لطالما اعتُبر الأنصار «الطفل المدلل» لدى اتّحاد الكرة في نظر كلّ منافسيه. هذا كان في الماضي البعيد، لكن مع الدخول في الألفية الجديدة وتغيّر الهوية الاتّحادية وتبدّل طريقة التعاطي مع الأندية وجد الأنصار نفسه «مضطهداً»، بحسب ما اعتقدت الإدارات المتعاقبة على النادي الأكثر إحرازاً للألقاب في لبنان.بين من يعتبر الأنصار ممثّلاً في الاتّحاد، ومن يعتبره «كرة يتلاعب بها أصحاب القرار»، وصلت الأمور إلى ذروتها في عهد الرئيس نبيل بدر، حيث بدا وكأنّ «حرباً باردة» تحوّلت إلى حربٍ علنية اشتعلت بين الطرفين، فصرخ الأنصار مطالباً بما اعتبره حقوقه مستخدماً كلّ الطرق المتاحة، وردّ الاتّحاد بما اعتبره تطبيقاً للقانون بتوجيهه الإنذارات وبإقرار العقوبات بحق النادي الأخضر.
مدّ وجزر بأوجهٍ مختلفة شهدته جولات «المعارك» بين الطرفَين، فكانت الشرارات الأولى مرتبطة باعتراض الأنصار على التحكيم وشنّه هجمات موسمية عليه، ثم تلاها اتّهامات للاتحاد بالتقصير وبسوء الإدارة، وصولاً إلى إعلان بدر بوضوح تام بأنه سيخوض معركة ضدّ الاتّحاديين الحاليين في الانتخابات المقبلة. احتدمت الأمور ووصلت إلى التظاهر أمام مبنى الاتّحاد الذي أوقف بدر لمدة شهرين، وهو الذي كان قد تلقّى عدداً من الإنذارات في مواسم خلت.
اليوم فصل جديد من مسلسل المطالب والاقتراحات الأنصارية يسقط على الاتّحاد الذي بلا شك يفضّل السير بمقترحاته، وتحديداً في هذه المرحلة، بما خصّ مسألة استنئاف الدوري.
أكثر من كتاب يحمل شعار النادي البيروتي ومذيّل بتوقيع رئيسه وأمين السر عباس حسن، ربما أبرزها تلك التي طرح فيها الاتّحاد الشكل المقبل للبطولة، حيث انصبّ التركيز على مسألتَين: الأولى استكمال الدوري وفق مربع ذهبي، والثانية ترتبط بطلبه عدم اعتماد هبوط أيّ نادٍ في نهاية الموسم.
يريد الأنصار إحراج الاتّحاد للحصول على الضوء الأخضر لمقترحات تحمي مصلحته


