لطالما كانت جماهير كرة القدم تنتظر لقاء أياكس أمستردام الهولندي مع ريال مدريد الإسباني في دوري أبطال أوروبا. ما هو مختلف هذه السنة، هو أن مستوى كل من الريال وأياكس متقارب، أو بمعنى أدق، تراجع مستوى ريال مدريد في الموسم الحالي، أدّى إلى تضييق الفجوة الفنية بين النادي الملكي وفريق يوهان كرويف التاريخي. وعلى سيرة التاريخ، أطفال ومراهقي الجيل الحالي، لا يعلمون بأن النادي الهولندي يمتلك في جعبته 4 ألقاب لأمجد البطولات الأوروبية. إذاً، ستضم مواجهة اليوم 17 لقباً لدوري الأبطال، والتي سيجمعها ملعب «يوهان كرويف».مما لا شك فيه أن النادي الملكي، أو بمعنى أدق، المدرب الأرجنتيني سانتياغو سولاري، قد لقي خلال الشهر الأخير، وبعد طول انتظار، التشكيلة التي أعطت ريال مدريد التوازن. نتائج الفريق بدأت بالتحسن تدريجياً، وتوّجت هذه النتائج بتعادل ثمين في الكامب نو أمام برشلونة في ذهاب نصف نهائي كأس الملك، وفي الفوز المثير والمهم في الوقت عينه في «الدربي» أمام أتلتيكو مدريد، وفي معقله «واندا ميتروبوليتانو». تشكيلة اعتمد فيها سولاري، بشكل أساسي، على عامل الثبات، حيث إن الأسماء لم تتغيّر في كثير من المناسبات. الشاب البرازيلي، الذي فاز بقلوب مشجعي «الميرنغي» قبل فوزه بثقة سولاري، يقدّم أداءً مميزاً نسبة إلى صغر سنه (18 عاماً). فينيسيوس، يعد الشعلة التي أضاءت ظلمة مدريد من جديد، بعد أن كان الفريق قد عاش أيّاماً صعبة، أدّت إلى إقالة المدرب السابق للفريق الإسباني جولين لوبيتيغي. ما يبقى محط شك في الصندوق المدريدي، هو الويلزي غاريث بايل، اللاعب المميز الذي كان يسجّل هدفاً تلو الآخر عندما كان في «الوايت هارت لاين» مع توتنهام. ها هو اليوم ينحدر مستواه بشكل ملحوظ، وهو ما أدّى إلى خسارته مركزه الأساسي، والاعتماد على الجناح الإسباني الذي يقوم بوظيفته بشكل جيد من دون زيادة أو نقصان لوكاس فاسكيز. تكثر الأحاديث عند ذكر النادي الملكي عمن سيخلف رونالدو، وربّما هذه المشكلة الأكبر التي يعاني منها النادي حالياً، والتي تتحمّل الجزء الأكبر من مسؤوليتها الصحافة المدريدية، والمقصود هنا كل من الـ«آس» و«ماركا». كيف؟ كل الأسئلة التي تطرحها الصحافة اليوم، من هو هذا اللاعب المنتظر؟ من سيقود مدريد من جديد؟ هنا، وبطريقة ما، سيشعر اللاعبون بنقص في الثقة، نظراً إلى اهتمام الصحافة بهذا الأمر أكثر من اللازم. العكس تماماً يحدث الآن في فرق أخرى، والتي مع شرائها لاعباً مميزاً جديداً، لا يشعر اللاعبون بأن الإدارة اضطرت إلى التعاقد مع هذا اللاعب أو ذاك، بسبب وجود فراغ ما. على سبيل المثال، محمد صلاح وفريق ليفربول.
على الجهة المقابلة، هناك أياكس أمستردام، «فخامة الاسم تكفي». لا يمكن لأي متابع لكرة القدم أن لا يحترم أسلوب هذا الفريق، وفلسفته. ناد خرّج العديد من النجوم، ويمتلك مدرسة (أكاديمية) من بين الأفضل في العالم. يمتلك اليوم فريق المدرب الهولندي إيريك تن هاغ، أسماء صغيرة في السن، كبيرة في العطاء والموهبة، وتتصارع كبار الفرق الأوروبيّة عليها. دافيد نيريس الصغير البرازيلي، حكيم زياش المغربي، فرنكي دي يونغ الهولندي (لاعب برشلونة الجديد ابتداءً من الموسم المقبل)، ماتياس دي ليخت المدافع الصلب، وغيرها من الأسماء، التي تجعل المتابع يحترم هذه المدرسة وهذا النهج الذي تتّبعه إدارة هذا النادي العريق. أضف إلى ذلك، طريقة اللعب التي لم تتغيّر منذ أيام الراحل كرويف، الكرة الشاملة الهولندية، التي تعتمد على «اللامركزية» في الأداء، والهجوم المستمر والضغط العالي، مهما كان الخصم، ويمكن توجيه السؤال لبايرن عن هذه الطريقة، التي لم يستطع من خلالها فريق المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش الفوز على النادي الأعرق هولندياً.
ستكون مباراة اليوم (21:45 بتوقيت بيروت) على ملعب «يوهان كرويف» بمثابة تحدّ للفريقين؛ الأول يريد إثبات أن الأموال لا تعطي فريقاً، بل إن العمل الجاد هو الذي يصنع المجد. والثاني يريد إثبات أمر خاص به، وهو عودة شخصيّة ناد، لطالما كانت هذه البطولة بطولته المفضّلة، والتي يقدم فيها الفريق كل أوراقه، من أجل الوصول إلى هدف واحد، النجمة الرابعة عشرة، ولو أن هذا الموسم يبدو أن الأمور ستكون أصعب من السنوات التي مضت. الجدير بالذكر أن تقنية الفيديو «VAR» ستكون حاضرة من دور الـ16 لدوري الأبطال.