لم يمضِ أسبوعان على جمع منتخب لبنان للاعبين دون الـ23 سنة مع تسليم المدرب الوطني جمال طه مهمة الإشراف عليه. منتخبٌ قد لا يوازي الاهتمام به وبأخباره ما يحيط بالمنتخب الأول، لكن لا يمكن إغفال أنه أساس لمشروعٍ مستقبلي يضع أهدافاً قريبة وبعيدة المدى، ما يجعل العمل الذي يحيط به جدّياً أكثر من أي وقتٍ مضى.هذا المنتخب تجمّع أكثر من مرّة بقيادة مدربه السابق جمال الحاج الذي حرص على خوض أكبر كمٍّ من المباريات انطلاقاً من أهمية الاحتكاك وضرورة لعب الكل في المجموعة لرفع مستوى الانسجام بين لاعبي الفرق المختلفة، وأيضاً لتطبيق ما دأب اللاعبون على التدرب عليه خلال الحصص التدريبية التي أقيمت بشكلٍ دوري في الأيام التي كانت متاحة لاستدعاء عناصر التشكيلة.
لكن مرحلة جديدة يدخلها المنتخب اليوم مع تسلّم طه دفّة التدريب حيث يفترض أن يسافر مع المنتخب إلى السعودية مع جهازٍ فني يُتوقّع بحسب معلومات «الأخبار» أن يضمّ المدربين الذين سبق وعملوا مع المنتخب في الفترة الماضية، وهو الأمر الذي يتوقّف عند قرارٍ اتحادي سيصدر مع أول جلسة تُعقد للجنة التنفيذية.
وبمجرد إطلاق طه للتمارين في الأسبوع قبل الماضي، توقّف كثيرون عند هذه المحطة معتبرين أن الاتحاد تأخّر في تعيين مديرٍ فني للمنتخب الأولمبي، وهي مسألة أوضحها عضو اللجنة التنفيذية مازن قبيسي الذي لا يزال عملياً رئيساً للجنة المنتخبات، قائلاً في اتصالٍ مع «الأخبار»: «أوّلاً أودّ أن أشير إلى أن تعيين طه جاء ليلتقي مع قوانين الاتحاد الآسيوي بحيث يفترض أن يكون المدير الفني حاملاً شهادة «PRO» مقابل شهادة تدريب آسيوية مستوى أوّل (A) لمساعده. وفي لبنان لا يحمل الشهادة الأولى سوى المدربين يوسف الجوهري الذي كان مرتبطاً مع النجمة، ومحمود حمود الذي يشرف على شباب الساحل، فكان طه الخيار الوحيد المتاح خصوصاً أنه حصل على استثناء من الاتحاد القاري كونه تولى تدريب منتخب الرجال». ويضيف: «أما بالنسبة إلى عامل الوقت واتهامنا بالتأخر في تعيين مديرٍ فني، فأقول إن هذا الأمر غير صحيح، أوّلاً لأنه في الفترة الماضية كان هناك استحالة لاستدعاء اللاعبين من أنديتهم، وثانياً لأننا كنا نعمل فعلياً مع المنتخب الأولمبي من خلال استدعاء 11 لاعباً منه إلى صفوف المنتخب الأول حيث انخرطوا في المعسكرات، وهي خطوة لم تحصل من قبل، لكنها إذا ما دلّت على شيء فهو على التخطيط للخطوات المقبلة التي تُختصر بالاعتماد بشكلٍ كبير على اللاعبين الشبان الذين سيكونون عماد المنتخب الأول في فترةٍ قريبة، وخصوصاً أن بعضهم أثبت أحقيته من خلال أدائه على أرض الملعب».

أسماء محلية ومغتربة
جمال طه قام بتسمية 24 لاعباً لمنتخبه على أن يضيف إليهم أسماء تنشط في الخارج، أمثال لاعب تشارلتون أثلتيك الإنكليزي هادي غندور الذي خاض مباراته الدولية الأولى أخيراً أمام كوريا الجنوبية، ومهاجم الراسينغ السابق كريم مكاوي الذي انتقل حديثاً إلى اوثولوس اثينو القبرصي، وأنطوان مكايل وهو مدافع يلعب في كندا، والحارس طارق ناجي الذي لعب في إنكلترا، علماً أن أسماء أخرى كانت مطروحة للانضمام إلى المنتخب، أمثال حسان كنعان وهو لاعب ارتكاز يلعب في السويد، وعلي ناصر وهو جناح يلعب في الولايات المتحدة الأميركية، وحسين غملوش وهو لاعب وسط يلعب في الكويت، لكن أسهم غندور ومكاوي ومكايل وناجي تبدو أعلى من كل المذكورين لتعزيز التشكيلة المحلية.
نجوم المنتخب الأولمبي سيعوّضون غياب المحترفين عن المنتخب الأول في كأس العرب


