ما إن أسدل ستار الدوريات الخمسة الكبرى حتى بدأت الفرق التي أخفقت في الموسم الفائت تبحث عن بدائل للتعديل في صفوفها. وبمجرد أن يتعرض الفريق لأي خسارة أو فترة سيئة، تتوجه أصابع الاتهام إلى المدرب، ويبدأ مسلسل تحميل المسؤوليات. موجة من التغييرات على صعيد الأجهزة الفنية شهدتها الفرق الأوروبية في الأسبوع الأخير. وفي الجهة المقابلة، أخبار تلوح في الأفق حول تغييرات متوقعة ومحتملة. مفاجآت وأسماء تم الإعلان عنها عكس التوقعات. أوناي إيمري في أرسنال، توماس توخيل في باريس سان جيرمان، عودة مانويل بيليغريني إلى الدوري الإنكليزي وحديث عن ماوريسيو ساري في تشيلسي وكارلو أنشيلوتي في نابولي. ما هو سقف التوقعات من كل هؤلاء؟
رئيس أرسنال يفضل «سبق الخيل»
تجربة إيمري مع أرسنال قد تكون شبيهة بتجربة ديفيد مويس مع مانشستر يونايتد (أرشيف)

البداية من العاصمة الإنكليزية لندن، حيث أعلن آرسين فينغر في وقت سابق رحيله عن أرسنال بعد 22 عاماً قضاها معه. بطبيعة الحال، سيكون من الصعب إيجاد بديل في السنوات المقبلة للرجل الذي يعرف أرسنال جيداً ويفهم ثقافته ويحفظ خفاياه. جاء الخبر اليقين أمس الثلاثاء عن خليفة الفرنسي بعدما كان الحديث في الأسبوعين الأخيرين يدور حول فييرا بصفته قائداً سابقاً لأرسنال ولجيل «الإنفزابليز» الذي لم يهزم في الدوري في أي مباراة عام 2003، بعدها انتقلت الأخبار إلى أليغري وأسلوبه الدفاعي وميكيل أرتيتا اللاعب السابق أيضاً لأرسنال، لكن الإدارة حسمت قرارها باختيار أوناي إيمري الذي وإن صح التعبير فشل في إدارة باريس سان جيرمان، بعدما كان الرهان عليه في حصد لقب دوري الأبطال، لكنه في موسمين تلقى صفعتين من قطبي إسبانيا: برشلونة العام الفائت بـ«الريمونتادا» وريال مدريد ذهاباً وإياباً في بطولة هذا الموسم.

🔴 A new era begins . . . #WelcomeUnai #WeAreTheArsenal

A post shared by Arsenal Official (@arsenal) on


يبقى السؤال لماذا إيمري؟
الافتراض الأول، هو أنه مناسب «لهم» أي لإدارة النادي اللندني. لأن تطويع إيمري واخضاعه لقرارات الإدارة لن يكون صعباً، وخصوصاً في ظل إخفاقه وخسارته ثقة الأندية بعد موسمين طيّ النسيان في فرنسا. وإذا عدنا إلى إيمري فالنسيا فهذا ما حدث. استمر مع الفريق رغم الأزمة المالية ورغم استغناء الفريق عن أبرز لاعبيه مثل خوان ماتا، ديفيد سيلفا وفيا. وهذا ما فعلته إدارة أرسنال «التجارية» سابقاً ببيع سيسك فابريغاس وفان بيرسي وسونغ والقائمة طويلة. ملّاك النادي لم يعد يهمّهم البطولات، فزت أو لم تفز، المهم أن لا تهبط عن المركز السادس بعدما كان الطموح المركز الرابع، حتى إن مالك النادي يفضّل «سبق الخيل» على كرة القدم. وبعيداً عن الإدارة، فإن أرسنال سيبقى مع مدربه الجديد يعاني في المباريات الكبيرة كما كان يعاني فيها مع فينغر، لأن إيمري في فالنسيا لم يفز أمام ريال مدريد وبرشلونة. في إشبيلية أيضاً لم تكن نتائجه ثابتة. بالإضافة إلى ذلك، يمكننا القول إن إيمري يفتقد قدرة السيطرة على اللاعبين، وهذا ما ظهر في حادثة نيمار ــ كافاني والخلاف على تسديد ركلة الجزاء. الإسباني قد يقدم نتائج جيدة مع أرسنال، لكنه لن يرتقي في الفريق، لأنه يفضل العمل بعيداً عن الأضواء والكاميرات، الأمر الذي لن يحضر في أرسنال طبعاً، فخليفة فينغر هو نقطة الحوار والحديث التي تناقشها الجماهير. ملامح التجربة المرتقبة لإيمري قد تكون شبيهة بتجربة ديفيد مويس مع مانشستر يونايتد الذي خلف السير أليكس فيرغسون.

