منذ مباراة نصف النهائي في بطولة كوبا أميركا الأخيرة التي أقيمت في البرازيل، ومنتخب الأرجنتين تبدو عليه ملامح التحسّن. خسارة المباراة أمام أصحاب الأرض كانت قاسية على زملاء قائد «الآلبي سيليستي» ليونيل ميسي، الذين قدّموا كل ما لديهم خلال اللقاء حينها. الأرجنتين كانت الطرف الأفضل والأحق في بلوغ المباراة النهائية أمام البيرو. لا يمكن إنكار أن المدرب الجديد ليونيل سكالوني هو السبب الأساسي خلف الأداء الذي يقدّمه المنتخب الأرجنتيني حالياً، فمنذ تسلّمه زمام الأمور خلفاً للمدرب المقال خورخي سامباولي، والشمس أصبحت ساطعة أكثر من أي وقت مضى في قلب العلم الأرجنتيني، على الأقل في السنوات الخمس الماضية.مباراة المنتخب الأرجنتيني الوديّة في السعودية أمام المنتخب البرازيلي، أكّد من خلالها المدرب سكالوني أن ما يملكه من أفكار يضعه في خانة المنافسين على لقب كوبا أميركا المقبل في 2020. فوز بنتيجة (1-0)، ليس كل ما أنجزه المنتخب الأرجنتيني في المباراة أمام الـ«سيليساو»، بل إن الجزئيات التي حدثت خلال اللقاء كانت أكبر من النتيجة، وأكبر من كل الأرقام التي قدّمها الأرجنتينيون.
عجز رجال المدرب «تيتي» عن اختراق خط دفاع قوي وصلب ومتماسك. دفاع أرجنتيني يتمثّل بنيكولاس أوتامندي مدافع مانشستر سيتي الإنكليزي، جيرمان بيتزيا مدافع فيورنتينا الإيطالي، الظهير الأيسر لأياكس أمستردام نيكولاس تاليافيكو والظهير الأيمن لنادي توتنهام الإنكليزي خوان فويث. على الورق، لا يمكن إعطاء أي من هؤلاء المدافعين العلامة الكاملة، فكل من فويث وأوتامندي ليسا ضمن التشكيلة الأساسية في كل من توتنهام والسيتي، كما أن الثنائي بيتزيا وتاليافيكو لا ينشطان في أندية كبيرة، فالأول مع فيورنتينا، والثاني في أياكس. هنا يمكن ملاحظة الدور الكبير للمدرب سكالوني، الذي تمكّن من إيجاد توليفة مميزة بين هذه الأسماء.
يستمر غياب باولو ديبالا عن منتخب التانغو


نقطة إيجابية أخرى تحسب لسكالوني، وهي الثبات على ثلاثي في خط الوسط، المتمثل بلاعب الـ«بي أس جي» لياندرو باريديس، جيوفاني لو سلسو لاعب توتنهام وريال بيتيس السابق، ورودريغو دي بول لاعب أودينيزي الإيطالي. ثلاثي خط الوسط هذا، لم تكن أقدام اللاعبين فيه لتلمس عشب الملعب خلال الفترة التي كان فيها سامباولي مدرباً للمنتخب الأرجنتيني. سكالوني عرف ما لديه من أدوات، والجزء الأهم أنه عرف ماذا يستخدم من هذه الأدوات. من بين الأشياء الإيجابية التي ظهرت خلال مباراة الـ«سوبر كلاسيكو»، أداء لو سيلسو. لاعب ريال بيتيس السابق، قدّم مباراة بطولية، إن كان على صعيد افتكاك الكرة أو على الصعيد الهجومي وخلق الفرص. خفف لاعب توتنهام الكثير من الحمل الزائد عن كتفي ليو ميسي، إذ أصبح هناك صانع ألعاب آخر على أرض الملعب، بعيداً عن ميسي. الأمر عينه بالنسبة الى باريديس، موهبة نادي إمبولي الإيطالي، الذي انتقل إلى زينيت الروسي ومن ثم إلى باريس.
باريديس قدم مباراة مميزة. دفاعياً، لم يغفل عن أي كرة، وكأنه في جميع أرجاء الملعب، مقاتل ومحارب ومن اللاعبين الذي يحتاج إليهم أي مدرب في تشكيلته. ومن النقاط الإيجابية أيضاً التي تحسب لسكالوني، فهي تتمثل بالاعتماد على مهاجم إنتر ميلانو الإيطالي لاوتارو مارتينيز. الأخير، يقدّم موسم حياته حالياً برفقة «النيراتزوري»، وها هو يثبت نفسه على حساب مهاجمين من العيار الثقيل، ولهم تاريخهم مع المنتخب الأرجنتيني، الحديث هنا عن غونزالو هيغوايين، سيرجيو أغويرو وماورو إيكاردي.
يبقى السؤال الوحيد الذي ربما لن يجد له أحد إجابة في المستقبل القريب، وهو ما سبب تهميش الموهبة المميزة الخاصة بنادي يوفنتوس، باولو ديبالا. الأخير، نشر صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي تجمعه بقائد المنتخب ونجم برشلونة ليونيل ميسي، وهما يبتسمان. في السابق، نقلت بعض المصادر أخباراً عن أن السبب الرئيسي خلف عدم مشاركة ديبالا هو ميسي، نظراً إلى تشاركهما المركز عينه. ديبالا، في الموسم قبل الماضي مع يوفنتوس، نشط في مراكز عدّة، ومن بينها مركز الجناح الأيمن، الذي برع فيه كما في غيره من المراكز. ما مشكلة ميسي مع ديبالا؟ وهل هي واقع لا يمكن التغاضي عنه؟
يؤكد العديد من المصادر أن على المدرب سكالوني أن يجد حلاً لهذه المشكلة، فمستقبل اللاعب مع منتخب «التانغو» بات مهدداً، ولا يجب المضيّ بسياسة التهميش التي اعتمدها المدرب سامباولي. الوقت سيظهر كل شيء.