شرف كبير أن أعمل مع النادي الرياضي اللاعبون يحترمون ما أقوم به ولا أجد صعوبة بالعمل معهم

أحداث كثيرة شهدها موسم 2022 ـ 2023 في كرة السلّة اللبنانيّة، والذي اختتم بتتويج نادي الرياضي ـ بيروت باللقب. لاعبون أجانب على أعلى مستوى سجّلوا حضورهم في الدوري الأقوى بالشرق الأوسط برأي كثيرين، ولبنانيّون تألّقوا محليّاً وقاريّاً، إلا أن المشهد الأبرز كان على دكة بدلاء بطل لبنان ـ النادي الرياضي ـ طوال الموسم. شابة تتفاعل مع أحداث المباريات، تتحدث مع المدرب أحمد فرّان ومساعد الأول جورج عقيقي، كما تدوّن الملاحظات غالباً. الجميع سأل عنها، وعن دورها، رغم أنها ليست السنة الأولى التي تكون موجودة فيها على العارضة الفنية للفريق البيروتي.
الشابة هي رنا بظاظو (مواليد 1992)، المساعد الثاني للمدرب أحمد فران. «الأخبار» التقت رنا في المكان الأحب إلى قلبها، وهو ملعب النادي الرياضي لنتعرّف ونعرّف الجمهور على المؤهلات التي أوصلتها إلى هذا المركز، في نادٍ يعدّ من الأبرز في آسيا

(طلال سلمان)

من هي رنا بظاظو، وكيف بدأت قصّتها مع كرة السلّة؟
أحببت الرياضة منذ الصغر، ووالدايَ دعما موهبتي وشغفي من البداية. بين 2008 و2012 كنت أمارس كرة السلة. لعبت مع ناديَي الهارلم وهوبس، وخلال هذه الفترة اكتشفت أني أميل إلى التدريب أكثر. بدأت التدريب كمتطوعة وأنا في عمر الـ 16 سنة في نادي الهارلم في بيروت، تحت إدارة الحاج نزيه بوجي ومازن عرقجي. بعدها انتقلت إلى هوبس حيث بَقيت لسنتين هناك، قبل أن أنتقل في عام 2012 إلى نادي الرياضي.
بين 2012 و2023 سافرت أكثر من مرّة، للدراسة والعمل وللمشاركة في دورات تدريبية لتطوير قدراتي، وكنت دائماً أعود إلى النادي الرياضي.
تخصّصت تربية بدنيّة في الجامعة اللبنانيّة، وبعدها حصلت على منحة من جامعة لايبزيغ الألمانية عام 2017 ـ 2018، حيث حصلت على إجازة دوليّة في علوم كرة السلة، وهذا كان برنامجاً كبيراً ومهماً جداً بالنسبة إليّ. كنت واحدة من بين 50 طالبة من حول العالم تقدمن لهذا الاختصاص. كانت تجربة رائعة، وتعلّمت أشياء مهمة. لم أتعلم كرة السلة فقط، وإنما مختلف العلوم الرياضيّة.
لم تقتصر الدراسة على العلوم النظريّة، بل كان لدينا عمل تطبيقي. كنا نتابع ونحلّل مباريات الدوري الأوروبي (Euro-league) لأندية ألبا برلين وفنربخشه وسسكا موسكو... هذا الأمر أعطاني خبرة كبيرة جداً. البرنامج كان صعباً ومرهقاً، وهو عبارة عن 8 أشهر مكثفة جداً. حصلت على علامات عالية وشهادة في كرة السلة، والأمر الممتع كان وجود أشخاص من مختلف الثقافات والدول.
في تلك الفترة، حصلت على عرض لتدريب فريق كرة سلة للسيدات في الدرجة الألمانية الثالثة، ولكني فضلت التركيز على البرنامج والحصول على العلامات المطلوبة، وخاصة أن دوام الجامعة كان من الساعة 7 صباحاً حتى 6 بعد الظهر.
لقد كانت واحدة من أفضل تجارب حياتي.
شاركت أيضاً في العديد من الورش التدريبية خارج لبنان، سواء في دول عربيّة، وأوروبيّة.
هذا الاختصاص كان بمثابة شغف، لأني كنت أتطور بشكل كبير على مختلف الأصعدة، وهدفي العمل أكثر والتطور في هذا المجال أكثر.
العمل مع نجوم النادي الرياضي أمر رائع والعلاقة مبنية على الاحترام


