لم يعد بإمكان المعنيين بلعبة كرة القدم في لبنان الانتظار أكثر. توقف الدوري اللبناني بدرجتَيه الأولى والثانية مع اندلاع أحداث 17 تشرين الأول الماضي. وبعد أكثر من ثلاثة أشهر لم يعد أمام الاتحاد اللبناني لكرة القدم سوى اتخاذ القرار، فكان أن علّق نشاط الموسم الكروي خلال جلسة عقدتها اللجنة التنفيذية أمس. لم يُلغِ الاتحاد الموسم بل علّقه. وضع الكرة في ملعب الأوضاع العامة في البلاد. فإذا سمحت الظروف لاحقاً بعودة النشاط الكروي، في حال استقرّت الأوضاع سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فحينها يجد صيغة ما لإعادة الحياة الى الملاعب اللبنانية، سواء بدوري مصغّر أم بإقامة مسابقة كأس لبنان فقط لمعرفة من سيمثل لبنان خارجياً في الموسم المقبل.أما اليوم فلم يكن أمام الاتحاد خيار سوى إغلاق الباب، بعد أن طال أمد الأزمة واستفحلت من جهة، وفي الوقت عينه أدارت غالبية أندية الدرجة الأولى ظهرها للعبة، وخصوصاً ناديَي شباب الساحل والنجمة. فقرار الناديين بعدم اللعب ضرب المسعى الذي كان قائماً لاستكمال الموسم. تحجّج النجمة بأسباب غير مقنعة ولا منطقية بحسب وصف البعض، ووضع شروطاً تعجيزية كعدم إلغاء الهبوط واستكمال الموسم من المرحلة التي توقف فيها، في حين أن نصف الأندية لا تريد اللعب. أما الساحل، فلم يكن صريحاً بالقول بأنه عاتب على بعض لاعبيه بالدرجة الأولى لعدم وقوفهم إلى جانب رئيسهم سمير دبوق. وفي الوقت عينه عاتب على بعض «زملاء» اللقاء الخماسي الذين تراجعوا عمّا تم الاتفاق عليه في اجتماعَيهم من ناحية رفض إلغاء الهبوط. وجد الساحل أن من جلس معهم على الطاولة واتفق وإياهم على مجموعة أمور لم يلتزموا بالاتفاق فوافقوا على اللعب بصيغة لا تعتمد هبوطاً إلى الدرجة الثانية. شعر دبوق بأنه خُذل من لاعبيه ومن حلفائه فقرّر عدم اللعب. حاول استلحاق الأمور بالإعلان عن استعداده للتراجع عن قراره عبر لقاء على «الفايسبوك»! لكن بعد فوات الأوان.
تتحمّل الأندية جزءاً من مسؤولية تعليق النشاط الكروي في لبنان


جلسة الاتحاد أمس كانت حاسمة، حيث اتُّخذ قرار بتعليق النشاط، بعد دراسة حيثيات الأمور وأهمها الوضع الأمني من جهة، وعدم رغبة معظم الأندية باللعب من جهة أخرى. فما يحصل في بطولة الشباب والأشبال من قلق وترقب قبل كل مرحلة تقام في عطلة نهاية الأسبوع، قلّص من خيارات الاتحاد وخصوصاً في ظل تفاقم الأمور وارتفاع منسوب العنف في الاحتجاجات التي تحصل.
ففي ليل السبت الماضي لم تهدأ هواتف المسؤولين في الاتحاد بسبب اتصالات الأندية التي تلعب في الشباب والأشبال والكرة النسائية لمعرفة ما إذا كانت هناك مباريات يوم الأحد، مع أسئلة حول مدى صوابية اللعب خوفاً على سلامة اللاعبين.
وما يُقلق المسؤولين في الاتحاد هو أن واقع الحال لا يوحي بأن الأمور تسير نحو الحلحلة. فلا تشكيل الحكومة بالصيغة المتداولة يوحي بأن الشارع سيقبل بها، وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى أن الأوضاع ستزداد سوءاًَ، ولا عدم تشكيل الحكومة سيساعد على استقرار الوضع.
علّق الاتحاد موسمه ولم يلغِه. قرّر استكمال البطولات الجارية كالشباب والأشبال والكرة النسائية، وعلّق بطولات الدرجات الأولى والثانية، كما وجمّد انطلاق بطولات الدرجة الثالثة والناشئين، وكرة الصالات، بانتظار تبلور الأمور.
لا شكّ في أنه يومٌ أسود في تاريخ الكرة اللبنانية وسيكون له انعكاس سلبي كبير على اللعبة، لكن في ظل الواقع الراهن على جميع الصعد يمكن القول: مكرهٌ أخوك لا بطل.