قمّة ٌبكل ما للكلمة من معنى سيشهدها ختام المرحلة الثامنة من الدوري اللبناني بين الانصار والنجمة. قمّةٌ فعلاً بحكم وجود "الأخضر" في الصدارة، و"النبيذي" في الوصافة حيث تفصل بينهما 3 نقاط فقط.قمّة قطبي الكرة اللبنانية لا تعترف اصلاً بالنقاط والارقام أو بالاحصاءات التاريخية بل بالحاضر الذي يلتقي مع نهم كل لاعب لتحقيق الانتصار لفريقه، وهو ما عرفته تاريخياً هذه المواجهة البيروتية، اذ ليس بالضرورة ان يكون هذا الفريق مكتملاً او ذاك ناقصاً لكي يعطى افضلية على خصمه.
من هنا، تبدو الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها قبل لقائهما غداً، اذ لا يعني شيئاً تصدّر الانصار للترتيب امام النجمة، ولا يعني شيئاً ايضاً عدم ظهور الاخير بمستوى غريمه الأزلي. لكن رغم ذلك لا بدّ من التوقف عند نقاط قوةٍ ونقاط ضعفٍ لدى الاثنين يمكن ان تحدد شكل النزال ونتيجته النهائية.

الأنصار أقوى من الضعف
لا يخفى ان الانصار كان الفريق الافضل منذ بداية الموسم الحالي، اقلّه بحكم معرفته بكيفية الفوز بغالبية مبارياته وقبضه على الصدارة ورفضه التنازل عنها.
ومن هذه النقطة يبدأ الحديث عن نقاط القوة لدى حامل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالدوري اللبناني، اذ انه من الواضح ان اللاعبين باتوا يعرفون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم لاحراز اللقب هذا الموسم، وخصوصاً بعدما تأمّنت لهم كل السبل المطلوبة للصعود الى منصة التتويج. وهذه المسؤولية انعكست نقطة قوة لدى الانصاريين حيث خلقت جوعاً لا مثيل له لدى كل لاعب لتقديم افضل ما لديه فردياً وجماعياً، اضافةً الى نقطة اخرى ستطلّ في مباراة "الدربي" تحديداً، وترتبط بنجمين دوليين هما حسن معتوق ونادر مطر اللذين لا شك في انهما يريدان ان يصعّبا من حياة فريقهما السابق، وخصوصاً بعد الطريقة التي خرج من خلالها كلٌّ منهما من النجمة بعدما قَدِما اليه ساعيين الى تحقيق الالقاب المختلفة وعلى رأسها لقب الدوري.

(عدنان الحاج علي)

وعند الحديث عن اللاعبين يمكن التوقف عند نقاط قوةٍ كثيرة تجعل من نقاط الضعف قليلة جداً في الميزان الانصاري، اذ ان التشكيلة الانصارية تبدو مكتملة في جميع الخطوط، والاهم انها اصبحت متناغمة الى ابعد الحدود، ومتوازنة بشكلٍ كبير. وتضاف الى هذه المسألة نقطة قوة اساسية ومهمة جداً تجعل من الانصار قادراً على تخطي عقبة المباريات الكبيرة التي تعثّر فيها خلال سنوات خلت، وهي عامل الخبرة التي يتمتع بها عناصره الذين يشاركون بشكلٍ اساسي، وهو ما يبعد الضغوط عنهم ويجعل منهم قادرين على تقديم الافضل وتحقيق المطلوب.
وينسحب هذا الامر عند الحديث عن نقاط القوة عند العامل الفردي المهم جداً، اذ حتى خلال المباريات التي تذبذب فيها اداء الانصار كان الحل الفردي حاضراً عبر احد نجومه لحسم الامور. وهذه النقطة تتعزّز بقوة ايضاً من خلال وجود مقعد بدلاء مدجج باللاعبين القادرين على تعويض الاساسيين في اي لحظة وعند الحاجة، لكون لاعبي الانصار يتمتعون بجاهزية ذهنية لخوض اي مباراة بفعل توجّه المدير الفني العراقي عبد الوهاب ابو الهيل منذ بداية الموسم لاعتماد مبدأ المداورة بشكلٍ او بآخر.
لكن عند المداورة يمكن بدء الكلام في ما خصّ نقاط الضعف الانصارية، والتي تتمثّل بدايةً في عدم الاعتماد على خط ظهر ثابت اذا ما تحدثنا عن ثلاثي قلب الدفاع، لكون ابو الهيل شرع غالباً في تغيير لاعبٍ او اثنين وحتى ثلاثة بين مباراة واخرى في غالبية المراحل السبع التي مرّت حتى الآن. وهذه المسألة ربما كانت السبب في خروج بعض اللاعبين عن خط التركيز في محطات معيّنة وارتكابهم للاخطاء او في ظهور توترٍ ما عليهم من منطلق رغبتهم في التخلّص من الكرة سريعاً لتفادي ارتكاب اي خطأ وخسارة مركزهم الاساسي.
وفي الناحية الدفاعية تبرز نقطة ايضاً، وهي ان الانصار يكون اضعف اذا ما واكب ثلاثي قلب الدفاع لاعبَين على طرفي الملعب لا يهويان القيام بواجباتٍ دفاعية، على غرار ما يفعل نصار نصار وحسن شعيتو "شبريكو"، وهي مسألة اذا حضرت ستقلّص من حظوظ فوزه في مواجهة النجمة.
اما نقطة الضعف الاخيرة فظهرت لفترةٍ قصيرة عند محاولة دمج كل نجوم خط الوسط والهجوم في تشكيلةٍ اساسية واحدة، ما خلق ضياعاً نسبياً وبدّل من مهمات اعتادها البعض.

