صدمةٌ جديدة عاشها الأنصار الذي بدأ يشعر بأن لقب الدوري اللبناني يخرج أكثر فأكثر من خزائنه. هي مسألةٌ حتمية نظرياً برأي المتابعين ولو أنه لا شيء مستحيلاً في عالم كرة القدم، لكن أن تتلقى خسارةً رابعة في ثماني مباريات وأن تبتعد بفارق 12 نقطة عن صاحب الصدارة يعني أن الآمال ضئيلة جداً، خصوصاً أن الخسارة جاءت أمام منافسٍ آخر وهو شباب الساحل بنتيجة 2-3، وذلك بعد السقوط أمام العهد والنجمة على التوالي.المفاجئ أكثر أنه من بين كل المباريات التي خسرها الأنصار كانت هذه السقطة الأقسى عليه لأنه قدّم أداءً جيّداً، وذلك في مباراةٍ هي ربما الأفضل على صعيد النسق والإيقاع السريع لفريقين على أرض الملعب منذ انطلاق الموسم، حيث كانت النزعة الهجومية حاضرة بقوة والمواجهات الثنائية الرجولية تملأ كافة أرجاء الملعب.
الأنصار بدأها أصلاً بروحٍ هجومية مع ذهاب المدير الفني الألماني روبرت جاسبرت إلى اعتماد استراتيجية 4-3-3 بإشراكه حسن معتوق وكريم درويش وأحمد حجازي سويّاً، لكنه في كل مرّة فرض استحواذاً على الكرة وصنع فرصاً، تفاجأ بهدفٍ ساحلي، واصطدم ببراعة الحارس علي ضاهر أو إهدار مهاجميه للفرص.
معتوق فعلها في مناسباتٍ عدة في الشوط الأول بعدما افتتح فضل عنتر التسجيل في الدقائق الأولى إثر تمريرة عالمية من الشاب محمد حيدر (19 سنة) الذي نشط في خط الوسط إلى جانب نجم منتخب الشباب علي الفضل (18 سنة). لكن تمريرات نجم الأنصار بقيت من دون ترجمة وبقي هو نفسه بعيداً من تسجيل أي هدفٍ هذا الموسم، ليأتي الهدف الأنصاري الأول بعد ركنية استفاد منها درويش لينتهي النصف الأول من اللقاء بالتعادل.
وبين حيدر وعنتر توزّعت النجومية في الشوط الثاني مع تسجيل الأول هدفاً بتسديدة من خارج منطقة الجزاء، والثاني هدفاً من الأجمل هذا الموسم بكرةٍ صاروخية، وهو التاسع له في البطولة، ليفكّ صيامه عن التهديف، إذ إن آخر هدفٍ سجله كان في أواخر أيلول الماضي في مرمى طرابلس، وتحديداً في المرحلة الثالثة.
أفضل مباراة هجومية في الدوري تنتهي بالمزيد من المآسي للبطل


هدفٌ في زاوية قاتلة قتل معه طموحات «الزعيم»، فلم تساعده الدقائق التسع التي أضافها الحكم هادي سلامة، ولا هدف درويش الثاني في المباراة لإنقاذ نفسه، وابتعاده حتى عن دائرة الخطر، وهو أمر لم يتوقّعه أشد المتشائمين، إذ إن الأنصار يقف على بعد نقطةٍ واحدة من أول مركزي الهبوط!
هذا المركز بالتحديد سيشتد الصراع للهروب منه في المراحل المقبلة بعدما دفع سبورتينغ الصفاء إلى المركز الأخير بتغلبه عليه بنتيجة كبيرة 3-0، سجلها قاسم الشوم، علي بزي، وعلي عباس.
وهذه النتيجة حضرت أيضاً في مباراة طرابلس والحكمة، إذ رغم النقص العددي في صفوف الفريق الشمالي فقد أسقط «الأخضر» بثلاثية تناوب على تسجيلها غازي الحسين والقائد المخضرم أحمد مغربي الذي وقّع على هدفين.
نتيجةٌ تركت الحكمة أكثر الفرق حيرةً، إذ لا حلّ وسط عنده، فإما يفوز أو يخسر ليتجمّد رصيده عند 9 نقاط، لكنه بقي في دائرة سداسية الأوائل حيث يتقدّم طرابلس عليه بنقطة في المركز الخامس، ويقف أمامهما البرج (14 نقطة) الذي حسم «دربي» المنطقة مع شباب البرج بالهدفين اللذين سجلهما محمد الفاعور وعباس عوض خطأ في مرماه.
انتصارٌ أكثر من مهم للبرج الرابع لأن النجمة الثالث تعثر في صور أمام التضامن (1-1) بعد تقدّمه بهدف علي حمام، لكن ركلة جزاء سجلها كريم منصور قلبت المعادلة وأثارت الكثير من الكلام، ليتبيّن لاحقاً بحسب خبراء التحكيم أنها كانت صحيحة.
أما اللقاء الآخر الذي أثار الجدل على هذا الصعيد فكان ذاك الذي شهد فوز العهد على الإخاء الأهلي عاليه بركلة جزاءٍ سجلها هلال الحلوة. لكن هذه الصافرة الصحيحة قابلها أخرى لم تحضر في حالةٍ مماثلة لأن الفريق الجبلي استحق بدوره ركلة جزاء لم تُحتسب لمصلحته.
بطبيعة الحال، الجولة المقبلة ستكون مقدّمة لما سيشهده الدوري من حدّةٍ في المنافسة والإثارة قبل أن تنتهي المرحلة الأولى منه ويدخل العنصر الأجنبي الذي بلا شك سيقلب المعادلة في عددٍ من الأندية ويعطي إضافةً للمستوى المتطوّر للبطولة جولة بعد أخرى، وذلك على وقع موعدٍ كبيرٍ آخر يوم السبت المقبل عندما يلتقي العهد والنجمة في واحدةٍ من المعارك التي باتت كلاسيكية ونديّة إلى أبعد الحدود في العصر الحديث للكرة اللبنانية.