كيف تدرّجت رنا في النادي الرياضي لتصل إلى ما هي عليه الآن؟
بدأت مع الرياضي في عام 2012، وتحديداً مع الفرق الصغيرة للفتية والفتيات. انتقلت بعدها إلى الأكبر سناً، وتسلّمت برنامج تدريب الفتيات، وتمكنت من أن أضع أُسس هذا البرنامج. قبل قدومي، لم يكن هناك برنامج متكامل لكرة السلة للفتيات من عمر 10 إلى 18 سنة، ومن خلال البرنامج الذي وضعته، وتشاركت فيه مع العديد من الزملاء، تَمَكّنَ العديد من الشابات من الوصول في عمر 18 سنة إلى فريق سيدات الرياضي المنافس بالدرجة الأولى.
خلال الفترة التي بدأ فيها فيروس كورونا، وبعد سفر المدرب أحمد فران للتدريب في الخارج، تم تعيين جورج جعجع مدرباً للفريق الأوّل للرجال. حينها اختارتني إدارة النادي الرياضي، على رأسها الحاج مازن طبارة، لأكون مساعدةً ضمن الجهاز الفني. عملت مع المدرب جعجع واللاعبين، وقدمنا موسماً جيداً 2020 ـ 2021 وفزنا باللقب.
خلال هذه الفترة، شاركت في العديد من المحاضرات والورش التدريبية الخاصة بكرة السلة عبر الـ online بسبب فيروس كورونا. تم اختياري لأقدّم محاضرة حول كرة السلة ضمن واحدة من المنصات الشبابية (speaker youth) في كندا. كنت العربية الأولى التي يتم ترشيحها لتقديم هذا الخطاب، بمشاركة مدربين من مختلف دول العالم. أختارني المسؤولون بين أفضل ثلاثة مدربين، وبعدها بشهر وصلني عرض عمل، وذهبت الى كندا.
سافرت لمدة سنة ونصف سنة، وكنت هناك مساعدة مدرب لفريق Lakeland College في مقاطعة ALBERTA، كما كنت رئيسة برنامج لكرة السلة في واحدة من أكاديميات كرة السلة هناك. نجحت في إيصال فريق Lakeland College إلى البطولة العامة في كندا بعد 20 سنة من غيابهم عنها، كان دوري كبيراً جداً مع الفريق. فزنا ببطولة محافظة ALBERTA، وحققنا المركز الثالث على مستوى كندا.
هذه التجربة كانت من الأفضل في مسيرتي، والجميع هناك كان سعيداً بعملي.
عدت إلى الرياضي مجدداً، ولم أكن أتوقع أن أعود إلى مركزي مساعدة مدرب في فريق الرجال الأول. اختارني رئيس النادي لهذا المنصب. أشكره على هذه الثقة، كما أشكر المدرب أحمد فران الذي هو شخص استثنائي، وأستفيد منه كثيراً في عملي مع الفريق.

(طلال سلمان)

ما هو دور رنا اليوم، وإلى أيّ مدى تجدين صعوبة بالعمل مع هذا العدد من النجوم؟
أنا مساعد ثانٍ للمدرب. عيني تكون دائماً على مدرب الفريق الخصم، لمعرفة الخطة التي يلعب بها، وكيف يوجّه لاعبيه، لكي نواجه خططه. أراقب طريقة لعب الفريق الخصم، سواء على الدفاع والهجوم. أركّز على كل شيء يحصل خلال اللقاء، وبشكل أساسي على التواصل بين المدرب الخصم ولاعبيه.
لديّ عملٌ كبير بعد كل مباراة، حيث أقوم بتقطيع جميع المشاهد الخاصة بطريقة لعب الفريق الخصم دفاعاً وهجوماً، لكي يعرضها المدرب أحمد فران على اللاعبين، ويعطيهم نقاط القوة والضعف للتحضير للمباريات المقبلة.
عملي يكون بين 4 و5 ساعات بعد كل مباراة لأحضّر المشاهد والملاحظات كافةً.
حصلت على منحة من جامعة لايبزيغ في ألمانيا وعلى شهادة دولية في كرة السلة


