انطلاقة مرحلة مهمة في الدوري اللبناني لكرة القدم مع ثلاث مباريات بدّلت من الصورة التي طغت في الأسابيع الأخيرة، فكان النجمة أبرز المستفيدين بتغلّبه على الأنصار وسقوط شباب الساحل بشكلٍ مفاجئ أمام سبورتينغ متذيّل الترتيب العام، والذي حقق فوزاً تاريخياً كونه الأول له في الدرجة الأولى بنتيجة 0-2 (سجلهما قاسم الشوم وعلي بزي)، ليفقد الساحليون الوصافة لمصلحة «النبيذي»، الذي بات على مسافة نقطتين من المركز الأول بعدما تعثّر العهد في صور أمام صاحب الضيافة التضامن بتعادلهما سلباً.النجمة أنقذ نفسه مجدداً بهدفٍ وحيد سجله الظهير الأيمن أندرو صوايا في الدقيقة 25 من الشوط الأول بعد «وان ــــ تو» مع حسن كوراني، اقتحم على إثره منطقة الجزاء وسدّد كرة قوية ارتدّت من بطن العارضة الى شباك الحارس نزيه أسعد.
هذا في الوصف العام لمشهد «الدربي» الرقم 103 في كل المسابقات بين قطبَي بيروت، لكن في المشهد الخاص كان هناك الكثير من الأمور الفنية والتكتيكية التي يمكن الحديث عنها، والتوقف عندها بإعجاب أو باستغراب.
أنقذ النجمة نفسه مجدداً بهدفٍ وحيد سجله الظهير الايمن أندرو صوايا (طلال سليمان)

أول هذه الأمور هو الوضع الفني للفريقين اللذين يحتاجان بالتأكيد الى عملٍ كبير من أجل استعادة جزءٍ من مستواهما في الموسم الماضي، وهي مسألة تبدو معقّدة الى حدٍّ ما بالنسبة الى مصادر فنية من داخل الناديين، حيث أرجعت السبب الى التوقف المستمرّ للدوري والحاجة الى بعض الوقت للملمة الصفوف من جديد.
والكلمة الأخيرة تنطبق على الأنصار أكثر مما تنطبق على النجمة، إذ رغم أن بطل لبنان قدّم شوطاً أول جيّداً، إلا أنه ضاع في الشوط الثاني، وبدا من دون هوية حقيقية أو صورة فنية واضحة وسط فوضى تقطّع الأوصال والخطوط التي حدّت من فعاليته الهجومية غير الفعالة أصلاً هذا الموسم، والدليل أنه سجّل 7 أهداف في 7 مباريات.
«الزعيم» لم يظهر أصلاً بصورةٍ منظّمة في هذا الإطار وسط ضياعٍ في المراكز أو في تبادلها بين لاعبي الوسط والهجوم، ولو أن المشكلة تكمن في وسطه أكثر من أيٍّ مكانٍ آخر في التشكيلة بحيث افتقر الى لاعبٍ يجيد صناعة الألعاب من أجل إيصال حسن معتوق وأحمد حجازي الى منطقة الجزاء، ما دفع الأول للعودة الى الخلف مراراً من أجل استلام الكرات وسط رقابةٍ مشدّدة فُرضت عليه.
الأنصار والنجمة بحاجةٍ إلى عملٍ كثير لاستعادة مستوى الموسم الماضي


كل هذا وسط علامات استفهام على تبديلات قام بها المدرب الألماني روبرت جاسبرت في الشوط الثاني ولم تكن مفهومة، فكان تأثيرها صفراً على أداء فريقه الذي تفوّق في الشوط الأول وعجز عن فعل أي شيءٍ في الشوط الثاني.
أما النجمة فقد كان أفضل نسبياً، ولو أن مدربه السوري ماهر البحري أيضاً قام بتغييرات مفاجئة، منها على صعيد توزيع اللاعبين على أرض الملعب، وقد عاد عنها بعد مرور حوالى 20 دقيقة على انطلاق اللقاء، ومنها ترتبط أيضاً بالتبديلات على غرار إقحام عبد الله عيش بديلاً، ثم استبداله بلاعبٍ آخر!
المهم أن النجمة حصل على مراده بفضل حصنه الدفاعي. وهنا الحديث لا يرتبط بمسألة تسجيل مدافعٍ آخر لهدفٍ مهم في مشوار الموسم (صوايا هو اللاعب الرقم 106 الذي يسجّل في تاريخ «الدربي» والرقم 49 كنجماوي)، ولا بخبرة ماهر صبرا وقاسم الزين وعلي حمام قبل خروجه مصاباً، إنما بالمنظومة الدفاعية عامةً، إذ لا يمكن إسقاط الدور الكبير الذي قام به كلّ من عمر الكردي الذي لعب في مركز ارتكازٍ في الوسط للمرّة الأولى، وخليل بدر، والمهاجم محمود سبليني الذي تحوّل في حالاتٍ كثيرة الى ظهير، مدافعاً عن منطقته ومنتزعاً الكثير من الكرات من لاعبي الأنصار.
الآن تغيّرت الأوضاع كثيراً، النجمة أصبح واثقاً بشكلٍ أكبر من قدراته وإمكانية فرضه منافسة ثنائية مع العهد على اللقب، والأنصار أصبح متأكداً بأن عليه تعزيز تشكيلته بما تيسّر (تعاقد أخيراً مع لاعب النجمة السابق يحيى الهندي) لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولو أن المهمة باتت أصعب بابتعاده بفارق 9 نقاطٍ عن المتصدر، والتهديد الذي يلوح في الأفق بابتعاده عن دائرة الأربعة الأوائل، وخصوصاً إذا ما فاز البرج الذي يملك الرصيد نفسه من النقاط (8) على طرابلس الرياضي في واحدة من 3 مباريات تقام اليوم الساعة 14.15 في ختام المرحلة، حيث سيلتقي أيضاً الحكمة مع الصفاء، وشباب البرج مع الإخاء الأهلي عاليه.