لم يكن عام 2022 استثنائياً لكرة القدم اللبنانية. تراكمٌ للإخفاقات على صعيد جميع المنتخبات، وتراجعٌ في مستوى بطولة الدوري، وتغييبٌ لملاعب العشب الطبيعي، وتضاؤل أعداد المشجّعين فيها. يحدث هذا، في ظل إنجازاتٍ تُسجّلها كرة السلة، التي وصلت إلى ثلاثة مونديالات في عامٍ واحد، وهي التي كانت الأبرز على صعيد جميع الرياضات. أبرز ما تحقّق بالنسبة إلى اللعبة الشعبية الأكبر، هو ختام بطولة الدوري، وهذا، بالمناسبة، يُعدّ «إنجازاً» بالنسبة إلى المسؤولين عن اللعبة.
مقارنة كرة القدم في لبنان بكرة السلة لا تُختزل بعامٍ واحد. الحقيقة أن ما حقّقته اللعبة السلويّة هو نِتاج أعوامٍ ماضية، تأثّرت بأزمة كوفيد-19 والوضع ولإقتصادي في البلد، لكنّها بقيت صامدة، بل تطوّرت على أصعدة عدّة، فلم تكن النتائج وحدها هي الفارق بين اللعبتين، إذ شهدت كرة السلة عودة الجمهور إلى الملاعب قبل نظيرتها في كرة القدم، وحافظت على المتابعة الجماهيرية، ووقّع اتحادها وأنديتها عقود رعاية، واستعادت قاعة بيار الجميّل في المدينة الرياضية.

في المقابل، كانت تخسر كرة القدم ملاعبها، حتّى لم يبقَ لديها أي ملعبٍ بعشبٍ طبيعي، ما اضطرها لاعتماد ملاعب صغيرة جديدة، وهو ما يؤثّر على سلامة اللاعبين. وعلى الرغم من عودة الجمهور المتأخّرة، فقد رافقت هذه العودة عدداً من الشروط، بتحديد أعداد المشجّعين، وشراء التذاكر من الأندية، وصولاً إلى منع جمهوري النجمة والأنصار من حضور عددٍ من المباريات بسبب الشغب، في ظل غيابٍ شبه تام للقوى الأمنيّة. جاء ذلك، بعد تأجيل انطلاق الموسم بكأس السوبر، بسبب غياب الجيش وقوى الأمن، واقتحام الجمهور ملعب أمين عبد النور في بحمدون.

وعلى الرغم من عودة الأجانب إلى بطولة الدوري، لم يتغيّر المستوى الفنّي كثيراً، بسبب مستوى اللاعبين أنفسهم، ما اضطر الأندية إلى فسخ عقود العديد منهم، وهذا غالباً، بسبب عدم قدرتها على دفع مبالغ كبيرة، ولجوئها إلى ضم لاعبين بسيرة ذاتية ضعيفة. ترافق ذلك مع «اختراع» نظام فنّي جديد، ينص على خصم نصف نقاط الفريق بعد خوضه 11 مباراة.

كل ذلك، يتصاحب مع فارق النتائج الهائل على صعيد المنتخبات. ففي كرة السلة، تأهّل المنتخب الأوّل إلى كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه، وحصل على وصافة كأس آسيا، كما توّج بلقب بطولة العرب. وتتابعت الإنجازات بتأهّل منتخب دون 18 عاماً إلى كأس العالم أيضاً، وفوزه بلقب غرب آسيا، كما تأهّل منتخب دون 16 عاماً إلى المونديال، فكانت الحصيلة 3 مونديالات وبطولتين.

أما في كرة القدم، توالت الإخفاقات في جميع الفئات العمرية، ففشلت منتخبات الناشئين والشباب والأولمبي بالتأهّل إلى ثلاث بطولات كأس آسيا. وتذيّل منتخب الناشئين مجموعته في كأس العرب، وعاد إلى لبنان بخسارتين فادحتين (0-6 أمام السعودية و0-9 أمام مصر)، بعدما كان نفسه حقّق وصافة غرب آسيا! منتخب الشباب بدوره تذيّل مجموعته في بطولة كأس العرب بخسارتين، في حين تذيّل المنتخب الأولمبي مجموعته في بطولة غرب آسيا. أما المنتخب الأوّل، فخرج من التصفيات النهائية من كأس العالم متذيّلاً مجموعته هو الآخر. وأجرى الاتحاد اللبناني تغييراتٍ كثيرة على الأجهزة الفنية، إذ لم يبقَ أي جهاز فني في جميع المنتخبات على حاله، بل وصل الأمر إلى تغيير 3 مدربين في منتخبٍ واحد خلال عام.

وعلى صعيد التصنيف، تراجع منتخب لبنان لكرة القدم من المركز 95 إلى الـ100، وخرج من تصنيف أفضل 15 منتخبٍ آسيوي، علماً أن تراجعه مستمر منذ عام 2018، حين وصل إلى المركز 81 عالمياً، وهو أفضل تصنيف في تاريخه، في حين يحتل منتخب السلة المركز 42 عالمياً، وهو التاسع آسيوياً.

وحتّى على صعيد الأندية، ظهر الفارق بين اللعبتين كعادته، فاحتفظ نادي بيروت للسيدات بالبطولة العربية للعام الثالث توالياً، فيما خرج الأنصار والنجمة من دور المجموعات في كأس الاتحاد الآسيوي.