كثيرون سبقوه إلى هذا العالم، ولكن يبقى البرتغالي جوزيه مورينيو من أكثر الشخصيات إثارة للجدل خلال السنوات الماضية في عالم كرة القدم. سيكون مدرب مانشستر يونايتد السابق حاضراً في استديو التحليل لمباراة قطر والسعودية المقررة يوم الخميس المقبل، وبعدها ستكون له مشاركات في أكثر من استديو تحليلي لمباريات الدوريات الأوروبية المختلفة. تجربة جديدة لمدرب لم يكن ناجحاً في سنواته الأخيرة مع الأندية التي درّبها، ومن المتوقع أن تشهد تجربته الجديدة الكثير من المواقف التي سيهتمّ بها الجمهور.بتغريدة ساخرة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عبّر اللاعب السابق ومحلل قنوات «بي إن سبورتس» المصري محمد أبو تريكة عن ترحيبه بالمحلل الجديد في القناة القطرية، أو بالأحرى زميله الجديد، البرتغالي جوزيه مورينيو. قال أبو تريكة الذي كان من بين أبرز المعترضين على ثقافة المحلل الحالي والمدرب السابق، «طالما أصبح زميل، عفا الله عمّا سلف يا مورينيو يا استاذ المدربين». محلل، لم يعتد متابعو كرة القدم على مشاهدته على القنوات الرياضية، فمهنته الأساسيّة تختلف كثيراً عن التحليل، هو بالأصل مترجم. لطالما ما كانت «البي إن» تستقطب كبار لعبة كرة القدم، من مدربين ولاعبين سابقين وغيرهم، ولكن، لم يسبق لها واستضافت في استديوهاتها، مدرباً يمتلك شخصيّة البرتغالي جوزيه مورينيو، التي لا يختلف اثنان على أنها مثيرة للجدل. الأخير، عاش في السنوات الماضية فترات صعبة كمدرب، وليس مبالغةً وصفها بالفترات الـ«فاشلة» فكرياً وتدريبياً. ها هو اليوم يصبح محللاً، وانضم رسمياً إلى طاقم المحللين في القناة العربية الأشهر التي تنقل أبرز مباريات الدوريات الأوروبية والعالمية وأكبر البطولات القارية.
ستكون قمّة الجولة الثالثة والأخيرة من بطولة كأس آسيا 2019 والتي تقام في الإمارات، بين كلّ من قطر والسعودية، هي أولى المباريات التي سيكون مورينيو جزءاً من طاقم المحللين لها. قصّة مورينيو غريبة بعض الشيء، مدرب لطالما جذب عدسات الكاميرات إليه، بتصريحاته المثيرة للجدل، ولعلاقاته الغريبة مع بعض اللاعبين. لم يكن ليفكّر يوماً، وخصوصاً بعد أن أقيل من منصبه كمدرب لتشيلسي الإنكليزي منذ ثلاث سنوات، وتعيينه مدرباً جديداً للشياطين الحمر، أن ينتهي به المطاف كمحلل في «بي إن». لعلّ هذه الخطوة، أكبر دليل على نهاية مدرب، أعطى كثيراً لكرة القدم في السنوات التي خاض فيها هذه التجربة. بعد إقالته الثانية توالياً من إدارة اليونايتد (الإقالة الأولى من تشيلسي)، عرض الفريق البرتغالي بنفيكا على مواطنه أن يكون مدرباً للفريق، إلّا أن الأخبار أكّدت بأن مورينيو رفض هذا العرض، وكأن به يقول: «أنا مورينيو، هل سأدرب بنفيكا؟ بالطبع لا». المضحك في الأمر، أن ذهاب الـ«سبيشل وان»، ولو أنه لم يعد مميزاً منذ فترة، إلى الإمارات ودخوله استديوهات التحليل، هي نهاية صعبة لنرجسيّة هذا المدرب البرتغالي، من ذهابه إلى بنفيكا. مورينيو أفلس كرويّاً، وهذا ما كان يقوله دائماً المحلل المصري أبو تريكة بعد نهاية كل مباراة لليونايتد في الموسم الحالي والموسمين الماضيين. ورغم فشله الكبير في قلعة «الأولد ترافورد»، تبقى قناة «بي إن» سعيدة بقدوم مورينيو، والإعلانات التي تتحدث عن قدومه تمر باستمرار على الشاشة الصغيرة، لتشويق الناس لموعد ظهور مورينيو في استديوهات التحليل، مع العبارة الحاضرة دائماً حيث يحل البرتغالي، الـ«سبيشل وان». وقد غرّدت القناة عبر حسابها على تويتر أيضاً، «جوزيه واحد من أفضل المدربين في تاريخ كرة القدم، ونتمنى أن يستمتع الملايين من مشاهدينا بتحليلاته وشخصيته الكارزمية، هذا هو مثال للتغطية الرائعة والمحتوى المميز الذي نقدمه لجماهيرنا ومشتركينا يومياً». اهتمام كبير يحظى به المدرب البرتغالي، الذي سيصبح محللاً للمباريات على شاشة التلفزيون. ولكن تساءل عدد كبير من المشاهدين عن أهمية هذا الاهتمام بمورينية، خاصة أن المدرب البرتغالي أقيل مرتين في آخر أربع سنوات، فكيف سيكون «البرومو» التشويقي إذاً مع استضافة بيب غوارديولا مثلاً؟ أو أنطونيو كونتي مدرب تشيلسي ويوفنتوس السابق؟ من يعلم، ربّما ستكون حفلة صاخبة حينها. مورينيو، وما فعله في السنوات الأخيرة من مسيرته، يجعل الكثير من المدربين والمحللين العرب أفضل منه وبفارق كبير.
اعتبر البعض أن هذه الخطوة ستكون نهاية جوزيه مورينيو التدريبية


هناك الكثير من المدربين السابقين الذين كانت لهم تجربة في التحليل، لعلّ أبرز هؤلاء المدربين، الفرنسي آرسن فينغر. كان لفينغر تجربة في التحليل في استديوهات «بي إن سبروتس» في بطولة كأس العالم 2010، وفي 2014، وكان من بين أبرز الوجوه التي استضافتهم القناة القطرية خلال البطولة الأعرق في تاريخ اللعبة. من اللاعبين المميّزين الذين مرّوا أيضاً على استديوهات التحليل في «بي إن» الإيفواري يايا توريه، والسويدي زلاتان إبراهيموفيش اللذين قدما إضافة كبيرة في تحليل مباريات كأس العالم. اليوم، ينضم مورينيو إلى قائمة الشخصيّات المهمة في عالم كرة القدم الأوروبية، التي استضافتهم «البي إن». ولكن هذه المرّة، في تحليل مباراة آسيويّة بين كل من السعودية وقطر، المباراة التي ستحسم صدارة المجموعة.
