في مُستهل مبارياته ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس أوروبا «يورو 2020» حقق المنتخب الفرنسي فوزاً كبيراً على مولدوفا بأربعة أهداف لهدف واحد. اليوم يستضيف منتخب الديوك نظيره المنتخب الآيسلندي (الساعة 21:45 بتوقيت بيروت). المهمة على الورق تبدو سهلة لأبطال العالم. مشكلة الكرة الفرنسية اليوم ليست في النتائج، بل في مزاج اللاعبين الصعب والمتقلب، وربما السبب يكون «الدلع» الزائد.بعد خيبة النسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبيّة «uefa nations league»، وخروج المنتخب الفرنسي، وعدم تمكّنه من التأهل إلى الدور نصف النهائي، يستعد أبطال العالم من جديد، لخوض تجربة قارية أوروبيّة جديدة في 2020، تتمثّل بنهائيات «اليورو». فاز الفرنسيون في المباراة الأولى من التصفيات المؤهلة إلى اليورو، وهم يستعدون لمواجهة آيسلندا، في المباراة التي ستحتضنها العاصمة الفرنسية باريس على «استاد دو فرانس»، وستكون الجماهير الفرنسية حاضرة لمؤازرة منتخبها الوطني، المنتخب الذي عوّض هذه الجماهير خيبات أمل فرق الدوري المحلية، والحديث هنا عن النادي الباريسي، باريس سان جيرمان.
النادي الأخير، أدى دوراً كبيراً في التغيّر الذي طرأ على شخصيّة اللاعبين الفرنسيين وغير الفرنسيين وثقافتهم، بعدما ارتدوا القميص الخاص به. كيف ذلك؟
الجميع يعلم من هو اللاعب الشاب كيليان مبابي، النجم الفرنسي الصغير الذي خطف كل الأضواء بعد صفقة انتقاله من نادي الإمارة الفرنسية موناكو، وصولاً إلى نادي العاصمة. تغيّر مبابي، تماماً كما تغيّر لاعبون سبقوه، عندما ارتدوا هذا القميص. أصبح مغروراً، يسجّل الكثير من الأهداف ويحتفل بطرق غريبة، لم يكن يقوم بها عندما كان في موناكو، ربّما للشهرة دور في هذا الأمر، إلّا أن الدور الأكبر في إظهار هذه الشخصيّة المغرورة، هو الـ«بي أس جي» عينه. سطوة النادي الباريسي على باقي الفرق الفرنسية في الدوري المحلّي، والفارق الكبير في إمكانات باريس سان جرمان وأبرز الفرق الفرنسية المتصارعة على المراكز الأربعة الأولى كمرسيليا وليون ومونبيلييه وليل وغيرها، أسهمت ربما بظهور هذه الثقافة لدى اللاعبين.
أدّت هذه الهوة الكبيرة، إلى شعور بعض لاعبي باريس بأنهم أقوى وأفضل من الفرق الأخرى، وهذا ما ولّد بطبيعة الحال، الـ«أنا» الضخمة جداً لدى لاعبي النادي المملوك من شركة قطر للاستثمارات، ويرأسه رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي. هذه الـ«أنا»، تتحوّل إلى «بالون كبير»، في المحافل الأوروبية، على اعتبار أن عدم الاحتكاك بفرق متقدّمة على الصعيد الفني في الدوري المحلي أو الكأس، يُسهم في هذا الفشل المتكرر الذي يصيب باريس سان جرمان في كل نسخة من دوري أبطال أوروبا، وأكبر دليل على ذلك، ما حدث في المباراة الأخيرة للـ«بي أس جي» في دوري الأبطال أمام مانشستر يونايتد قبل أسابيع قليلة.
مسؤولية الجهاز الفني للمنتخب الفرنسي أن يضبط اللاعبين