هذه التشكيلة تخوض حصة تدريبية واحدة أسبوعياً على ملعب بئر حسن بسبب ارتباط اللاعبين مع أنديتهم في ظل انطلاق الموسم الكروي رسمياً، وهي مسألة قد لا تلتقي مع ما تحضّر له المنتخبات الأخرى في المجموعة، وتحديداً منتخبي العراق والإمارات (تضمّ المجموعة منتخب فلسطين أيضاً)، اللذين انخرطا في معسكرات ويعملان على خوض عددٍ من المباريات الوديّة. ويوضح طه الذي سيغيب عن المنتخب الأول في المباراة المقبلة أمام العراق في الدور الحاسم من التصفيات الآسيوية المونديالية: «لدينا نواة منتخب جيّد حتى إن بعض اللاعبين قد تتمّ الاستعانة بهم لمواجهة سوريا في تصفيات كأس العالم إذا لزم الأمر، وذلك بعد عملية الدمج التي تمّت بين المنتخبين أخيراً في موازاة وصول المدير الفني التشيكي إيفان هاشيك».
محطة غرب آسيا لا تقتصر فقط على خوض البطولة الإقليمية، بل إنها ستكون بمثابة معسكر تحضيري لتصفيات كأس آسيا التي ستقام في طاجكستان أواخر شهر تشرين الأول المقبل، وهو الهدف الرئيس الذي سيتمحور العمل حوله، وخصوصاً أن من الصعب إقامة مباريات مع أي منتخبٍ بل سيحاول الجهاز الفني اللعب مع الفرق المحلية قبل السفر إلى السعودية في موازاة رفعه إعداده البدني والعمل على تجهيز كل اللاعبين، لأن المنتخب سيخوض 3 مباريات في ظرف 6 أيام فقط، وبالتالي سيكون تحت ضغطٍ كبير وغير معهود بالنسبة إلى لاعبين شبان.

التغيير في كأس العرب
غالبية هؤلاء اللاعبين سيحملون اسم لبنان في حدثٍ كبير هو كأس العرب في قطر حيث سيغيب اللاعبون المحترفون في الخارج، كون البطولة لا تندرج ضمن أيام «الفيفا»، لذا فإنه يتوقّع أن يوجد 12 لاعباً من المنتخب الأولمبي مع المنتخب الأول في هذا الاستحقاق الذي سيشكل محطة انتقالية أيضاً لبدء عملية تغيير أوتوماتيكية من جيلٍ إلى آخر، وهي خطوة متاحة بعد فتح المجال أمام مشاركة أكبر للاعبين الشبان في الدوري حيث يلعب غالبيتهم بشكلٍ أساسي حالياً مع فرقهم في دوري الدرجة الأولى، وقد أثبتوا أحقيتهم في المراكز التي حجزوها، أمثال ثلاثي النجمة مهدي الزين وأندرو صوايا وخليل بدر ومدافع الحكمة حسين فحص وغيرهم...
أما ما يحتاجه المنتخب فهو العمل على الجانب الجماعي، وذلك بعد تعرّف الجهاز الفني عن كثب إلى إمكاناتهم الفردية خلال وجودهم مع المنتخب الأول في معسكر تركيا، علماً أن نفس البرنامج الفني - البدني الذي اعتمده طه مع «رجال الأرز» سابقاً سيعتمده مع الأولمبي وخصوصاً لناحية العمل الحثيث على رفع مستوى اللياقة البدنية والجانب التكتيكي والانسجام، مع العلم أن خبرة المباريات الدولية ستكون مفقودة بلا شك بالنسبة إلى الكثيرين منهم وتحديداً أولئك الذين خسروا حوالى سنتين من النشاط بفعل توقف بطولات الفئات العمرية الآسيوية بعد تفشي وباء «كورونا» الذي تسبّب بإلغائها.
ويبقى أن تكون الإرادة بمستوى الآمال وحجم المسؤولية الملقاة على عاتق اللاعبين الذين لا بدّ أن يدركوا أن المسألة لا تتوقف عند تمثيل المنتخب الوطني أو المشاركة في بطولةٍ خارجية بل تتعداها إلى التأسيس لمستقبلٍ أفضل لكرة القدم اللبنانية بعدما تأمّل كثيرون خيراً من كل المواهب الوافدة حديثاً إلى ملاعب الكبار حيث تركت بصمة سريعة لا بدّ من مقاربتها بإيجابية.