عاش مورينيو فترات صعبة في مانشستر، لم يحقق المطلوب (تحقيق على الأقل لقب الدوري). بل إنه وفي الموسم الحالي، كان النادي الأبرز في مدينة مانشستر يحتل المركز السادس قبل أن يُقال المدرب البرتغالي من منصبه. رغم كل هذه النتائج السلبيّة، يبقى مورينيو لا يأبه لما يقوم به من عمل داخل الملعب، مقارنة بالمناوشات التي يقوم بها خارج المستطيل الأخضر. لعلّ أبرز الفترات التي رفع فيها مورينيو سقف كلامه، خلال الموسم الماضي، عندما بدأ كل من المدرب البرتغالي والمدرب الإيطالي أنطونيو كونتي بتراشق التصريحات المسيئة لبعضهما البعض خلال المؤتمرات الصحافية. كانت تلك الفترة مادّة دسمة للصحافة الإنكليزية، التي كان لها الأثر الأكبر في تفاقم العلاقة السيئة بين مورينيو وكونتي. أضف إلى ذلك، إدلاء مورينيو بتصريحات يمكن وصفها بالـ«طفولية»، فكان في الموسم الحالي قد أشار بيده إلى الرقم ثلاثة، أي أنه حقق ثلاثة ألقاب للدوري مع تشيلسي، ولا يسمح للصحافيين بالتكلم معه بطريقة غير لائقة بنظره (لا يريد لأحد أن ينتقده). مشاكس داخل الملعب وخارجه، يعرف كيف يجعل جماهير فريقه يحبونه رغم الأداء السيئ والنتائج السلبية المتكررة. الآن سيجلس مورينيو إلى جانب أكثر من كان ينتقد أسلوب لعبه، إلى جانب محمد أبو تريكة، الذي كان من أكثر المحللين «كرهاً» لطريقة لعب المدرب البرتغالي. وفي حادثة طريفة من نوعها، قال مقدّم استديوهات «بي إن» القطري محمد سعدون الكواري بأن أول سؤال سيسأله لمورينيو، هو ما ردّك على وصف أبو تريكة لك بـ«سائق الباص» في إشارة إلى أسلوبه الدفاعي. من المؤكّد أن حضور «السبيشل وان» في القناة العربية سيزيد من نسبة مشاهدة المباراة التي سيكون فيها مورينيو محللاً. فالمثير للجدل يبقى مثيراً للجدل، الأمر عينه حدث في كأس العالم، حين استضافت «بي إن» النجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش، الذي بدوره مشهور بتصريحاته المستفزة. سينتظر الجميع مشاهدة مورينيو متحدثاً ومحللاً للمباريات، فلم يسبق أبداً أن شاهد العالم مورينيو في مكان غير مقاعد البدلاء وغير المؤتمرات الصحافية.
هي بداية مشوار غريب بالنسبة إلى مدرب ريال مدريد وتشيلسي وإنتر ميلانو ومانشستر يونايتد السابق، ولكن في الوقت عينه، هي نهاية لمدرب لطالما أبهر العالم بأفكاره. اليوم، مورينيو يجد نفسه وحيداً، ولم يجد سوى باب بعيد ومضيء ليتّجه إليه، باب «بي إن»، الباب الذي سيشعر فيه مورينيو بأهمّيته. أهمية، لم يكن ليشعر بها في أوروبا، ولا حتّى في الصحف والمواقع الأوروبية، نظراً إلى فشله المتكرر كمدرب.



65 ألف دولار للمباراة
لم يُعرف حتى الآن ما إذا كان المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو سيبقى كمحلل دائم في «بي إن سبورتس» أو على الأقل حتى نهاية الموسم، إلّا أنه تم التأكيد وبشكل رسمي من قبل القناة على وجوده في المباراتين (قطر والسعودية، تشيلسي وآرسنال). وقد كشفت عدة تقارير صحافية أن «السبيشل وان»، سيتقاضى مبلغ 65 ألف دولار لكل مباراة يحلّلها ويكون موجوداً وحاضراً فيها في الاستديو. رقم فلكي من قِبل «بي إن»، فإذا كان مورينيو يأخذ هذا المبلغ لقاء كل حلقة تحليلية، فكم كان يتقاضى المدرب الفرنسي آرسين فينغر، والذي بدوره كانت لديه الكثير من الإطلالات في «بي إن»، بل وأكثر من ذلك، كان لفينغر برنامج خاص فيه، تحت مسمّى «بعين آرسين فينغر». أضف إلى ذلك، الاستضافة الأخيرة والمهمّة من قبل الـ«بي إن» للنجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش خلال فعاليات بطولة كأس العالم الأخير، فكم يا ترى كان يتقاضى هؤلاء النجوم؟