لا نكهة للكرة من دون السحر البرازيلي. اللاعب البرازيلي ضرورة في الفريق. هو اللاعب الذي لا يكتفي بالإضافة الفنية بل يقدّم المهارة والاستعراض الكروي. هو الحل عندما تصعب الأمور وهو النجم المميز عن باقي النجوم. يندر أن تجد فريقاً في القارة الأوروبية لا يضم في صفوفه لاعباً برازيلياً. هم بالمئات يتوزّعون في ملاعب «القارة العجوز». في سوق التداول في موسم الانتقالات الصيفي الحالي يبدو لافتاً ارتفاع أسهم اللاعبين البرازيليين.

أهم التعاقدات التي جرت حتى الآن كان للبرازيليين النصيب الأوفر منها على صعيد النجوم والمواهب الصاعدة. صحيح أن نيمار لم ينتقل إلى ريال مدريد الإسباني، ولا يبدو أنه سيفعل ذلك في الصيف الحالي على الأقل، إلا أن هذا لم يمنع من التعاقدات المليونية للاعبين البرازيليين. بلغة الأرقام، وحتى نهاية الأسبوع الماضي، فإن انتقالات اللاعبين البرازيليين وصلت قيمتها إلى أكثر من نصف مليار يورو وتحديداً 549 مليون يورو حيث إن 10 صفقات للاعبين برازيليين تأتي بين أغلى 20 صفقة جرت حتى الآن. الأبرز كان طبعاً في الملاعب الإسبانية لدى القطبين برشلونة وريال مدريد. صحيح أن «البرسا» أعاد باولينيو إلى الملاعب الصينية مقابل 50 مليون يورو، إلا أنه ضم في المقابل موهبتين برازيليتين هما مالكوم من بوردو الفرنسي مقابل 41 مليون يورو وآرثر من غريميو البرازيلي مقابل 40 مليون يورو. النادي الكاتالوني واصل مدّ الجسور مع الكرة البرازيلية والتي لم تنقطع منذ تسعينيات القرن الماضي عندما لعب روماريو في صفوفه تلاه «الظاهرة» رونالدو ثم ريفالدو فرونالدينيو ونيمار وانتهاء بفيليبي كوتينيو الموسم الماضي والذي يُعدّ الانتقال الأغلى في تاريخ الكاتلان.
هكذا ورغم اعتماد برشلونة على نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي فإن القوة البرازيلية في صفوف الفريق باتت ضاربة، إذ فضلاً عن كوتينيو ومالكوم وآرثر فإن «البلاوغرانا» يضم أيضاً المدافع الشاب مارلون سانتوس القادم العام الماضي من فلومينينسي. من هنا يُتوقّع أن يكون للسحر البرازيلي كلمته في الموسم الجديد في برشلونة تحديداً في الشق الهجومي حيث جاء تعاقد الفريق مع مالكوم على نحو مفاجئ في اللحظة الأخيرة بعد أن كان اللاعب في طريقه إلى روما الإيطالي وبعد فشل المحاولات المتكرّرة لضم البرازيلي الآخر ويليان من تشلسي الإنكليزي، ليشكّل هذا الشاب إضافة مهمة في خط هجوم الفريق نظراً للمؤهّلات التي يمتلكها. أما آرثر فكان اكتشافاً كاتالونياً من أرض البرازيل حيث فاجأ الجميع في المباراة الودية الأولى التي شارك فيها أمام توتنهام الإنكليزي بتسجيله هدفاً من تسديدة رائعة وتقديمه لمحات مميزة في وسط الملعب لتخرج الصحف الكاتالونية في اليوم التالي مشيدة به ومعتبرة أنه «تشافي الجديد».
الريدز ضرب بقوّة بضم لفابينيو من موناكو الفرنسي مقابل 39 مليون يورو


في المقلب الآخر في إسبانيا، في العاصمة مدريد، فإن الريال حنّ إلى ماضيه مع السحر البرازيلي تحديداً لفترة «الظاهرة» رونالدو على وجه الخصوص.
