كان بالإمكان تقسيم الفعاليات الرياضية في لبنان إلى قسمَين: القسم الأول يرتبط بالأنشطة والأحداث المتعلّقة بالرياضات والبطولات الأساسية في البلاد. أما القسم الثاني، فهو يرتبط بالأنشطة المرافقة أو تلك الثانوية، وربما حتى تلك التي تُقام على هامش البطولات الرسمية مثل المباريات والدورات الوديّة.لكن مع توقّف النشاط الأساسي في بطولة كرة القدم وبطولة كرة السلة على سبيل المثال، أخذت الأنشطة الثانوية قسماً من اهتمام المتابعين بحُكم توقّف البطولات التي تفتح الأبواب للجمهور وتشدّ أنظار المشاهدين عبر شاشات التلفزة. من هنا، باتت هذه الأنشطة مسألة مهمّة جداً للإبقاء على بوادر حياة في الرياضة اللبنانية، قبل أن يتمّ الإعلان عن دخولها مرحلة «الغيبوبة الاضطرارية» بعد تفشّي فيروس «كورونا» وصدور قرار وزاريّ بإيقاف كلّ الأنشطة الرياضية في البلاد، وذلك بعد التنسيق مع لجنة المتابعة الصحّية في وزارة الصحة، حيث بدت وزارة الرياضة متشدّدة في بيانها الأخير، مؤكّدةً ملاحقة مخالفي قرارها بإيقاف النشاطات أخلاقياً وقانونياً.
طبعاً، وجّه وصول الفيروس ضربات على مختلف المستويات، فقضى على آمالٍ كانت معقودة على عودة الحياة إلى بعض الرياضات، وقتل رياضات أخرى تماماً حيث لم يعد هناك أيّ أمل بعودتها في المدى القريب. كذلك، أثّر سلباً بشكلٍ جليّ على العاملين في الرياضات، وتحديداً في ما خصّ «القطاع الخاص» الناشط فيها.
وكالعادة، كانت كرة القدم على رأس المتأثّرين بالمشكلة المستجدّة، إذ أن الفرق التي كانت لا تزال تخوض التمارين متشبّثة بخيط أمل يعيد دوران الكرة بأيّ شكلٍ من الأشكال بعد التوقف القسري منذ تشرين الأول الماضي، وجدت نفسها مجبرة على الطلب من لاعبيها عدم القدوم إلى ملاعبها خوفاً من تفشّي الفيروس والتزاماً منها بالإجراءات العامة. هو أمرٌ مضرٌّ بالتأكيد باللاعبين الذين لا يستطيعون أيضاً زيارة النوادي الخاصّة وإجراء تمارين بدنيّة للبقاء في جهوزية بعد طلب وزارة الشباب والرياضة إغلاقها أيضاً.
وهذه الأخيرة تلقّت ضربة موجعة، إذ أنها إحدى مجالات العمل الخاص في القطاع الرياضي، بحيث أصبح مشغّلوها مجبرين على دفع الرسوم والتكاليف الخاصة بها من دون أن يحصلوا في المقابل على مبالغ من الاشتراكات التي يجمعونها من زبائنهم.
أكدت وزارة الشباب والرياضة ملاحقة مخالفي قرارها بإيقاف النشاطات أخلاقياً وقانونياً


وإذ توقفت دورة بلدية برج البراجنة التي جمعت 4 فرق، ودورة 16 آذار في طرابلس التي ضمّت عدداً أكبر بكثير من فرق المدينة والجوار، والهدف منهما كان إبقاء فرق الدرجات المختلفة في أجواء المباريات، فإنّ التأثير السلبي أيضاً أصاب الأكاديميات الخاصّة التي وجدت نفسها مجبرةً أيضاً على الطلب من اللاعبين البقاء في المنزل تزامناً مع القرار الرسمي، وهي مسألة ستوقعها في خسائر مالية غير بسيطة، وهي تصيب بالدرجة الأولى شريحة غير بسيطة من المدراء والمدرّبين الذين يعملون في هذه الأكاديميات التي أصبحت مصدر رزقهم الأساسي.
ولكرة السلة حصّتها أيضاً من المُصاب الأليم، إذ بعد مدّها بجرعة أمل عبر إعلان الاتّحاد اللبناني توجّهه لاستئناف النشاط في نهاية الشهر الحالي، أوقف «الكورونا» كلّ الحراك، تماماً كما فوّت على لبنان فرصة استضافة كأس آسيا للاعبين دون الـ16 عاماً التي كانت مقرّرة في نيسان المقبل، وذلك ضمن سلسلة بطولات قرّر الاتحاد الدولي للعبة تأجيلها بعد انتشار الفيروس في القارات المختلفة.
ولبنان كان متأثّراً أصلاً بـ«الكورونا» قبل وصوله إلى أراضيه، إذ أن بطولة آسيا للتايكواندو كانت قد تأجّلت أيضاً، بينما أفلت الفريق اللبناني في كأس ديفيس للتنس من التكبيل بالقرار الوزاري، فأكمل مهمته المتمثّلة بلقاء تايلاند على ملاعب النادي اللبناني للسيارات والسياحة.
تلك الملاعب تحديداً وغيرها من الملاعب الخاصّة بالمستديرة الصفراء الموزّعة في المناطق المختلفة، يبدو أنها ستبقى فارغة لفترةٍ طويلة مع تأكيد وزارة الشباب والرياضة في تعميمها أول من أمس حظر أيّ تجمّع في أي مساحة رياضية.
وإذا كان بالإمكان اعتبار كرة المضرب «رياضة صيفية»، فالأمر عينه ينطبق على السباحة التي ستكون بطولاتها مجمّدة حتى إشعار آخر، أو حتى بداية الموسم ووضوح الصورة أكثر في ما خصّ الانتشار اليومي المقلق للفيروس. والمسألة نفسها تنسحب على بطولات ألعاب القوى، وبطولات السيارات التي كانت قد بدأت بسباق السرعة الأولى وسط حضور جماهيري لافت، بينما سيكون الترقّب كبيراً لتطوّر الأوضاع الصحية في البلاد من قِبل القيّمين عليها حتى أيار المقبل أي موعد إقامة رالي الربيع حيث سيُبنى على الشيء مقتضاه.



طرابلس تغلق كلّ ملاعبها


دعت لجنة الشباب والرياضة في بلدية طرابلس إلى «تعليق الأنشطة الرياضية كافة، كإجراء احترازي للوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجد، بعد ارتفاع عدد المصابين ووفاة شخص بحسب وزارة الصحة». وجاء في تصريح لرئيس اللجنة عضو المجلس البلدي أحمد حمزة الباشا، أنه «استجابة لتعميم وزارة الشباب والرياضة، وبناء على التنسيق مع وزارة الصحة العامة، القاضي بدعوة الاتحادات والجمعيات والأندية الرياضية والشبابية والكشفية إلى تعليق الأنشطة على أنواعها حتى نهاية شهر آذار الجاري، تعلن لجنة الشباب والرياضة في بلدية طرابلس أنها أغلقت ملعب رشيد كرامي البلدي في طرابلس والملاعب البلدية والشعبية كافة في المدينة، وتدعو الاتحادات الرياضية والأندية كافة إلى إيقاف أنشطتها وإغلاق الملاعب والصالات الخاصة، وذلك حفاظاً وحماية للسلامة العامة للشباب والكشّافة والرياضيين والمدرّبين والإداريين والجمهور على السواء، وإلى الوقاية من انتشار فيروس كورونا، كما ندعو المواطنين في طرابلس ومدن الفيحاء إلى التعاون والتزام التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة العامة وشركائها».