النجمة بحماسة وإصرار
اما بالنسبة إلى النجمة، فإن نقطة القوة الأبرز لديه فهي الحماسة المترافقة مع إصرار لاعبيه على اسقاط كل الترشيحات التي استبعدت النادي الجماهيري من دائرة المرشحين للفوز باللقب. وهذا الاصرار يمتزج بنقطة قوة اخرى وهي فردية ترتبط بلاعبين إما وصلوا الى نهاية المشوار تقريباً ويريدون حمل اللقب الى ناديهم قبل توديع الملاعب، وإما أُعيدوا الى الفريق لإعادة الاخير الى منصة التتويج وهم يشعرون بهذه المسؤولية، وإما تمّت إعارتهم أو بيعهم الى فرقٍ اخرى ومن ثم استعادتهم فيريدون اليوم إثبات انهم يستحقون الثقة التي وضعت فيهم واسقاط النظرة السابقة التي يرون انها ظلمتهم في مكانٍ ما.
وعند الحديث عن الحماسة لا بدّ من تحديد نقطة القوة في هذا المجال عند اللاعبين الشبان في الفريق، والذين يريدون التأكيد أنهم يستحقون حمل الراية النجماوية مستقبلاً وتسلم الدفة باتجاه الوصول الى البطولات، فباتوا على استعداد لتقديم كل ما لديهم في كل فرصة سانحة لهم للعب.
كذلك، من نقاط القوة الاساسية في الفريق التنوّع في امكانات اللاعبين، وخصوصاً اولئك الذين يلعبون في خطي الوسط والهجوم حيث يمكنهم لعب ادوار مختلفة، وهو ما قد يعقّد الحسابات الانصارية خلال المواجهة في حال قرر المدير الفني موسى حجيج اجراء اي تعديل تكتيكي واستراتيجي مفاجئ.
وعند الحديث عن حجيج، يعتبر الرجل نقطة قوة ايضاً، اذ يعرف معنى "الدربي" اكثر من ابو الهيل، ويعرف كيفية إعداد لاعبيه ذهنياً لهذه الموقعة، ويعرف ايضاً كيف يفترض التعامل معها للخروج بأفضل نتيجة ممكنة.
نقطة التعامل هذه مهمة جداً ويحتاج إليها النجمة، لكون الحديث عن نقاط ضعفه يبدأ من استعجال لاعبيه احياناً الوصول الى المرمى، ما يربكهم ويفقدهم الاستحواذ ويجعل من كراتهم، وخصوصاً الطويلة، عشوائية، ويعقّد الامور تالياً عليهم.
لا يعني شيئاً تصدّر الانصار للترتيب وعدم ظهور النجمة بمستوى غريمه الأزلي


هي مسألة ناتجة عن نقطة ضعف اخرى يفترض الحديث عنها، وهي عدم تمتع كل لاعبي الفريق بالخبرة الكبيرة، والتي يمكن ان تطفو كمشكلة اساسية في المباريات الحساسة، وتؤثر بالتالي على أداء المجموعة. وهذه المجموعة تحديداً اظهرت نقطة ضعفٍ في مكانٍ ما، حيث افتقد اللاعبون المخضرمون التناغم مع اللاعبين الشبان عند عدم ارتقاء بعض هؤلاء الى متطلبات المباريات وعدم تقديمهم لسببٍ او لآخر ما يطلبه منهم من سبقهم منذ زمنٍ طويل الى النادي، وهو ما اثار امتعاض اصحاب الخبرة.
اما نقطة الضعف الاخيرة التي اشار اليها المتابعون في اكثر من مناسبة فهي عدم تجاوب اللاعبين البدلاء مع المباريات عند دخولهم اليها، اذ ان العدد الاكبر منهم اعتاد اللعب اساسياً في الفريق الحالي او فريقه السابق، ما يجعلهم يحتاجون الى وقتٍ طويل للدخول في اجواء اللقاء، لكن احياناً يكون الوقت قصيراً لنهايته، وبالتالي يحتاج إليهم الفريق لصناعة الفارق بشكلٍ سريع وتغيير النتيجة، وهو امر لم يحصل غالباً.
بطبيعة الحال، لا يمكن الجزم بأن كل هذه النقاط سترجّح كفة فريقٍ على آخر، لتبقى الدقائق الـ90 هي الفاصل والحَكَم، وخصوصاً ان مباريات "الدربي" لا يحسمها سوى الفريق الاكثر جاهزية بدنياً وذهنياً في وقت اقامتها، لصبغ بيروت بلونه الخاص.



باقي المباريات
يفتتح الأسبوع الثامن من الدوري اللبناني لكرة القدم اليوم السبت بلقاءات طرابلس مع التضامن صور على ملعب العهد عند الساعة 14.15، والشباب الغازية مع السلام زغرتا على ملعب كفرجوز في التوقيت عينه، في حين يلعب العهد مع الصفاء على ملعب جونيه عند الساعة 16.05. ويلعب غداً الأحد شباب البرج مع شباب الساحل على ملعب بحمدون عند الساعة 14.15، والبرج مع الإخاء الأهلي عاليه على ملعب العهد في التوقيت عينه.