النقطة الأخيرة أثارت علامة استفهام وفتحت الباب على اتّهامٍ للأنصار بأنه يُبرم اتفاقات من تحت الطاولة لحماية مصالحه بالتنسيق مع الأندية الأصغر منه، لناحية الوقوف معها في مطلبها في الجمعية العمومية غير العادية المقرّرة في 27 الحالي، مقابل تصويتها لمصلحة المربع الذهبي ودخول الفرق الأربعة الأولى إليه من دون أن تحمل نقاط مرحلة الذهاب.
اتّهام يردّ عليه أمين سر الأنصار في حديثٍ إلى «الأخبار» قائلاً: «الأنصار ليس معتاداً على الدخول في مساومات مع أيّ أحد، ونحن غير مضطرين للذهاب إلى هذا النوع من الخطوات لأننا نرتكز إلى القانون وإلى المنطق، وبالتالي ليس هناك أيّ اتّفاق مشبوه بل إننا نتعاون للحفاظ على مصلحة الجميع، وخصوصاً أن الاتّحاد لم يتحرّك بعد توقف النشاط حتى قرّرت الأندية تحريك المياه الراكدة».
ويؤكّد حسن أن الأنصار لم يتلقَّ أيّ إجابة بخصوص الكتاب المذكور، فكان الكتاب الآخر الذي أُرسل إلى مقرّ الاتّحاد في فردان أول من أمس الخميس، وفيه لفت نظر للاتّحاد إلى عدم أهلية الجمعية العمومية للبتّ في مسألة إقرار شكل استئناف الدوري، وهو لا ينتظر ردّاً أيضاً على هذا الكتاب لكنّه يبدو وكأنّه يريد أن يُحرج الاتّحاد أكثر للحصول على موافقة حول مقترحه الذي لا يخفي أنه يرى فيه حماية لمصلحته. وفي هذا الإطار يقول حسن: «نحن لا نرى أنفسنا في معركة مفتوحة مع الاتّحاد بل نتحرّك عندما نرى الأنصار مستهدَفاً، ولو أنّ ما تمّ اقتراحه قد يعتبر البعض أنه لا يستهدف الأنصار، لكنّه غير مقبول من قِبل نادينا». ويتابع: «ولد لدينا شعور بأن هناك ما يُحاك ضد الأنصار، وتوقفنا عند استكمال الدوري بشكل جديد وهو أمر يعتبر غير قانوني، إضافةً إلى استكماله من دون لاعبين أجانب».
هنا يبرز تناقض بين هذا الكلام وما فعله الأنصار عندما وقّع مع الأندية أجمع على كتاب أُرسل إلى الاتّحاد بخصوص العقود و«القوة القاهرة» التي تمنع الأندية من تنفيذها، لكن حسن يوضح «نعم وقّعنا على هذا الكتاب لكن الهدف كان لجسّ نبض الاتّحاد الدولي واستمزاج رأي الاتحاد المحلي في ما خصّ أي خطوة مرتبطة بهذا الشأن، لكننا لا نقبل فكرة إلغاء الأجانب. أو تغيير نظام المسابقة بل استئنافها بنظام جديد، وأجزم أن هناك لاعبين لبنانيين يملكون عقوداً أعلى قيمة مالية من تلك التي تخصّ الكثير من الأجانب، فوضعنا علامة استفهام حول أسباب عدم استمرار العنصر الأجنبي والهدف من وراء هذا القرار».

اعترض الأنصار مرّات عديدة على التحكيم(عدنان الحاج علي)

الواضح أن الأنصار يغمز من قناة حرمانه من أجانبه المميزين الذين يعتبرهم سلاحاً قوياً سيجلب له لقب الدوري، لكن الأكيد أن الأفضلية ليست في مصلحته إذا ما اعتمدت مرحلة ذهاب فقط، كونه خسر مع النجمة في بداية المشوار، لذا فإنّه يريد إما استكمال البطولة مع مربع ذهبي، ومن دون حمل النقاط أو إطلاقها من جديد، إذا كانت ستقام من مرحلة واحدة وكون هذا الأمر يتلاقى مع كلامه القانوني أكثر من الاقتراح الأول الذي يجعله يقبل بقرارٍ غير قانوني على حدّ وصفه له!
إذاً يرى الأنصار نفسه مستهدَفاً من الاتّحاد مرة جديدة، ومعتبراً أن الأخير يجب أن يلحظ مشاركته الآسيوية ومشاركة الأجانب للإبقاء على مستوى مقبول للدوري. كما تؤكد مصادره أنه سيشارك في الجمعية العمومية غير العادية لوضع المزيد من الضغوط ولرمي مسؤولية أيّ ارتدادات لاحقة عنه، بعدما أقفل ملف إرسال أي مقترح أو كتاب إلى الاتّحاد.
لكن ماذا لو لم تجرِ الرياح بما يشتهي الأنصاريون واستُكمل الدوري وفق المقترحات الاتّحادية؟ الإجابة تأتي من مصدرٍ أنصاري مشارك في القرار، فيختصر متوعّداً: «في حال فرض الاتّحاد ما يروّج له حالياً، فإنّ موقفاً غير مسبوق سيصدر عن الأنصار وسيصدم الجميع»، ما يعني أن الحرب لم تنتهِ ومعركة مفتوحة أخرى قد تكون بالانتظار.