تنتظر الجماهير شهر شباط/فبراير من كل عام، لما يحمله هذا الشهر من مباريات هامة لكل من جمهور كرة القدم والسلة. يترقب الأول عودة دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا، في حين ينتظر الثاني مباراة كل النجوم، والتي تعدّ المناسبة السلّوية الأهم خلال العام. المباراة التي تُعدّ حدثاً سنوياً يشارك فيها نخبة من لاعبي كرة السلة في دوري رابطة كرة السلة الأميركي للمحترفين «NBA»، يتلهف الملايين حول العالم لمشاهدتها والاستمتاع بالاستعراض الكروي الآسر لأبرز نجوم اللعبة.350 وسيلة إعلامية من 44 دولة حرصت على الحضور إلى ملعب «سبكتروم سنتر» في شارلوت- كارولاينا الشمالية لنقلِ المباراة إلى المتابعين في 215 دولة وعبر 49 لغة. لكن منذ العام الماضي، غيرت رابطة دوري كرة السلة للمحترفين شكل مباراة «كل النجوم»، إذ لم تعد تجمع أفضل اللاعبين في المنطقة الشرقية في مواجهة أفضل لاعبي المنطقة الغربية. فبحسب النظام الجديد، صوّت الجمهور لاختيار قائد من القسم الشرقي وآخر من الغربي وفقاً لأعلى الأصوات، وهو ما تم بالفعل ووقع الاختيار على «الملك» ليبرون جيمس نجم كليفلاند كافالييرز ويانيس أنتيتوكونمبو لاعب ميلووكي باكس كقائدين للفريقين، ليختارا زملاءهما في الفريق على اختلاف انتمائهم المناطقي. حصل جيمس على أعلى تصويت في المنطقة الغربية (4.62 مليون صوت)، في حين جاء اليوناني المتحدر من أصول نيجيرية في مقدمة تصويت الشرقية (4.37 مليون صوت). وأُعطيت الحرية لقائدَي الفريقين في اختيار لاعبيهم الأساسيين من ضمن اللاعبين الذين حصلوا على أكبر نسبة أصوات في الاقتراع، الذي يقوم على تصويت الجمهور (50 %)، الصحافيين (25%) واللاعبين (25%). في حين قام مدربو أندية دوري المحترفين باختيار اللاعبين الاحتياطيين، مع الإشارة إلى أنه لا يُسمح لهم بالتصويت لصالح لاعبيهم.
حين بدأ جايمس عملية تشكيل فريقه، اختار أولاً كيفن دورانت، أحد ثلاثة لاعبين من فريق غولدن ستايت ووريرز الفائز بلقب الدوري في الموسمين الماضيين. وجاء في المقام الثاني كايري إيرفينغ الذي أحرز معه لقب البطولة في 2016 بقميص كليفلاند كافالييرز قبل أن يخرج من ظلّ «الملك» وينتقل إلى بوسطن سلتيكس في صيف عام 2017. واختار جيمس لاعباً آخر مؤثراً في ماضيه هو دواين وايد صديقه وزميله سابقاً في ميامي هيت والذي دُعي بشكل استثنائي للمشاركة في مباراة «كل النجوم» من قبل رابطة دوري المحترفين من أجل الاحتفال بانتهاء مسيرته قريباً. كما وقع اختيار جيمس أيضاً على أنطوني ديفيس، لاعب ارتكاز نيو أورليانز بيليكانز، في ما يشبه مقدمة لضمه إلى ليكرز الذي فشل في الحصول على خدماته رغم محاولاته الحثيثة حتى الساعات الأخيرة قبل إقفال سوق الانتقالات. وضم فريق «الملك» أيضاً أفضل لاعب وأفضل مسجل في البطولة الحالية، نجم هيوستن روكتس جيمس هاردن. بدوره، لعب اليوناني يانيس مع ستيفن كوري (ووريرز)، الكاميروني جويل إمبيد (فيلادلفيا سفنتي سيكسرز)، بول جورج (أوكلاهوما سيتي ثاندر) وكيمبا ووكر (تشارلوت هورنتس) الذين اختارهم كأساسيين في الفريق معه. وكان لافتاً الأجواء الهادئة بين اللاعبين، والتنافسية البعيدة عن أي تشنج على عكس مباريات الدوري.