مشكلة سان جيرمان في رأس الهرم؟
يتجاوز الخليفي مهامه كرئيس للنادي ليتخطى المدير الرياضي وحتى المدرب(أرشيف)

من لندن إلى المكان الذي جاء منه إيمري إلى مدينة الأضواء، حيث عيّن توماس توخيل مدرباً لباريس سان جيرمان وهو الرابع في عهد ناصر الخليفي. يقدم توخيل كرة هجومية تعتمد على المجهود الجماعي واللياقة البدنية العالية. الألماني يعمل على تحفيز اللاعبين، ولكن عندما نتحدث عن سان جيرمان يجب الالتفات إلى أهداف النادي وليس كيف سيلعب المدرب. دفعت إدارة باريس سان جيرمان الغالي والنفيس بهدف الفوز بدوري الأبطال، لكن الفشل لازمها مع أنشيلوتي، لوران بلان وإيمري. المشكلة ليست في المدربين ولا في توخيل. المشكلة متغلغلة في أحشاء باريس والبداية من رأس الهرم. وبالتحديد طريقة إدارة النادي من قبل ناصر الخليفي صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الفريق، إذ يتجاوز الخليفي مهماته رئيساً للنادي ليتخطى المدير الرياضي أنترو أنريكي ويجري التعاقدات كيف ما يشاء. هذا التجاوز يمتد إلى أرضية الملعب من الخليفي، الذي يتدخل في شؤون الفريق، وهذا ما عاناه أنشيلوتي وبلان. في المقابل، فإن توخيل مدرب صارم ومشكلته مع الأندية حبه للاستقلالية في ما يخص إدارة الفريق، ما سيخلق صراعاً بين القطري والألماني. أما عن اللاعبين، فيمكن الاستنتاج بأن لاعبي باريس سان جيرمان يعتبرون أنفسهم أكبر وأعلى من النادي. مواجهة توخيل للاعبين ستكون صعبةً، وخصوصاً نيمار ومبابي اللذين لا يعودان إلى الدفاع، وهذا ما نشاهده على أرضية الملعب. في الوقت الذي يؤمن فيه توخيل بأنه إما أن تؤدي ما عليك أو تخرج. الاحتمالات التي قد تكون مطروحة هي أن الإدارة ستغير من سياستها التي تضعها دائماً في حرب مع الصحافة الفرنسية، أما الاحتمال الآخر فهو صدام بين توخيل واللاعبين قد يتحول إلى صدام ثلاثي تدخل فيه الإدارة.

ميستر كارلو في نابولي
ما بناه ساري قد يحطمه أنشيلوتي لأن العقلية مختلفة تماماً(أرشيف)

الحال في «مدينة الشمس» نابولي ليست مختلفة عن لندن وباريس، فالإدارة تريد إجراء بعض التغييرات. وبحسب جيانلوكا دي مارزيو، الصحافي الإيطالي، عقد أنشيلوتي وأوريليو دي لورينتيس رئيس نادي نابولي اجتماعاً في روما لإقناعه بالانضمام إلى النادي، في الوقت الذي لا يزال فيه سارياً على رأس الفريق. التعاقد مع أنشيلوتي سيشكل تغييراً جذرياً داخل النادي، فالأخير يفضل اللعب الدفاعي والتحفظ التكتيكي، وهذا كان سبب فشله في بايرن في فريق يمتلك قدرات هجومية. التناغم بين نابولي وساري ليس بحاجة إلى الكثير من التدقيق ليصبح ملحوظاً. فنتائج الفريق مع ساري وأرقامه «الهجومية» هي الأفضل منذ تتويج نابولي الأخير بلقب «الكالشيو» في 1990. ما بناه ساري قد يحطمه أنشيلوتي لأن العقلية مختلفة تماماً. واحد يفضل الهجوم، وآخر يخشى المهاجمين. ساري يملك عرضاً من زينيت الروسي، لكنه يفضل تدريب تشيلسي أو أخذ سنة بعيداً عن المهنة. وإذا قرر دي لاورنتيس عدم إقالة ساري، سيكون مطالباً بدفع راتبه الموسمي البالغ 1.4 مليون يورو حتى نهاية عقده أو تعاقد المدرب «التوسكاني» مع فريق جديد. وكشفت التقارير أن أنشيلوتي سيوقع عقداً لموسمين مع نابولي مع وجود بند يتيح التجديد لعام ثالث وسيتقاضي 6.5 ملايين يورو موسمياً..

بالعودة إلى لندن، عانى ويستهام هذا الموسم، حتى جاء خبر تعيين مانويل بيلغريني (61 عاماً) مدرباً للفريق بدلاً من ديفيد مويس. وجاءت هذه الخطوة بعد معاناة ويستهام في المواسم الأخيرة، رغم التعاقدات التي قام بها النادي، حيث تعاقد مع الفرنسي باييت، الجزائري فيغولي وغيرهم. وبعد رحيل العديد من الأسماء عن النادي هذا الموسم، اشتعلت مدرجات الفريق اعتراضاً على النتائج السلبية. وتم منع خمسة مشجعين مدى الحياة من الدخول إلى الملعب من قبل النادي لاقتحامهم الملعب خلال المباراة أمام بيرنلي في 10 آذار/ مارس الماضي، كما تم حظر مشجعين آخرين بسبب رميهم القطع النقدية وأشياء قاسية بهدف الأذية. لم يفز الفريق إلا بسبع مباريات فقط هذا الموسم. هل سيلعب بيلغريني دور المنقذ؟ الرجل الهادئ على الدكة يعرف الدوري الإنكليزي جيداً وخصوصاً بعد تتويجه مع السيتي باللقب عام 2014. عقلية بيلغريني قد لا تكون شبيهة بويستهام، فالفريق اللندني اعتاد التحفظ الدفاعي واللعب بالطريقة الإنكليزية التقليدية التي تعتمد على القوة البدنية. بيلغريني سيحاول تغيير شكل الفريق قليلاً مع الحفاظ على هويته. قد تكثر التحليلات وتتعدد النظريات، لكنها ستبقى مجرد حبر على ورق حتى انطلاقة الموسم الجديد، فلا يمكن التأكيد أو النفي، فكل شيء ممكن ومتاح في كرة القدم.