الأنصار، العهد أم النجمة؟ هذا هو السؤال الأكثر تداولاً حالياً في ظل استمرار السباق المحتدم الى لقب بطولة لبنان لكرة القدم، والذي ترافقه ضغوط رهيبة على كل الفرق ولاعبيها.هذا الأمر كان ملموساً في الملعب، أقلّه في المرحلة الماضية، وفي الشارع طوال الأسبوع الحالي قبل الموعد الكبير المنتظر في نهايته، حيث سيتواجه الغريمان: الأنصار والنجمة في «دربي» سيحدّد بشكلٍ كبير وضعهما التنافسي قبل المرحلة الختامية التي ستتوّج البطل العتيد لموسم 2022-2023.
تملك الفرق الثلاثة المتنافسة على اللقب مفاتيح أساسية يمكن أن تحسم اللقب (طلال سلمان)

الواقع أن ما تعيشه الفرق الثلاثة ليس بالأمر السهل على مختلف المستويات، وأهمها الفنيّة، إذ إن أي خطأ مُكلف سيسجّله التاريخ ويذكره النقاد والمتابعون لفترةٍ طويلة، وهو ما يعرفه المدربون واللاعبون الذين يعيشون الصعوبات والضغوط يومياً، وهو ما جعل البطولة أشبه بحفلةٍ مليئةٍ بالإثارة والمفاجآت والتحديات بانتظار الحلقات الأخيرة من المسلسل الكروي الذي ستلعب تفاصيل محددة دورها في كتابته، بحيث يعتمد كلٌّ منها على مفاتيح أساسية.

الأنصار الحاسم
قد لا يكون الأنصار، متصدر الترتيب العام، هو الفريق الذي يقدّم أفضل كرةٍ في الدوري، لكن «الزعيم» يحقق الأهم أي النقاط الثلاث، وتحديداً في المباريات المهمة والمفصلية، ما أبقى ملاحقيه على مسافةٍ منه.
بطل الدوري 14 مرة (رقم قياسي) قد يضيف لقباً آخر، مستنداً الى مفتاحٍ مهم يتمثّل بخبرة مدربه جمال طه في حسم البطولات، وهو الذي غاب نادراً عن إنجازات ناديه بحيث كان حاضراً في أكثريتها لاعباً أو مدرباً.
حسابات طه نجحت حتى هذه اللحظة ولو أن فريقه مرّ بفترات صعودٍ أو هبوطٍ، لكنه لا يزال قادراً على الحسم بوجود مفاتيح يمكنها فعلها في أيّ ظرفٍ كان، ولعل أبرزها الهداف السنغالي الحاج مالك تال الذي سجل 20 هدفاً، وهو يمكنه أن يقوم بدور البطل في المواجهتين الأخيرتين الحاسمتين.
قوة الأنصار لا تكمن في الحاج مالك فقط، وقد تأكّد هذا الموضوع في المباراة الأخيرة له أمام شباب الساحل، إذ في حال استسلام السنغالي للرقابة الدفاعية أو استطاع أيّ فريق الحدّ من خطورته، يظهر حسن معتوق على مسرح الأحداث، وهو الذي ساهم في 14 هدفاً (8 أهداف و6 تمريرات حاسمة) سجلها فريقه حتى هذه المرحلة من الموسم، ما يمكن اعتباره بلا شك مفتاحاً ذهبياً في التشكيلة الأنصارية.
هذه التشكيلة هي بحدّ ذاتها تشكّل مفتاحاً في يد طه، إذ إن العمق الموجود فيها يمكنه أن يخلق عنصر المفاجأة في مواجهة الخصوم، تماماً كما حصل في نهاية الأسبوع الماضي عندما أشرك أحمد حجازي أساسياً فكان الأخير خلف هدفَي الفوز.
ضغوطٌ كبيرة يعيشها اللاعبون والمدرّبون والفرق لأنّ أيّ خطأ مُكلف سيذكره التاريخ الى الأبد


مفاتيح العهد أكثر
لكن رغم تعدّد مفاتيح الأنصار، يمكن القول إن العهد يفوقه على هذا الصعيد كون مقعد بدلائه يضمّ أسماء لها ثقلها. كيف لا وهو يُبقي في الاحتياط لاعبَين أجنبيين في معظم الأحيان هما: الغاني عيسى يعقوبو والنيجيري إيمانويل أوبيري.
وبالحديث عن الأجانب، يبدو مفتاح العهد الذهبي في هذه الفترة هو الهداف الاسكوتلندي لي إروين، الذي وقّع على 6 أهداف منذ التحاقه بالفريق في سداسية الأوائل. قوة هذا اللاعب تكمن في الحسم وفي خبرته الطويلة التي تجعل من رقابته مهمة صعبة على أرضية الميدان، وخصوصاً أنه يرهق المدافعين الخصوم بالتحركات الدائمة واللامركزية التي يُفرّغ من خلالها نفسه ليجد فرصةً أمام المرمى لهزّ الشباك.
إروين بلا شك كان صفقة استثنائية للعهد، لكن بطل الموسم الماضي يمكن أن يعتمد على مفتاحه الأهم لحسم اللقب، وهو صلابته في الخط الخلفي، وذلك انطلاقاً من عودة الحارس مهدي خليل الى مستواه المعهود، ووصولاً الى وجود رباعي دفاعي يقدّم مستوى ثابتاً، ويتمثّل بالظهير الأيمن حسين زين ونظيره الأيسر حسين دقيق، وقلبَي الدفاع خليل خميس ونور منصور.
ببساطة، صحيح أن العهد لم يظهر بنفس صورة البطل التي طبعت مستواه في الموسم الماضي، لكن الكل يهابه، وهو الذي يملك تشكيلةً مليئةً بأصحاب الخبرة الذين سبق لهم أن وضعوا أيديهم على الكأس أكثر من مرّة، ويعرفون الطريقة المثلى لحملها من جديد.

