لمع اسم بيب غوارديولا مع برشلونة في جيل السداسيّة الذهبي، بعد أن جعل من النادي الكاتالوني أحد أبرز الفرق في التاريخ. أسلوبٌ شامل اعتمده المدرب الإسباني أعاد البلاوغرانا إلى الواجهة الأوروبيّة من جديد. ذهب بيب بعدها إلى ألمانيا، وتحديداً إلى بايرن ميونيخ ونجح في تحقيق أغلب الألقاب المتاحة محليّاً باستثناء دوري أبطال أوروبا، لينتقل بعدها إلى مانشستر سيتي في إنكلترا، حيث شهدت سياسته المتبعة في إدارة اللاعبين تغيراً جذرياً، بعد أن صرف أكثر من نصف مليار يورو عادت عليه بلقب الدوري الإنكليزي «بريميرليغ» بـ100 نقطة في موسمه الثاني.في العصر الحديث، يعتبر بيب المدرب الأفضل تكتيكياً على الصعيد الكروي، لما يمتلكه من أفكارٍ هجوميّة تجعله ينفرد في تصنيف مدرّبي العالم. في سبيل تنفيذ أسلوبه، قام المدرب الإسباني بالتخلّي عن الكثير من أعمدة الفرق التي دربها، وبَيع العديد من المواهب الشابة التي قد يكون لها شأن كبير في المستقبل، ليكوّن نسخةً كربونيةً في كلٍّ من إسبانيا، ألمانيا، وإنكلترا مع اختلاف العناصر.
في بداية مشواره التدريبي، أشرف بيب على تدريب فريق شباب نادي برشلونة. تجربةٌ ساهمت بتقديره لحجم المواهب الموجودة داخل أكاديمية النادي. فور تسلمه الدكة الفنيّة للفريق الأول، قام غوارديولا بالتخلي عن أغلب الحرس القديم، لبناء منظومة شابّة جديدة تتوافق مع أفكاره وأسلوبه. أسماءٌ كبيرة تخلى عنها المدرب الإسباني كالساحر البرازيلي رونالدينيو، البرتغالي ديكو، والمدافع الفرنسي ليليان تورام، فيما استقطب لاعبين شباباً على غرار داني ألفيس وسيدو كايتا. غير أن الاعتماد الأكبر في بناء تشكيلته كان على أكاديميّة النادي، منجم المواهب الذي عرف خباياه جيداً، بعد أن قضى معظم مسيرته التدريبيّة آنذاك هناك.
عام 2008، قام المدرب الإسباني بيب غوارديولا بترفيع العديد من الاعبين من الـ«la masia» إلى الفريق الأول، ممنياً النفس بسيرهم على خطى ابن النادي ليونيل ميسي. لعلّ أبرز الأسماء التي ارتقت للفريق الأول، متوسط ميدان الفريق سيرخيو بوسكيتس والشاب الإسباني تياغو ألكنتارا. شكّل بوسكيتس أحد أهم عناصر الفريق خلال حقبة غوارديولا. رغم الشهرة التي اكتسبها وسط ميدان البلاوغرانا بفعل تشافي هيرناندز وأندريس إنييستا، لعب بوسكيتس دوراً جوهرياً في تألق حلقة الوسط، حيث أخذ على عاتقه تأمين قلبي الدفاع وبدء الهجمات. رغم النجاح الكبير الذي عرفه بوسكيتس مع بيب، فشل تياغو في فرض نفسه أساسياً مع برشلونة مكتفياً بعدد قليلٍ من الدقائق في بعض المباريات.
مع خروج برشلونة من الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على يد تشيلسي عام 2012، ترك بيب غوارديولا البيت الكتلوني متوجّهاً إلى قلعة بافاريا، حيث قام بالتعاقد مع تياغو ألكانتارا كأولى صفقاته.
ساهم غوارديولا بشكلٍ مباشر في إظهار 31 اسماً شاباً طيلة مشواره الكروي


