16.
جاءت العقوبة بعد تحقيق للاتّحاد الأوروبي على خلفية وثائق نشرتها مجلة «دير شبيغل» عام 2018


غوارديولا ليس الوحيد المهدّد بالمغادرة، إذ تمتدّ القائمة لتشمل أبرز لاعبي النادي. في ظلّ الأوضاع الراهنة، قد يقرّر اللاعبون الرحيل إلى أندية أخرى مشاركة في دوري الأبطال، مع وجود احتمال أن يستغني عنهم النادي لمواجهة الخسائر بفعل نقص عائدات دوري الأبطال. وبحسب المحامي الرياضي البارز جون مهرزاد، يحقّ للاعبين مغادرة النادي من دون مقابل أو طلب شروط مالية محسّنة من أجل البقاء، نظراً إلى انتهاك النادي «ثقة» عقود اللاعبين. وقد غرّد مهرزاد على تويتر قائلاً: «يمكن القول إن مانشستر سيتي خرق عقود لاعبيه بشكل جوهري، ما يمكّنهم من الخروج من النادي أو السعي للحصول على شروط مالية أفضل للبقاء. باستطاعة نجوم الفريق أن يجادلوا النادي على انتهاجه سياسة دمرت قدرتهم على اللعب في دوري الأبطال لمدة موسمين، ما يجعل اللاعبين قادرين على أن يزعموا بأن عقودهم تم تقويضها بشكل أساسي». ثم أضاف: «إذا أراد اللاعبون فسخ عقودهم مع النادي، سيتوجب عليهم إقناع «FIFA» بأن لديهم سبب عادل لإنهاء عقودهم مع النادي».
على الجانب الآخر، شكلت «مصيبة» مانشستر سيتي خبراً جيداً للمنافسين الإنكليز على المقاعد المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. ففي حال حصل مانشستر سيتي (يحتل المركز الثاني في الدوري) على مركز بين الأربعة الكبار مع نهاية الموسم، سيشارك صاحب المركز الخامس في دوري الأبطال الذي يحتله حالياً نادي شيفيلد يونايتد، ما يعطي أملاً مضاعفاً للأندية القادمة من الخلف على رأسها مانشستر يونايتد وتوتنهام.