هكذا، طار «الميرينغي» إلى أرض البرازيل ليعود منها حاملاً الموهوب فينيسيوس جونيور من فلامنغو بعد أن تعاقد معه العام الماضي مقابل 45 مليون يورو، وانتظر اللاعب حتى بلوغه هذا الصيف 18 عاماً ليستطيع بدء مشواره مع الفريق حيث يُتوقَّع أن يتّجه بقوة نحو عالم النجومية نظراً إلى إمكانياته ومهاراته الفنية العالية.
ريال مدريد لم يكتف بضم فينيسيوس بل أبرم تعاقداً برازيلياً آخر مع موهوب في خط الهجوم هو رودريغو مقابل 45 مليون يورو أيضاً على أن يبقى مع فريقه سانتوس الموسم الحالي ويلتحق بـ «الميرينغي» الصيف المقبل بعد بلوغه 18 عاماً، وهو يُنظر إليه أيضاً على أنه «الشيء الكبير» القادم إلى كرة البرازيل. هكذا، فإن في صفوف ريال هذا الموسم 3 برازيليين هم: فينيسيوس ومارسيلو وكاسيميرو وسيرتفع الرقم إلى 4 في حال ضم ويليان كما يُحكى، لكن هذا الرقم الأخير سيكون مؤكداً في الموسم المقبل مع وصول رودريغو وربما يصل إلى 5 في حال النجاح في ضم نيمار.
كذلك فإن ما يلفت الاهتمام هذا الصيف هو انتقالات اللاعبين البرازيليين في الملاعب الإنكليزية. مانشستر يونايتد حصل على فريد من شاختارك دونيتسك الأوكراني «منجم البرازيليين» (لعب في صفوفه ويليان وفرناندينيو ودوغلاس كوستا) مقابل مبلغ وصل إلى 60 مليون يورو. هكذا فإن يونايتد يريد تطعيم صفوفه بالسحر البرازيلي على غرار باقي فرق القمة في البريميير ليغ (باستثناء أرسنال) بالتعاقد مع لاعب وسط موهوب يجيد المراوغة وتوزيع الكرات والتسديد. لكن الثقل البرازيلي في ملاعب إنكلترا بات في ليفربول إذ إن الريدز ضرب بقوّة في الانتقالات الحالية بضم لاعب الوسط فابينيو من موناكو الفرنسي مقابل 39 مليون يورو والأبرز حارس «السيليساو» وروما الإيطالي أليسون مقابل مبلغ تاريخي لحارس مرمى هو 62,5 مليون يورو (مع 10 ملايين كحوافز)، لينضما إلى مواطنهما روبرتو فيرمينو.
كذلك فإن إفرتون ضم ريشارليسون من واتفورد مقابل مبلغ وصل إلى 50 مليون يورو، فيما أن وست هام حصل على البرازيلي الآخر فيليبي أندرسون من لاتسيو الإيطالي مقابل 38 مليون يورو.
هذه التعاقدات تأتي استكمالاً لنجاح اللاعبين البرازيليين في الملاعب الإنكليزية في السنوات الأخيرة بعد أن كان مرورهم فيها في التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة خجولاً حيث لم يعلق في الذاكرة سوى جونينيو مع ميدلزبره، أما البقية فكانوا عاديين دون وجود اسم برازيلي ذي وزن في «البريميير ليغ». لكن الأحوال تبدّلت في الآونة الأخيرة مع أوسكار وكوتينيو سابقاً، وحالياً مع فيرمينو في ليفربول وغابريال خيسوس وفرناندينيو وحارس «السيليساو» الثاني إيديرسون في مانشستر سيتي، وويليان وديفيد لويز في تشلسي، فيما يتواجد لوكاس مورا مع توتنهام بعد قدومه إليه من باريس سان جيرمان في الشتاء الماضي. فضلاً عن ذلك، فإن أندية أوروبية كبرى عديدة تتابع عن كثب الكثير من المواهب في الملاعب البرازيلية. هذا المشهد إن دلّ على شيء فعلى استمرار تعافي الكرة البرازيلية وعودتها لتحكم ساحة الانتقالات.... أما مدرب «السيليساو» تيتي فهو أكثر السعداء.