مبابي، أخذ الكثير من شخصيّة لاعب، أو إذا صح التعبير، من «ضحيّة» سابقة لهذا النظام الباريسي، وهو نيمار. اللاعب البرازيلي الذي كان يرى فيه الجميع مشروع نجم فوق العادة، ووريث للاعبين كبار في المنتخب البرازيلي، غيّر حياته رأساً على عقب منذ انتقاله المفاجئ من برشلونة الإسباني إلى العاصمة الفرنسية. اللاعب كان شبه منضبط في القلعة الكاتالونية، في ظل وجود أسماء كتشافي هيرنانديز وإنييستا وليونيل ميسي، الذين وقفوا كالسد في وجه بعض الحركات الـ«صبيانية» التي كان يقوم بها في موسمه الأول مع برشلونة. في باريس، الأمر مختلف تماماً، على الأقل في السنة الأولى التي قدم فيها إلى حديقة الأمراء (نظراً لتغيّر عقليته نوعاً ما في المواسم اللاحقة، وتحديداً هذا الموسم)، كان هو الآمر الناهي في الفريق، نظراً لقيمته الفنية، وطبعاً لقيمة الصفقة التي أحدث ثورة كبيرة في سوق الانتقالات حينها، بعد أن وصلت إلى 222 مليون يورو. الحالة التي مرّ بها نيمار، يمرّ بها الآن مبابي، الذي بدوره بلغت قيمة صفقة انتقاله ما يفوق 160 مليون يورو بقليل، يحمل على كتفيه هذا المبلغ الكبير، ويحاول كل يوم إثبات أحقيته بهذه القيمة. 25 هدفاً في الدوري المحلي هذا الموسم لمبابي، إلّا أن كل هذه الأهداف لم يستطع من خلالها اللاعب الشاب أن يؤهّل فريقه إلى الدور ربع النهائي من دوري الأبطال.
مبابي، كيمبيمبي، أدريان رابيو، لايفن كورزاوا، هم ضحايا الفريق الباريسي الذين ينشطون فيه، فلا يوجد تطوّر في المسيرة الرياضية لهؤلاء اللاعبين، إذا ما قرروا الاستمرار في باريس. ومن قرر منهم الرحيل، سيتلقّى عقوبات فنية لن يتوقعها ولم يكن ليتوقّعها، تماماً كما حدث مع رابيو، الذي أصبح يتدرّب مع الفريق الثاني في باريس، وكل ذلك، بسبب معرفته المسبقة بأن مستقبله مع الفريق الباريسي لن يكون جيّداً، وقرر الرحيل عن حديقة الأمراء، لكن الأمر لم يعجب الإدارة التي فرضت عليه عقوبات، لتخرج والدته قبل أيّام وتقول ان ابنها «محجوز» مع باريس سان جيرمان.
هذه العقلية قد تنتقل إلى المنتخب الفرنسي الأوّل من خلال اللاعبين الذين يلعبون لنادي العاصمة، وأوّلهم مبابي. الأمور حتى الآن لا تزال تحت السيطرة، ولكن ربما لقب جديد للمنتخب يجعل اللاعبين يصابون بجنون العظمة. فاز المنتخب بكأس العالم، ولكنه عاد إلى أرض الواقع في دوري الأمم الأوروبية. الأمر بالتأكيد يقع على عاتق الجهاز الفني والمدرب ديديه ديشان، الذي عليه إيقاف أي لاعب يسعى إلى التمرد، أو يشعر بأنه فوق الجميع. مباراة جديدة ستشكل اختباراً للفرنسيين، أمام منتخب آيسلندي معروف بقوّته البدنية، وصراعه حتى النهاية.



إنكلترا لتأكيد التفوق والبرتغال لاستعادة الثقة


بعد أن استهلت منافسات المجموعة الأولى بفوز كاسح بين جماهيرها في «ويمبلي» على تشيكيا بخمسة أهداف نظيفة، تحل إنكلترا (اليوم 21:45 بتوقيت بيروت) ضيفة ثقيلة على مونتينيغرو، باحثة عن مواصلة وتيرتها التي بدأتها بالوصول إلى نصف نهائي مونديال روسيا 2018، ثم التأهل إلى دور الأربعة للنسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية. ويعوّل «الأسود الثلاثة» بقيادة غاريث ساوثغيت كثيراً على نسخة 2020، في محاولة الفوز باللقب القاري الأول لهم، ولا سيما أن مباريات نصف النهائي والنهائي ستكون على ملعبهم «ويمبلي» في هذه النهائيات التي ستقام في 12 مدينة احتفالاً بالذكرى الستين لانطلاق البطولة القارية.
وستكون مواجهة اليوم الأولى منذ 2013 بين الإنكليز ومونتينيغرو، المتعادلة في مباراتها الأولى مع مضيفتها بلغاريا (1-1). حينها، تعادل المنتخبان (1-1) ذهاباً، وفازت إنكلترا إياباً على أرضها (4-1) في تصفيات مونديال 2014. وسبق للمنتخبين أن تواجها في تصفيات كأس أوروبا 2012 التي كانت الأولى لمونتينيغرو بعد الاستقلال عن صربيا، فتعادلا من دون أهداف، ومن ثم (2-2).
وسيكون لاعبو المنتخب البرتغالي، حامل اللقب، وقائدهم كريستيانو رونالدو، العائد إلى أبطال 2016 للمرة الأولى منذ ثمن نهائي مونديال روسيا في حزيران/يونيو الماضي، أمام اختبار صعب ثانٍ على أرضهم بمواجهة صربيا في التوقيت ذاته، بعد أن اكتفوا بتعادل سلبي مع أوكرانيا الجمعة في لشبونة. وبعد الجولة الأولى، كان مفاجأةً أن تتصدّر لوكسمبورغ المجموعة الثانية بعد فوزها على ليتوانيا (2-1)، أمام البرتغال وأوكرانيا وصربيا التي تخوض اليوم مباراتها الأولى. وستحاول لوكسمبورغ المحافظة على مركزها عندما تستضيف أوكرانيا ومدربها أندريه شيفتشنكو.