لم يجد بيب في ألمانيا ما اعتاد عليه في برشلونة، حيث لم تتلاءم خصائص شباب النادي البافاري مع متطلبات الفيلسوف الإسباني. رغم ذلك، أعطى غوارديولا الفرصة لستّة لاعبين شباب كي يكونوا معه برفقة الفريق الأول طيلة ثلاثة مواسم. رغم ذلك، لم يتمكن أي من هؤلاء التأسيس لمسيرةٍ جيدة مع النادي البافاري.
في إنكلترا، وجد غوارديولا بيئة مشابهة إلى حدٍّ ما لما اعتاد عليه في برشلونة، غير أن الميزانية الضخمة التي توفرت له، حالت دون الاعتماد على الأوراق المتوفرة في أكاديميّة النادي الإنكليزي. طيلة ثلاثة مواسم، قام بيب غوارديولا بتغيير شكل الفريق الأزرق وأسلوبه، بعد أن استقطب العديد من الأسماء في كافة الصفوف، ليبقى من الحرس القديم كلّ من ديفيد سيلفا وسيرخيو أغويرو فقط.
يتميز نادي مانشستر سيتي بأكاديميته التي تعتبر الأنجح في إنكلترا بعد أكاديمية تشيلسي من حيث استقطاب وتنمية المواهب. خلال هذه الفترة، ومع وجود بيب ظهر ثلاثة لاعبين من الأكاديميّة، كان أولهم بابلو مافيو، الذي ظهر في جولة الإياب من دوري أبطال أوروبا ضد ستيوا بوخارست، وكان إبراهيم دياز ثاني الأسماء الشابة التي ظهرت على يد بيب في الفريق الأول، بعدما لعب ضد سوانسي سيتي في كأس الاتحاد الإنكليزي، فيما شكل اللاعب فيل فودن آخر الشباب المكتشفين على يد الفيلسوف الإسباني. الصفقات الكبيرة التي أبرمها بيب في حقبته مع السيتي حالت دون إعطاء الفرصة الكاملة للشباب في الظهور، حيث واجه الجانب المظلم للأموال طموح اللاعبين ورغبتهم بالانطلاق إلى العالمية كما حصل مع غوارديولا في برشلونة. دكة نادي مانشستر الثاني، وحدها كفيلة بتقليص آمال شباب النادي بالبروز، نظراً إلى وجود لاعبين على الاحتياط من طينة الجزائري رياض محرز، أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي عام 2016، إلكاي غاندوغان، غابرييل خيسوس وغيرهم من كبار اللاعبين.
في ظلّ احتدام المنافسة في موسميه الأوّل والثالث، لم يتمكن بيب من إعطاء الفرصة الكاملة لشباب أكاديمية السيتي بسبب عدم الاستقرار في النتائج. في إسبانيا وألمانيا كان الوضع أسهل نسبياً نظراً للفارق الكبير بين فريقي غوارديولا آنذاك وباقي المنافسين. مع الانتقال إلى دوري جديد بثقافة جديدة، ورفع التحدي مرة أخرى لتقديم كرة هجوميّة شاملة مرفقة بالألقاب، كان على بيب أن يكون على قدر التطلعات للحفاظ على مركزه كأفضل مدربي العالم. في ظل الصرف الهائل على ترميم فريقي بايرن ميونخ ومانشستر سيتي، لم يتسنَّ لبيب إعطاء الوقت الكافي لتنمية المواهب الشابة، حيث تعطى الأفضلية عادةً للاعبين المستقطبين مقابل مبالغ مالية ضخمة على حساب الشباب، لتجنب الخسائر المادية في ميزان أرباح النادي.
رغم عدم تمكنه من إبراز أسماء شابة في ولايتيه الأخيرتين، يبقى بيب أحد أكثر المدربين المساهمين في تطوير القطاع الشبابي للأندية. الظروف التي عاشها المدرب الإسباني أخيراً وعدم نجاحه بتحقيق دوري الأبطال في السنوات الست الأخيرة جعله يغيّر شيئاً من قناعاته، ليقلّص فرص مشاركة الشباب على حساب لاعبين ذوي خبرة أكبر. رغم ذلك يبقى بيب أحد روّاد تطوير المواهب بعد أن ساهم بشكلٍ مباشر في إظهار 31 اسماً شاباً طيلة مشواره الكروي، كان آخرها فيل فودن، الذي قد يلتحق بسانشو ودياز بعيداً عن أسوار ملعب الاتحاد إذا ما ظلّ خارج حسابات الفيلسوف الإسباني.



