رغم تصنيفه بين الدوريات الأوروبية الكبرى، إلا أن الدوري الفرنسي لا يزال خامساً على قائمة دوريات القارة العجوز، خلف كل من الدوري الإنكليزي، الإيطالي، الإسباني والألماني. عوامل عديدة ساهمت في انخفاض أسهم الـ«ليغ 1» في الكرة الأوروبية أخيراً، كان أبرزها التفاوت الكبير في الاستثمار بين نادي باريس سان جيرمان وباقي الأندية الفرنسية، أما النتيجة، فقضت بتحويل الدوري إلى سباق مملّ ينتهي معظم الأوقات بفوز الـ«حصان» الباريسي. أخيراً، دخل رأسمال ضخم إلى الـ«ليغ 1» من بوابة نادي مدينة نيس الجنوبية، بعد أن انتقلت ملكية النادي إلى مجموعة «إينيوس» البريطانية. خطوة كبيرة يأمل منها القيمون على الاتحاد الرياضي في فرنسا، تحسين قطاع كرة القدم، لينافس باقي الدوريات الكبرى. الأمر مرتبط بالسياسة المعتمدة من الملاك الجدد.يعاني الدوري الفرنسي لكرة القدم من مشاكل عديدة، تحول دون تصنيفه بين أفضل الدوريات. بفعل انعدام التنافسية، وعدم شغف الجماهير المحلية بكرة القدم، يعتبر الدوري الفرنسي الممتاز الأقل بالنسبة للحضور الجماهيري مقارنة بالدوريات الكبرى. وتنفرد أندية باريس سان جيرمان، مارسيليا، ليون وليل بطليعة الأندية التي تتابعها الجماهير، برقم يفوق الـ30.000 في المباريات التي تُلعب على أرضها. أما بالنسبة إلى باقي الأندية، تختلف هذه النسبة بحسب أهمية كل مباراة. الإقبال الجماهيري القليل، وما تبعه من انخفاض في عائدات النقل التلفزيوني، أثّر سلباً على عائدات الأندية الفرنسية. هكذا، تراجع الـ«ليغ 1» في سلم أكثر الدوريات مشاهدةً على الصعيد العالمي، ليأتي خلف دوريات حديثة النشأة، كما الحال في الدوري الأميركي. أثبتت التجربة في الولايات المتحدة الأميركية نجاحها، بعد أن استثمرت أغلب الأندية لاستقدام نجوم الكرة الأوروبية. رغم قدوم أغلب هؤلاء اللاعبين في نهاية مسيرتهم، ارتفع معدل الحضور الجماهيري المحلي، ما رفع بالتالي من أسهم الدوري الأميركي في بورصة كرة القدم العالمية. بفعل الاستثمار الصحيح، حقق المشروع الأميركي نجاحاً باهراً في سنوات قليلة، تماشياً مع الخطوات التي اتّخذها القيمون على الدوري الأميركي لكرة القدم منذ مطلع الألفية الجديدة، لإبرازه في الأوساط الرياضية. رؤوس أموال كبيرة استُثمرت في هذا القطاع، كان آخرها نجم كرة السلة الأميركية جايمس هاردن، الذي اشترى حصة في المجموعة التي تضم فريقَي «هيوستن دينامو» الذي يلعب في «MLS»، و«هيوستن داش» الذي يلعب في ​الدوري الأميركي لكرة القدم​ للسيدات، إضافة إلى ملعب «BBVA». هكذا، تحولت اللعبة في أميركا إلى سوق استثماري يدرّ الكثير من العائدات، وهو ما يسعى إليه القيمون على الدوري الفرنسي.
قبل أيام قليلة استحوذ رئيس مجموعة «إينيوس» البريطانية جيم راتكليف على مُلكية فريق نيس الفرنسي، في خطوة أولى تصبّ في مصلحة النهوض بالكرة الفرنسية. يعدّ راتكليف من أثرى أثرياء المملكة المتحدة، وتقدّر ثروته بنحو 18,15 مليار جنيه استرليني. ونقل النادي الجنوبي في بيان عن راتكليف قوله: «كان المسار طويلاً للوصول إلى هنا، لكن كنا مصممين على إنجاز عملية شراء النادي». وتابع: «من خلال استثمار منطقي ومدروس، نريد أن نجعل من نيس نادياً قادراً على المشاركة بشكل منتظم في المسابقات الأوروبية، وأن يكون على وجه الخصوص قادراً على تقديم الأداء المطلوب في المنافسات». مع الرغبة الواضحة للمالك الجديد بوضع نيس على الطريق الصحيح، لن تنحصر المنفعة بالفريق الجنوبي فحسب، بل قد تنعكس إيجاباً على الدوري الفرنسي ككل. الأمر مرتبط أولاً بسياسة إدارة النادي المعتمَدة، ومدى جدية المالك الجديد بفرض نيس كمنافس دائم على الألقاب.
لن تنحصر المنفعة بالفريق الجنوبي فحسب بل قد تنعكس إيجاباً على الدوري الفرنسي ككل