النجمة يتطوّر أسبوعياً
من ناحيته، بدا النجمة في تطوّرٍ مستمر أسبوعياً، ما جعل النقاد والمتابعين يشيدون بأدائه الذي وصفوه بالأفضل في البطولة، وهو ما بدا جليّاً في العديد من المباريات منذ وصول المدرب البرتغالي باولو مينيزيس.
هذا الرجل هو المفتاح الأول القادر على إنهاء صيامٍ طويل عن لقب الدوري، فهو خلق نظام لعبٍ جذاب وجريء في آنٍ معاً، وأصاب غالباً في خياراته على صعيد الأسماء التي بدأت بشكلٍ أساسي رغم وصوله منذ فترةٍ طويلة الى الفريق.
الواقع أن النجمة قد لا يملك الجودة نفسها في ما خصّ مفاتيح الحسم على غرار الأنصار والعهد، لكنه يملك ركائز قد تعطيه الفارق في آخر جولتين ليحوّل المستحيل الى حقيقة. وهذا الكلام ينطلق ممّا ظهر عليه بعض لاعبيه، وعلى رأسهم المتألق كريم أبو زيد الذي فرض نفسه أحد نجوم الدوري، رغم أن المباريات التي خاضها سابقاً على المعشّب الأخضر كانت معدودة بعد انتقاله إليه من كرة القدم للصالات.
الأكيد أنه إذا كان الحجر الأساس في التشكيلة الصلبة للأنصار مثلاً هو علي طنيش «سيسي»، فإن الأمر عينه ينطبق على النجمة الذي لا يمكنه أن يتخيّل نفسه من دون أبو زيد، إلى درجةٍ طغى تألّقه على اللاعبين الأجانب الثلاثة الذين استقدمهم الفريق.
هؤلاء بالتحديد بدوا أحياناً مفاتيح قوية وعابهم تذبذب المستوى في أحيانٍ أخرى، لكن لا يمكن إسقاط دورهم المهم في معارك الحسم، إذ على سبيل المثال انتُقد المهاجم البرازيلي جيفينيو في الكثير من المراحل، لكنه في نهاية المطاف جلب 9 نقاطٍ للنجمة من أهداف الفوز التي سجلها في مرمى الشباب الغازية وشباب الساحل وأخيراً البرج، ما يفرض القول بأنه أحد مفاتيح الفوز.
إذاً يدخل الدوري الأحد المقبل مرحلة الحسم النهائي التي يؤمل أن تحمل مشاهد كروية عالية المستوى ومشهداً عاماً مثالياً يمكن البناء عليه للموسم المقبل، بغض النظر عن هوية الفائز، إذ في ظل التحدّيات العامة التي يواجهها الكل بسبب الوضع المتأزم في البلاد، تحتاج اللعبة عامةً الى نصرٍ جماعي ينسيها ما مرّت به من مشكلات وإشكالات ويعطيها سبباً للاحتفال بنجاح موسمٍ لا يشبه أي موسمٍ آخر.



إجراءات استثنائية لقمّة الأنصار والنجمة

(طلال سلمان)

اجتماع مهم عرفته أروقة الاتحاد اللبناني قبل قمّة الأنصار والنجمة، جمع رئيس لجنة الملاعب موسى مكي، أمين سر نادي الأنصار نبيل سنّو، عضو اللجنة الإدارية في نادي النجمة خليل الغول وأعضاء من رابطة جمهورَي الناديين، حيث تمّ الاتفاق على اتخاذ إجراءات تنظيمية استثنائية، وهي إلغاء العمل بكافة البطاقات الاتحادية، إغلاق المنصة الرئيسية وحصرها بالإعلاميين فقط، إضافةً إلى إغلاق موقف السيارات أمام جميع الجماهير.
وتمّ تخصيص 700 بطاقة لكل نادٍ وفقاً للقرار المتخذ من إدارة ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب، وحصر بيع بطاقات الدخول إلى المباراة بالناديين فقط، على أن يُسمح لكل نادٍ بإدخال 40 شخصاً من رابطة الجمهور بعد تزويد الاتحاد بأسمائهم.
كما تمّ تخصيص المدخل الرئيسي للملعب لدخول جمهور النجمة، والمدخل الذي يقع على الطريق البحرية للملعب لدخول جمهور الأنصار. وسيعتمد خروج جمهور الفريق الخاسر أولاً بعد نهاية المباراة، وفي حال التعادل يخرج جمهور نادي النجمة أولاً، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط وداخل الملعب.