صرخةٌ أطلقها رياضيون خلال الأيام الأخيرة مطالبين بالنظر في مسألة إيجاد الحلول للجمود الحاصل على الساحة الرياضية، وخصوصاً أن تخفيف الإجراءات المتعلّقة بمكافحة تفشي وباء «كورونا» لم يلحظ الرياضة، فبقيت الملاعب والقاعات والأندية مغلقة، واستمر النزيف الداخلي ومعه الخسائر الكبيرة.طبعاً، لا يبدو مستغرباً على الإطلاق أن يكون الحذر كبيراً تجاه عودة النشاطات الرياضية ولو بشكلٍ جزئي، إذ أن كل الدراسات العالمية حذّرت من مغبة فتح أبواب الملاعب وقاعات التدرّب بالنظر إلى كثافة الاختلاط فيها، وحتى إن بعض المباريات في أوروبا (أمثال مباراة أتالانتا وفالنسيا في دوري الأبطال)، قيل إنها كانت من الأسباب الرئيسية لتفشي الوباء القاتل بشكلٍ جنوني في بعض البلدان.
لكن رغم ذلك، أتت الدروس من أوروبا لا لناحية عودة التمارين أو المباريات على غرار ما حصل في ألمانيا في نهاية الأسبوع الماضي، بل لناحية كيفيّة عمل الاتحادات واللجان الأولمبية بشكلٍ دقيق لإيجاد الحلول ورسم مسارٍ إنقاذي للرياضات المختلفة، وهو أمر لم يحصل في لبنان في ظل الهدوء الذي عرفته أروقة الاتحادات «المهجورة»، وانشغال أبناء الرياضة في الهموم الكثيرة التي أصابتهم ومنها طبعاً ما يخصّ الوضع الاقتصادي العام.
وزارة الشباب والرياضة ستفتتح اجتماعاتها عند الساعة العاشرة من صباح اليوم باستقبال وفدٍ من اللجنة الأولمبية


وما إن خرج مجلس الوزراء ليعلن قبل أيام قليلة تخفيف الإجراءات المتخذة ومنها فتح المسابح حتى علت بعض الأصوات التي ذهبت في اتجاهين: الأول صوّب على وزارة الشباب والرياضة واتهمها بالإهمال بسبب عدم المطالبة بحقوق الرياضيين، وهي أصوات خرجت من الساحة الشعبية بغالبيتها. أما الاتجاه الثاني فقد بدا رسمياً بشكلٍ أكبر مع كلامٍ لرئيس اتحاد التاي بوكسينغ سامي قبلاوي الذي طالب «بإنقاذ الرياضة والمسترزقين منها»، ومن ثم لرئيس اتحاد القوة والتربية البدنية حسنين مقلّد الذي دعا إلى التظاهر أمام الوزارة للمطالبة بعودة الحياة الرياضية.
تظاهرة كان يفترض أن تقام اليوم، لكن التواصل أفضى إلى عقد اجتماعٍ يضم الوزيرة فارتينيه أوهانيان إضافة إلى الاتحادين المذكورين سلفاً واتحادي رفع الأثقال والمصارعة، وذلك في أعقاب كتابٍ وجّهه مقلّد إلى الوزارة، طلب فيه إيصال صوت أصحاب ورؤساء الأندية إلى مجلس الوزراء بعدما رتّب الإقفال خسائر فادحة على القطاع والعاملين فيه، والذين باتت لقمة عيشهم مهدّدة.
وطبعاً يلحظ هذا الكتاب أندية اللياقة البدنية (GYM) التي توفّر المعيشة لحوالى الـ10 آلاف عائلة في لبنان، إذ يشرح مقلّد في اتصالٍ مع «الأخبار» قائلاً: «طلبنا أن نعود إلى فتح الصالات تدريجياً بقدرة استيعابية تصل إلى 50% كحدٍّ اقصى، وتحديداً في ساعات الذروة التي تكون غالباً بين الرابعة بعد الظهر والسابعة مساء». ويضيف: «نحن واضحون، إذ نشدد على الالتزام بالشروط الصحية الوقائية، ونضع أنفسنا تحت رقابة الوزارات المعنيّة كافةً».

