يحلّ نادي أرسنال الإنكليزي، ضيفاً ثقيلاً على ملعب جوزيه ألفالادي، حيث سيواجه سبورتينغ لشبونة البرتغالي ضمن منافسات الدّور الثّالث من بطولة الدّوري الأوروبي «يوروباليغ». مباراةٌ يأمل عشّاق الـ«غانيرز» أن يواصل النادي خلالها نتائجه الإيجابيّة، لفضّ الشّراكة مع المضيف وضمان التأهّل إلى الدّور المقبل من البطولة الأوروبيّة.بعد سنواتٍ طوال بين أسوار ملعب الإمارات، رحل أحد أوتاد النادي، مخلّفاً إرثاً كرويّاً ضخماً. رحيل آرسين فينغر جاء تلبيةً لمطالب الجماهير، بعد عجزه عن تحقيق الألقاب في السنوات الأخيرة. كان فينغر أوّل من جلب ثقافة الاستحواذ إلى إنكلترا. كرةٌ جميلةٌ إستنسخها من المدارس الهولنديّة بشكل ناقص، لم يستطع من خلالها النادي تحقيق لقب الدوري في السنوات الأخيرة، بعدما جعل المدرّب الفرنسي من الاستحواذ هدفاً لا وسيلة.
استوطن الفرنسي نادي أرسنال 22 عاماً، وبالرّغم من نجاحه في النّصف الأوّل من ولايته، إلّا أن الطفرة الماليّة التي شهدها الـ«بريميير ليغ» أبعدته عن الألقاب في النصف الثاني من الولاية. إرتأى القيّمون أنّ التّغيير يجب ألّا يطاول الدّكّة الفنيّة وحسب، بل إنّ التّغييرات الجذريّة يجب أن تبدأ من رأس الهرم، مروراً بكلّ مراكز النادي. أثمرت الضّغوط المستمرّة من الإدارة والجماهير باستقالة كلّ من المدير التّنفيذي للنّادي إيفان غازيديس وديك لو مدير التعاقدات عام 2017. بعدها بدأ مشروع أرسنال الجديد، فقام النادي باستقطاب رؤول سانليهي، مدير عمليّات كرة القدم لنادي برشلونة السّابق وتعيينه مديراً تنفيذيّاً للنّادي، ثمّ استغلّت الإدارة الخلافات القائمة بين كلّ من مدير كشافي بروسيا دورتموند سفين ميسلينتات ومدرّب الفريق السّابق توماس توخيل، ليقتنص النادي «العين الماسيّة» للفريق الألماني، بعدما فشل في الحفاظ عليه. عقب هذه التّغيّرات، شعر المدرّب الفرنسي أرسين فينغر بأن أيامه مع النادي اللندني باتت معدودة، فقرر الرحيل في نهاية الموسم الماضي، تاركاً التاريخ وراءه والمستقبل للمدرّب الجديد أوناي إيمري.
يقود إيمري العهد الجديد لأرسنال. مهمّةٌ كبيرةٌ على عاتق الرّجل المقال من تدريب باريس سان جيرمان الفرنسي. استهلّ المدرّب الإسباني مشواره باختبارين صعبين، جاءا أمام كلّ من مانشستر سيتي وتشيلسي، خسر أرسنال في المباراتين. البداية المتعثّرة بعثت برسائل سلبية إلى الإدارة والجماهير، ساد الشّعور بأن إيمري هو الرجل الخاطئ. شعور سرعان ما تبدّد بعد سلسلة الانتصارات التي حققها الغانرز، والتي وصلت إلى عتبة الـ 10 إنتصارات متتالية في كل المسابقات. يحتل النادي اللندني الآن المركز الرابع بفارق الأهداف عن الثالث تشيلسي، وبفارق نقطتين عن المتصدر مانشستر سيتي. عملٌ كبير أنجزه المدرب الإسباني في فترةٍ وجيزة، استطاع خلالها ترتيب أوراق فينغر المبعثرة، فحلّ معضلة المهاجم الفرنسي ألكسندر لاكازيت والغابوني بيير إيمريك أوباميانغ، مشكّلاً منهما ثنائياً فعّالاً بعدما كان فينغر يبقي أحدهما أغلب الأوقات على دكة البدلاء. إنجاز إيمري لم يتوقف عند ذلك فحسب، بل استطاع التعامل مع إحباط مسعود أوزيل، طفل فينغر المدلل. لم يتردد أوناي بإجلاس الألماني على مقاعد البدلاء بعد أدائه المتواضع بداية الدوري، في رسالة للاعبين بأن لا أحد أكبر من الفريق. تغيّر شكل الفريق منذ تلك الحادثة، فهم اللاعبون عقليّة مدربهم الجديد، وباتوا يقدمون كل شيء على أرضية الملعب.
قبل بداية الدّوري، وحتّى نهاية الجولتين الأوليين، كان حديث الصّحف يتمحور حول صراع بين ليفربول ومانشستر سيتي على تحقيق اللّقب في نهاية الموسم. كما لاحت في الأفق أفكار مدرب تشيلسي ماوريتسيو ساري المتمرّدة على الدّفاع الإيطالي، وإمكانية تحقيق شيء في الدّوري، بدرجة أقل من المنافسين الرئيسيّين. لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع وصول أرسنال إلى 10 انتصارات متتالية، تنعش آماله في الصّراع على كل الألقاب.
الأداء العالي وروح المجموعة أعادا أيّام أرسنال الجميلة، وجعلا من النادي منافساً على اللقب. محطة لشبونة ستكون مهمة جدّاً للتأكيد أن ما حصل حتى الآن ليس صدفة، بل نتيجة عمل مستمر، سيقطف النادي ثماره نهاية الموسم.