ابراهيم دياز


رغم الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها دياز، لم يتمكن اللاعب الإسباني من حجز مكان أساسي له ضمن خطط بيب غوارديولا، ليجد نفسه حبيساً على دكة البدلاء. بسبب هذا الوضع انتقل دياز إلى نادي ريال مدريد في عقدٍ يمتد لـ6 سنوات ونصف السنة مقابل 21 مليون يورو، بعد أن لمس اهتماماً شديداً من نادي الميرينغي، ليفوّت بيب موهبة أخرى هذه السنة بعد سانشو.

جايدن سانشو


يعد سانشو أحد أبرز اللاعبين الواعدين في العالم حالياً، حيث يندرج الشاب الإنكليزي تحت فئة اللاعبين المهاريين.
بالرغم من موهبته الفذة، أعطى غوارديولا الضوء الأخضر لمغادرة اللاعب إلى بروسيا دورتموند مطلع الصيف الماضي. الأداء اللافت الذي يقدمه اللاعب الشاب ساهم بشكلٍ مباشر في تصدر نادي دورتموند للدوري الألماني.

يايا توري


قضى اللاعب الإيفواري ثلاثة مواسم في قلعة الكامب نو، ورغم طول تلك المدة فشل يايا توريه في إثبات نفسه أمام المدرب الإسباني بيب غوارديولا. انتقل اللاعب بعدها إلى نادي مانشستر سيتي حيث تألق ليجعل من نفسه أحد أبرز لاعبي الوسط في العالم. مع قدوم غوارديولا إلى مانشستر سيتي عام 2016، خرج توريه من أسوار ملعب الاتحاد بعد أن لازم دكة الاحتياط مرة أخرى.

إبراهيم أفيلاي


عام 2011، قام المدرب الإسباني بيب غوارديولا باستقطاب نجم بي اس في آيندهوفن الهولندي إبراهيم أفيلاي. رغم موهبة اللاعب الفذة فشل أفيلاي في الحصول على مركز أساسي نظراً لكثرة النجوم آنذاك.
بعد 21 مباراة برفقة برشلونة، خرج اللاعب بسلسلة إعارات بين شالكه وأولمبياكوس توالياً، لينتقل بعدها إلى ستوك سيتي بصفقة انتقال دائمة.

توني كروس


رغم مشاركته بشكلٍ أساسي مع غوارديولا في موسم 2013/2014، رحل توني كروس في الموسم التالي من بايرن ميونيخ إلى ريال مدريد بصفقةٍ أثارت استغراب الكثير من المتابعين، نظراً لتألق اللاعب الكبير حينها خاصةً في مونديال 2014. قدم الشاب الألماني أداء رائعاً في مدريد وساهم برفقة كلّ من مودريتش وكاسيميرو بالسيطرة على لقب دوري أبطال أوروبا في 3 مواسم متتالية، بعد أن شكلوا الحلقة الأقوى في الوسط على صعيد العالم.

شيردان شاكيري


فور وصوله إلى بايرن ميونخ قادماً من نادي بازل السويسري، قدم الجناح الشاب شيردان شاكيري مستوى لافتاً في موسمه الأول مع يوب هاينكس، غير أن قدوم المدرب بيب غوارديولا إلى قلعة بافاريا، جعل شاكيري حبيساً للدكة، لينتقل بعدها إلى نادي إنتر ميلانو بعد أن صرح المدرب الإسباني أن شاكيري غير ذكي كفاية ليلعب بصورة دائمة.