(هيثم الموسوي)

ويلفت مقلّد إلى أن الاجتماع المقرّر جاء بعد تحرّكٍ من المدير العام للوزارة زيد خيامي، مبدياً أسفه من عدم تحرّك اتحادات كثيرة لإنقاذ ألعابها فيقول: «بعض رؤساء الاتحادات يعتبرون أن مناصبهم هي فخرية لا أكثر، ووجودهم فيها هو لإرضاء جهات سياسية، لذا لم يتحرك أحدٌ منهم أو يواكبنا في مسعانا». ولم يكتفِ مقلّد بهذا القدر بل صوّب على اللجنة الأولمبية اللبنانية بقوله: «العتب الأساسي هو على اللجنة الأولمبية التي لم تتحرك ولم تقم بأي مساعٍ لعودة النشاطات، ولم توصل صوتنا، ولم تقم بأي اجتماع أو مبادرة حتى لو فردية عبر الاتصال بالاتحادات». ويتابع: «راسلنا اللجنة الأولمبية من دون أن نحصل على أي ردّ منها، حيث كان مطلبنا هو دراسة وضع الأندية الرياضية لتفادي غرقها في أزمة مادية، إضافةً إلى البحث عن آلية تعويضات والسعي لعودة منظمة من خلال التنسيق مع الوزارة المعنيّة».
لكن الواقع أن من يصوّب على الوزارة قد يكون قاسياً بعض الشيء، ففي كل بلدان العالم ذهبت اللجان الأولمبية الوطنية والاتحادات إلى الحكومات عارضةً مشاريع العودة، لتضع بعدها الجهات الرسمية البروتوكولات والخطوات لاستئناف النشاطات. هو أمرٌ قد يبدأ العمل عليه في لبنان في الفترة القريبة المقبلة، إذ أن وزارة الشباب والرياضة ستفتتح اجتماعاتها عند الساعة العاشرة من صباح اليوم باستقبال وفدٍ من اللجنة الأولمبية بغياب الرئيس جان همام الموجود في كندا. وأشار مصدر في الوزارة إلى أن الاجتماع تقرّر بعد تواصلٍ بين الطرفين في مرحلةٍ سابقة، إذ أن باب الوزارة مفتوح للجميع، وسيتركّز البحث على وضع بروتوكول لإيجاد الخطة الأنسب لعودة النشاطات ولو بشكلٍ جزئي مبدئياً.
يوفّر قطاع العمل في أندية اللياقة البدنية المعيشة لحوالى الـ 10 آلاف عائلة


ويوضح أمين سرّ اللجنة الأولمبية العميد المتقاعد حسان رستم لـ «الأخبار» بأن المشاورات ستأخذ في الاعتبار أهمية الوضع الصحي العام «إذ لا نريد أن تكون الرياضة مصدراً لتفشي الوباء، لذا سنلتزم بتوصيات وزارة الشباب والرياضة بعد تنسيق الأخيرة مع وزارة الصحة». ويتابع: «اللجنة الطبية في اللجنة الأولمبية ستتواصل مع القطاعات الصحية لاتخاذ القرار السليم، إذ لدينا كامل الحرص على السلامة العامة وسلامة جميع الرياضيين».
ويشير رستم إلى أن اللجنة الأولمبية هي من بادرت إلى الاتصال بالوزارة عبر كتابٍ رسمي بعد تشاور أعضائها حول الموضوع، موضحاً أنه صحيح أن التواصل مع الاتحادات مقطوع، لكن الاتحادات الأساسية ممثّلة في اللجنة الأولمبية، بالتالي هي في أجواء المشاورات الدائمة التي تحصل بين الأعضاء، ما يعني أن احداً لم يهمل مسألة عودة الحياة الرياضية إلى طبيعتها.