شرف كبير لي العمل مع النادي الرياضي. هذا شغف كبير، وخاصة أن العمل في هذا النادي هو حلم أيّ مدرب.
العمل مع أي لاعب خارج الرياضي يكون أمراً عاديّاً بالنسبة إليّ، ولكن مع لاعبي الرياضي هو أمر استثنائي وخاص. لاعبو الرياضي نجوم كبار. يعرفون كرة السلة جيداً، ولديهم حسّ عال في اللعبة. كل لاعب في هذا الفريق هو نجم.
ما يسهل العمل أكثر مع النادي الرياضي ومع هؤلاء اللاعبين، هو وجود نظام، و«سيستم» واضح للفريق. المدرب أحمد فران فرض احترامه على الفريق، وفرض بالتالي احترام جهازه الفني على الفريق. أحمد فران كان مدربي عندما كنت لاعبة في نادي الهارلم، وطريقة العمل معه دائماً رائعة، ولم أواجه أي مشكلة مع أي لاعب، سواء اليوم أو في البطولات السابقة.
الشباب يهمّهم أن يكون هناك احترام متبادل، وهذا موجود. أنا أقوم بواجباتي، وهم يحترمون العمل الذي أقوم به، سواء في التمارين اليوميّة، أو التحضير خارج أرض الملعب.
في الفترات السابقة، كنت أعمل معهم على الجانب البدني أكثر، ولكن اليوم عملي على المباريات. عملت مع وائل عرقجي خلال فترتين تحضيريّتين. كانت هذه التجربة رائعة ومهمة جداً بالنسبة إليّ. هذا أعطاني ثقة كبيرة، وعملت مع لاعبين آخرين في هذا المجال. كما عملت خلال الفترات التحضيريّة السابقة مع فريق السيدات الأول.

هل ستبقين مع النادي الرياضي أم أنّ هناك خطط أخرى؟
طالما أنا مع الرياضي، وهناك رضى عن عملي، وأنا راضية عن نفسي وأتطور باستمرار وأقدم ما هو مطلوب، سأبقى مع الرياضي، وهذا شرف كبير بالنسبة إليّ. الجميع يقوم بواجباته هنا، من الإدارة إلى الجهاز الفني واللاعبين، وكل شخص في النادي. يعملون على التفاصيل الصغيرة، لكي يرى المشاهد هذه الـ 40 دقيقة على أرض الملعب.

(طلال سلمان)

هل ستكونين مدرّباً أوّل لفريق كرة سلة للرجال في الدرجة الأولى؟
لا أعرف ما إذا كان هذا الأمر سيحصل في لبنان، ولكن حالياً ليس لديّ هذا الطموح. أقوم بعملي، أتطور وأحصل على خبرات جديدة. يجب أن أكون واقعيّة. أطمح إلى أن أؤدي عملي بالطريقة الصحيحة، وأنا سعيدة بالعمل مع المدرب أحمد فران، وأتعلم منه بشكل كبير، وخاصة لقدرته على إدارة فريق ولاعبين بهذا الحجم وهذه الخبرة. المدرب أحمد فران سهّل هذه المهمة، وهذا يدلّ على خبرته الكبيرة.
أن أدرب فريقاً للرجال في المستقبل، ممكن، وليس هناك شيء مستحيل. عليّ أن أعمل وأطوّر نفسي. كل أمر يساعدني على التطور والتحسن سأقوم به.

هل تفكرين بالسفر وخوض تجربة في الخارج؟
سافرت كثيراً، وأشارك دائماً في الدورات التدريبيّة في العديد من الدول. لم أجد صعوبة بالسفر والتدريب في كندا. أن أعيد هذه التجربة هذا وارد، وخاصة حين أجد نفسي غير قادرة على التطور هنا. أنا أعرف نفسي وأعرف قدراتي، وأعرف ماذا تعلمت وكيف تعبت على نفسي.


هل كان لديك تجارب كبيرة خارج الرياضي؟

(طلال سلمان)

عملت مع نادي هوبس، ولكن المسيرة الأكبر حتى الآن هي مع النادي الرياضي. عملت أيضاً مع الجامعة الأميركية، حيث بدأت مساعدة مدرب، وبعدها مدربة للفريق الأول لمدة 7 سنوات. كان لديّ تجربة لمدة سنتين مع نادي الشباب العربي في الدرجة الثانية، وهو النادي الرديف للرياضي. كنت مساعدة للمدرب جورج عقيقي، الذي هو الآن المساعد الأول للمدرب أحمد فران. كنت أصغر من اللاعبين هناك، وهذا أعطاني دافعاً كبيراً، وخاصة أننا كنا ننافس في الفاينال 4 (المربع الذهبي). هذه التجربة أعطتني خبرة كبيرة، وخاصة أنّي طبقت العديد من الأفكار مع اللاعبات تحت 18 سنة، ومع لاعبات الجامعة الأميركية.