الأندية بعيدة عن تطبيق المعايير
قبل توضيح الجوانب التي تحتاج الأندية إلى تطبيقها حتى تحصل على الرخصة الآسيوية للمشاركة في دوري الأبطال، يجب إيضاح أن الأندية اللبنانية تحصل على نصف مقعدٍ فقط، والمشاركة تكون من الدور التمهيدي الأول، الذي يؤهّل إلى الدور الثاني فالثالث، قبل التأهّل إلى دور المجموعات. هذا يعود إلى تصنيف الاتحادات البالغ عددها 46 اتحاداً في القارة، وفقاً لأداء المنتخبات الوطنية والأندية على مدار الأعوام الأربعة الأخيرة في مسابقات الاتحاد الآسيوي (في حالة لبنان، هذا يشمل مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي ونتائج المنتخب الوطني). حالياً، يحتل الاتحاد اللبناني المركز الـ12 بين الاتحادات الوطنية، ما يؤهله للحصول على نصف مقعد.
الأندية اللبنانية غير قادرة على تطبيق المعايير الآسيوية في الوقت الراهن
عموماً، يُلزم الاتحاد الآسيوي الأندية التي تريد المشاركة في دوري الأبطال بالحصول على الرخصة، وهي تحتاج إلى تطبيق ستة معايير: الرياضية والبنى التحتية والإدارية والقانونية والمالية، ومعايير الأعمال والتجارة والترويج. بشكلٍ عام، تفشل معظم الأندية في الحصول على الرخصة بسبب عدم تطبيقها للمعيار المالي.
في الواقع، يتّضح أن بعض الأندية اللبنانية، كالعهد والأنصار والنجمة، قادر على تطبيق العديد من المعايير، لكنه أيضاً بحاجةٍ إلى مساعدةٍ من الاتحاد الوطني، أو إدارات الملاعب، خاصةً في ما يخص الجوانب الرياضية (تتعلّق بنبذ العنصرية والتحكيم وقوانين اللعبة وفرق الشباب والرعاية الطبية)، كما البنى التحتية (اعتماد ملعب تتوافر فيه غرف مراقبة ومنطقة للجماهير وإسعافات أولية وخطة إخلاء معتمدة وجاهزية المرافق التدريبية والصحيّة وسلامة عامة ولوحات إرشادية ووجود أماكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة) وغيرها من الأمور، غير المتوافرة في جميع الملاعب اللبنانية، التي لا توفّر إداراتها جهداً لتنظيف الملاعب حتّى، أو تركيب مقاعد لترقيمها، كما يفرض اتحاد القارة (أُنذر نادي العهد قبل نحو أسبوعين بسبب عدم ترقيم مقاعد المدينة الرياضية). وفي حين تستطيع الأندية تأمين هذه الأمور، في حال وفّرت السيولة المالية لها، كما تطبيق الجوانب الإدارية، التي تتعلّق بتعيين سكرتير للنادي، ومدير عام ومسؤول مالي ومسؤول أمني ومسؤول إعلامي ومسؤول طبي، إلى جانب اختصاصي العلاج الطبيعي، ومدرب الفريق الأول ومساعده ومدير برنامج تطوير الشباب ومدربو الشباب وحراس الأمن والسلامة، تبدو أنها غير قادرة على تطبيق المعايير المالية، وهذه تشمل القوائم المالية السنوية، وعدم وجود مستحقات ناتجة عن انتقال اللاعبين، كما عدم وجود مستحقات للموظفين والهيئات الاجتماعية، وتوضيحات كتابية قبل صدور الترخيص ومعلومات مالية مستقبلية وضرورة تحديث البيانات المالية المستقبلية ومراجعة القوائم المالية للفترة المبدئية. والعالم بالشؤون المالية للأندية اللبنانية، يُدرك أن عليها ديوناً، ليس للاعبين ومدربين فحسب، بل إلى فنادق ومرافق رياضية وشركات ألبسة، إلى جانب التأخّر في دفع الغرامات أيضاً، وذلك إلى جانب تهرّبها من دفع حصة الاتحاد اللبناني من تسجيل عقود اللاعبين، عبر تغيير الأرقام المدفوعة لهم.
فعلياً، تبدو المشاركة في دوري الأبطال شبه مستحيلةٍ حالياً، وربما حتّى سنواتٍ مقبلة، لكن ذلك لا يعني أن الأندية اللبنانية محرومة من ذلك دائماً، لكنها تحتاج إلى الكثير من العمل، وذلك إلى جانب توافر السيولة المالية الكبيرة نسبياً، حتّى تتمكّن على الأقل من مجاراة اتحاداتٍ مجاورة، استحصلت على الرخصة، كالزوراء والقوة الجوية العراقيين (شارك الأول في النسخة الحالية وحصل الثاني على نصف مقعد من دون أن يتأهّل إلى دور المجموعات).
النتائج تفضح أيضاً
إذاً، الأندية اللبنانية غير قادرة على تطبيق المعايير الآسيوية في الوقت الراهن، وهي فعلياً ليس في مصلحتها المشاركة في البطولة أساساً. المستوى مختلف، والفرق غير القادرة على التأهّل إلى نهائي منطقة غرب آسيا في كأس الاتحاد، كيف لها أن تجاري الفرق الخليجية مثلاً في دوري الأبطال؟ أداء العهد (وهو المفترض أنه الأفضل محلياً)، أمام الاتحاد السعودي في مسابقة كأس محمد السادس للأندية الأبطال، يوضح هذه المسألة، علماً بأن الفريق السعودي يقبع حالياً في المركز الـ11 ضمن بطولة الدوري. هذه الأندية تنفق ملايين الدولارات، وتتعاقد مع مدربين ولاعبين أجانب لا يمرّون على الدوري اللبناني. الحديث هنا عن أسماءٍ عالمية، زيارتها للبنان ليومين هي حدثٌ استثنائي، فكيف أن تنضم إلى الأندية؟
في الواقع، لا العهد، ولا غيره من الأندية، قادرٌ حالياً على مقارعة كبار القارة. هذه الأندية تحتاج إلى أكثر من تطبيق بعض المعايير، هي بحاجةٍ إلى نظامٍ محترف، يشمل عمل اتحاد اللعبة والمرافق الرياضية ومستوى الدوري، بل تحتاج حتّى إلى فرقٍ منافسة، ليس كتلك غير القادرة على تأمين ميزانية 300 ألف دولار في الموسم الواحد. حقيقةً، يبدو أن الأندية اللبنانية لا تحلم حتّى بالمشاركة في بطولة الأندية الأبرز آسيوياً، طالما أنه لا مصلحةً لها في ذلك، ويبقى الحلم يراود الجماهير فحسب.