هي ليست المرة الأولى التي تكون فيها المباراة الأخيرة في الدوري اللبناني أشبه بنهائي كأس حاسم، إذ تكرّرت هذه المسألة كثيراً أقلّه في الأعوام العشرة الأخيرة، وتركت متابعي اللعبة أمام فصلٍ أخير من الإثارة والحماسة التي رافقت غالباً آخر المواجهات.فعلاً الأمر تكرر هذا الموسم أيضاً ليصل العهد والأنصار إلى النهائي الكبير بعدما أطلق الأول تحديه الذاتي تحت شعار «نحو التاسعة»، في وقتٍ يعيش فيه الثاني تحديّاً يومياً على هذا الصعيد، وهو ناتجٌ عن الإرث الذي تركه نجومه السابقون لنظرائهم الحاليين المطالبين دائماً بالفوز بالبطولة وتعزيز الرقم القياسي في عدد مرات دخول الكأس إلى خزائن النادي الذي توّج بطلاً في 14 مناسبة سابقة.

يحتاج العهد للتعادل والأنصار للفوز (طلال سلمان)

ربما لم يكن العهد والأنصار أفضل فريقين في سداسية الأوائل على صعيد المستوى، لكنهما حققا المطلوب طوال موسمٍ متقلّب، سجّل تراجعاً في بدايته لبطل الموسم الماضي، ونتائج جيّدة لمنافسه، قبل أن تنعكس الآية في المراحل الأخيرة عندما عرف العهد (33 نقطة) كيفية تسلّق الصدارة متخطياً الصعاب، بينما وقع الأنصار (32 نقطة) في الأفخاخ فكانت النتيجة تراجعه إلى الوصافة في الجولة قبل الأخيرة من عمر البطولة، ليكون بالتالي بحاجةٍ إلى الفوز لاستعادة اللقب مقابل حاجة خصمه إلى التعادل لإبقاء اللقب في حوزته.
بالفعل استحق كلٌّ من العهد والأنصار مكانه في العرض الأخير، فهما كانا الأكثر تركيزاً وإصراراً على المهمة التي أرادا الوصول إليها، وعملا بجهدٍ من أجل عدم تفويت الفرصة على اعتبار أن العديد من الظروف التي عاشها المنافسون صبّت في مصلحتهما، لكن تبقى 90 دقيقة هي الأهم بالنسبة إليهما لتحقيق الهدف الأسمى.

العهد رغم كل شيء
من تابع فريق العهد في بداية الموسم شكّك كثيراً في إمكانية احتفاظه بلقبه، فهو عرف تقلبات فنيّة رهيبة، أفضت في النهاية إلى تغييرٍ في رأس الجهاز الفني بحلول السوري رأفت محمد بدلاً من باسم مرمر الذي قاده إلى الأمجاد المختلفة.
هو أمرٌ لم يكن يتخيّله كثيرون، تماماً كإمكانية تبدّل مستوى الفريق بعدما اختلف تماماً عن ذاك الذي قدّمه في الموسم الماضي عندما بدا أفضل من كل الفرق بأشواطٍ عدة. لكن بما أن البطل يسقط ولا يستسلم بدّل العهد من صورته كثيراً، أوّلاً بعدما أجرى تعاقداتٍ كانت الأهم على الساحة في سوق الانتقالات الشتوية، وثانياً بسبب ذهنية الفوز الموجودة عند لاعبيه المصرّين على عدم التخلي عن اللقب.
طبعاً ما ظهر عليه العهد هذا الموسم من شأنه أن يبدّل من صورته في الموسم المقبل حتى، وخصوصاً إذا ما بقي مدربه الحالي على رأس الجهاز الفني، إذ سيذهب بالتأكيد إلى ورشة تنظيم وإعادة بناء ليقدّم فريقاً مختلفاً في الشكل وفي المضمون أي لناحية الأسماء التي سيبقيها وتلك التي سيتخلى عنها.
صحيحٌ أن أفكار رأفت محمد بدّلت في مكانٍ ما من مستوى الفريق، وهو ما ظهر جليّاً في لقائه الأخير مع شباب الساحل من خلال المقاربة التكتيكية الفردية والجماعية، لكن تبقى أسماء نجوم العهد هي الفاصلة في أي لقاءٍ كبير على صورة ذاك الذي ينتظر الفريق يوم الأحد.
من حارسٍ استعاد مستواه بشكلٍ كبير وهو مهدي خليل، إلى خط دفاعٍ رباعي ثابت المستوى ونقطة قوة حتى في الحالة الهجومية، مروراً بخط وسطٍ خلّاق ومتعدد المزايا، ووصولاً إلى هجومٍ يكفي أن نذكر وجود الإسكتلندي لي إروين فيه ليكون مستوى الخطر على أي خصمٍ أعلى من أي وقتٍ مضى.