أسبوع «كل النجوم» جلب 116 مليون دولار إلى لوس أنجلوس العام الماضي


وحرصت رابطة الدوري على إجراء هذا الإصلاح الجديد في نظام اللعب، والذي بدأ سريانه العام الماضي، بهدف استعادة الطابع التنافسي في أمسيةٍ غالباً ما يميل فيها اللاعبون إلى الاستعراض على حساب اللعب، أو يغيب فيها التوازن بين المنطقتين، إذ مالت كفة المنطقة الغربية التي فازت 7 مرات في المباريات العشر الأخيرة. وسعياً منها لتحقيق هذه الزيادة في القدرة التنافسية للعبة، رفعت الرابطة الجائزة المالية من 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار لكل لاعب في الفريق الفائز، في حين يتلقى الخاسرون 25 ألف دولار لكل منهم. ويختار كل فريق جمعية أو مؤسسة خيرية لدعمها مالياً، إذ خصصت رابطة الدوري 500 ألف دولار للتبرع بها للجمعيتين. يحصل الفريق الفائز على 350 ألف دولار للجمعية التي اختارها، في حين يحصل الفريق الخاسر على 150 ألف دولار. إلا أنّ اللاعبين والجمعيات الخيرية ليسوا الوحيدين المستفيدين ماديّاً من هذه المباراة، إذ إنّ المدينة المستضيفة تنتعش اقتصادياً بشكل كبير، لأنّ حدثاً ضخماً مثل هذا يجذب الزوار من جميع أنحاء البلاد، الذين ينفقون المال في الفنادق والمطاعم وأماكن اللهو والتسلية. وقد أظهرت الدراسات أنّ أسبوع «كل النجوم» جلب 116 مليون دولار إلى لوس أنجلوس في العام الماضي، و45 مليون دولار إلى نيو أورلينز عام 2017. في المباراة التي جرت فجر الاثنين فاز فريق ليبرون جيمس بنتيجة (178-164)، وكان لقب أفضل لاعب من نصيب كيفن دورانت. وشهدت هذه الدورة أيضاً حفلات وعروضاً ترفيهية، وفواصل تسويقية عادت على إدارة اللعبة بمئات ملايين الدولارات، عدا عن نسب المشاهدة الكبيرة جدّاً، إذ حضر اللقاء في الملعب 19070 متفرجاً، بينهم أساطير اللعبة ونجوم السينما، ومئات الملايين خلف الشاشات.

أجور اللاعبين
تثير الجائزة المالية المخصّصة للاعبي مباراة النجوم الكثير من التساؤلات حول أهميتها، إذ تُطرح أسئلة عديدة عن حاجة لاعبين أمثال ليبرون جيمس، ستيفن كاري وكيفن دورانت إلى مبلغ 25 أو 100 ألف دولار، في الوقت الذي يجني هؤلاء ملايين الدولارات سنوياً. فجيمس هو اللاعب الأعلى أجراً في الدوري الأميركي للمحترفين للعام الخامس توالياً بحسب فوربس، إذ يحصل على راتب سنوي يبلغ 35.7 مليون دولار إلى جانب 53 أخرى من صفقات الرعاية، ليصبح إجمالي عائداته 88.7 مليون دولار. ستيفن كاري هو ثاني أكثر اللاعبين أجراً إذ يحصل على 79.5 مليون دولار (راتب + صفقات الرعاية)، في حين يحتل دورانت المركز الثالث بعائدات تصل إلى 65 مليون دولار سنوياً. إذاً فإنّ دافع اللاعبين للمشاركة في المباراة لم يكن يوماً الفوز من أجل المال، بل لإمتاع الجماهير في مباراة تزخر بالمواهب والخبرات الأفضل في عالم كرة السلة.