قبل الطفرة المالية القطرية في باريس، فرض الدوري الفرنسي نفسه كأحد أكثر الدوريات الأوروبية تنافسيةً، إذ شهدت الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2012 تتويج 5 أندية مختلفة بالدوري الفرنسي، هم ليون بوردو مارسيليا ليل ومونبيلييه. بعدها، ولد النادي الباريسي من رحم الاستثمار القطري، وسيطر على الدوري المحلي بعد أن تُوج بـ6 ألقاب من أصل 7 ممكنة، خرقها نادي موناكو عام 2016. استثمارات كبيرة قام بها نادي باريس سان جيرمان، جلب إثرها العديد من نجوم الكرة العالمية، على غرار نيمار دا سيلفا، نجم برشلونة السابق. رغم البذخ في عملية الاستثمار، لم يتحسن الدوري الفرنسي مطلقاً، بل خسر عامل التنافسية بفعل اتّساع الهوّة بين النادي الباريسي وباقي الفرق. تفاقمت بعدها عواقب الاستثمار العشوائي، بعد أن فشل النادي الباريسي في تحقيق أيّ نجاح يُذكر خارج النطاق المحلي.
فور امتلاكه نادي باريس سان جيرمان، صرّح رئيس النادي ناصر الخليفي أن الهدف الأول هو تتويج النادي الباريسي بدوري أبطال أوروبا. انتهت المدة ولم يتمكّن «بي أس جي» من بلوغ مراكز متقدمة في البطولة حتى. رغم امتلاكه منظومة متكاملة، فشل باريس سان جيرمان في العديد من الاختبارات الأوروبية، بعد أن تعوّد على نسق تنافسيّ ضعيف في الدوري المحلي مقارنة بالتنافسية السائدة في دوري الأبطال، ما حال دون تألقه في البطولة. مع وجود ملياردير جديد في الدوري الفرنسي، بطموح يهدف لمقارعة باريس سان جيرمان، سيتحسّن هذا الأخير، خاصة على الصعيد الأوروبي. تعزّز المنافسة المحلية دائماً من عقلية الفرق. ظهر ذلك جلياً في الدوري الفرنسي عام 2016، عندما برز نادي موناكو كمنافس شرس لنظيره الباريسي. لم يقتصر إنجاز موناكو على التتويج باللقب الفرنسي حينها، بل وصل إلى دور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا، بعد أن طورت التنافسية المحلية من مواهب فريق الإمارة لتتلاءم مع متطلبات دوري الأبطال. الاستثمار الصحيح في الدوري الفرنسي، سيزيد من التنافسية، خاصة مع تحفيز المواهب المحلية للبقاء، والحؤول دون التوجه للاحتراف في الخارج.
معايير كثيرة قد تتغيّر في السنوات المقبلة، من شأنها رفع النسق في الدوري الفرنسي. الأمر مرتبط بدايةً بسياسة نادي نيس المتبعة، وما ستعكسه على جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الكرة الفرنسية. هي البداية لا أكثر، المشروع قد يطول لسنوات عديدة، غير أنّها الخطوة المثلى لنهوض الدوري الفرنسي من جديد.



ليون وليل يفتتحان المرحلة الخامسة


يأمل كلّ من ليون وليل استغلال مباراتيهما اليوم في افتتاح المرحلة الخامسة من الدوري الفرنسي لكرة القدم من أجل التحضير بأفضل طريقة لما ينتظرهما الثلاثاء في مستهل مشوارهما في مسابقة دوري أبطال أوروبا.
ويدخل ليون وليل مباراتيهما ضد أميان وأنجيه على التوالي بمعنويات مهزوزة، إذ يعاني الفريقان في مستهل الموسم الجديد، حيث فشل الأول في تحقيق الفوز خلال المرحلتين الماضيتين قبل عطلة المباريات الدولية، فيما خسر الثاني مباراتين من الأربع التي لعبها حتى الآن. ليل يلتقي أنجيه الساعة 20:00 بتوقيت بيروت، وليون يحلّ ضيفاً على اميان الساعة 21:45.