الأنصار لا يستسلم
وعند الحديث عن النجوم الذين يمكنهم صناعة الفارق لا يمكن التوقف إلا عند الأنصار عند مقارنة العهد بأي فريقٍ منافسٍ آخر، إذ إن التألق الفردي لهذا النجم أو ذاك في مبارياتٍ مختلفة، صنع الفارق بالنسبة إلى «الزعيم»، وهو الذي يعتمد على الموهبة الفردية لكلٍّ من لاعبيه الأساسيين والاحتياطيين الذين من شأنهم ترجيح أي مباراة لمصلحتهم.
من هنا، لا يمكن سوى القول بأن إيصال الكرة إلى هدّاف البطولة السنغالي الحاج مالك تال (22 هدفاً) قد تكون مسألة كافية للخروج بالمطلوب، أو ربما أن يكون النجم حسن معتوق في يومه ليكون الأنصار في أحلى أيامه.
بالفعل أيام الأنصار تعكّرت حصراً بإصابات لاعبيه المهمين، وهو ما جعل من أدائه متذبذباً، إذ نادراً ما تمكّن من الثبات على التشكيلة نفسها لأسابيع عدة، بحيث غاب معتوق مثلاً لفترةٍ لا بأس بها، ومن ثم نادر مطر، وبعده كانت الضربة الأكثر وجعاً بإصابة علي طنيش «سيسي»، ما أدى إلى زعزعة كبيرة في المنظومة، وهو ما ظهر واضحاً في آخر لقاءٍ خاضه الفريق وانتهى بخسارته أمام غريمه التقليدي النجمة ليفقد صدارة الترتيب العام.
ذهنية الفوز وضعت العهد في النهائي وإرث الأبطال قاد الأنصار إليه


من هنا، لا يمكن الجزم بأن استراتيجية مختلفة قد تقضي على العهد وترفع الأنصار، إذ إن الفريقين يعرفان بعضهما البعض جيّداً، وكما هو الحال عند المنافس، يملك الفريق البيروتي سمةً مميّزة وهي رفضه الاستسلام أيّاً كانت الصعوبات، وهو كلام تجلّى من خلال الهادئ معتوق عقب اللقاء أمام النجمة عندما دعا زملاءه، وبصوتٍ عالٍ، إلى مقاربة النهائي بكل ما يمتلكون من تركيزٍ وقوة.
فعلاً لم تنتهِ المعركة بالنسبة إلى الأنصار، فهل يستطيع تعطيل أسلحة العهد واستعادة الكأس منه؟
أيّاً تكن الإجابة والتوقعات والنتيجة، فإن كرة القدم اللبنانية أمام نهائي كبير للدوري قد يكون استثنائياً وتبقى ذكراه حاضرة في أذهان متابعي البطولة حتى الأزل.



هابطان إلى الدرجة الثانية اليوم
سيكون اليوم حافلاً على صعيد سداسية الأواخر في الدوري اللبناني، إذ هو اليوم الأهم بالنسبة إلى أربعة فرقٍ من أصل ستةٍ، على اعتبار أن مباراتين ستكشفان عن هوية الهابطين إلى مصاف أندية الدرجة الثانية.
ثلاث مبارياتٍ ستقام في الجولة الأخيرة من هذه السداسية، الأولى (الساعة 14:15) ستكون هامشية بين التضامن صور وضيفه طرابلس الرياضي بعدما ضمن الفريقان بقاءهما لموسمٍ جديد في دوري الأضواء.
أما المباراتين الحاسمتين فتقامان عند الساعة 14:45، وتجمعان بين الحكمة والإخاء الأهلي عاليه على ملعب مجمع فؤاد شهاب الرياضي في جونية، وبين الصفاء وضيفه السلام زغرتا على ملعب الأول. ولا يخفى أن المطلب الأول للفرق الأربعة سيكون الفوز ولا شيء سواه، إذ إن أحداً لن يخاطر باللعب لإحراز التعادل بحكم الفارق في النقاط الذي يفصل ثالث الترتيب العام عن صاحب القاع وهو نقطتين فقط، إذ يملك الحكمة 15 نقطة، مقابل 13 نقطة للإخاء الأخير، بينما يتساوى الصفاء والسلام زغرتا قبل الأخير بـ 14 نقطة لكلٍّ منهما.
بطبيعة الحال سيخسر الدوري في الموسم المقبل ناديين تواجدا غالباً بين الكبار، ليتركا مكانهما للراسينغ العائد إلى دوري الأضواء متوّجاً بطلاً للدرجة الثانية، وللأهلي النبطية الذي حقق إنجازاً تاريخياً بصعوده للمرة الأولى إلى مصاف أندية الدرجة الأولى.