عقب خسارة الإخاء الأهلي عاليه أمام الأنصار، ضمن المباراة الأولى بدور المجموعات من كأس النخبة، برر لاعب الفريق الأول، محمد القرحاني، عبر مقابلةٍ قصيرةٍ نُشرت على «فايسبوك»، الخسارة، بتحيّز الحكم إلى جانب الأنصار، معتبراً أنه «وقف معهم»، إلى درجة أنه لم يبقَ سوى أن يقول لهم أن يدخلوا إلى الصندوق حتّى يحتسب ركلة جزاء، بحسب كلماته.خسارةٌ كانت متوقّعة بطبيعة الحال للفريق الجبلي الذي لم يستعد، كما فعل وصيف الدوري وكأس لبنان. كلام القرحاني لم يُتداول على صفحات التواصل الاجتماعي لأنه ألمح إلى تحيّز حكم المباراة إلى جانب الأنصار فحسب، بل لأنه لاعبٌ سابقٌ للنادي، لكن الجزء الأول هو الأهم. الاعتراض على التحكيم أمرٌ طبيعيٌ في لبنان، وفي كل الدوريات بشكل عام، لكن له حساسيته هنا، أو لنقل خصوصيته. عادةً، يبدأ الاحتجاج مع انطلاق الموسم، حتّى بعد مباراة كأس السوبر أحياناً، أو ربما، خلال فترة الاستعدادات، في المباراتين النهائيتين لمسابقتي كأس النخبة وكأس التحدي، لكن هذه المرة بدأ باكراً جداً، وليس من الممكن أن يكون أبكر، إلا إذا انسحب على المباريات الوديّة أيضاً!
عموماً، قد يكون تصريح القرحاني عفوياً بعد اللقاء. اللاعبون والمدربون في لبنان لا يتعاملون مع الكاميرا باحترافية في معظم الأوقات، بل يطلبون أحياناً حذف بعض مما قالوه لاحقاً إن كان مسجّلاً، لكن ما قاله لاعب الإخاء، وما سبقه إليه آخرون في الموسم الماضي، يُحاسِب عليه نظام العقوبات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، بعدما أضيفت مادة جديدة قبل انطلاق الموسم الماضي، تقول: «يحظّر على أي جمعية أو أي شخص، سواء كان لاعباً أو إدارياً، أن يلقي أو ينشر عبر الإعلام خطاباً أو مقالات أو تصريحات أو مؤتمرات صحافية تمسّ بالتحكيم الرياضي تحت طائلة معاقبته بالإيقاف لمدة تراوح بين شهر وستة أشهر، إضافة إلى عقوبة مالية تتراوح بين 10 وحدات و100 وحدة».
الاعتراض على التحكيم أمرٌ طبيعيٌ في لبنان وفي كل الدوريات بشكل عام


هذه المادة كان الهدف منها حماية الحكام بعد أن كثرت التصاريح الإعلامية، خاصةً الصادرة عن رؤساء الأندية، والتي نالت من الحكام، فتارةً اتهموا بالتأثّر بالبيئة المحيطة بهم، وتارةً شُكك بنزاهتهم، أو كفاءتهم. لكن في الواقع، لم تطبّق المادة فعلاً، ولو أن الاتحاد أنذر أكثر من رئيس نادٍ، وهو ما كان يفعله سابقاً، حتى أن أحد رؤساء الأندية أُنذر ثلاث مرات في المواسم الثلاثة الأخيرة، في حين أوقف أكثر من إداري وغُرّموا، لكن ليس بسبب تصاريحهم الإعلامية، بل لاحتكاكهم مع الحكّام أو التعرّض لهم، وهنا تُطبّق عقوبة مختلفة عن المادة الجديدة المذكورة.
صحيحٌ أن مثل هذه التصاريح التي تمس بالتحكيم، خفّت حدّتها في الموسم الماضي، مع انخفاض عدد أخطاء الحكّام، على الرغم من قلّة اعتماد لجنة الحكّام على الأجانب، على عكس مواسم سابقة، إلا أنها لم تنعدم. بعض هذه التصاريح، لم تصدر مباشرةً عبر قناةٍ تلفزيونية أو في مقابلةٍ صحافية، بل عبر مقابلاتٍ قصيرةٍ تُصوّر هاتفياً، وتُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي، ولذلك، تكون نسبة انتشارها أقل، لكن ذلك لا يمنع أن ثمّة من خالف القانون.
عموماً، عدم تطبيق المادة بشكلٍ حازم، لا يعني أنها ليست موجودة، وربما، قد يتّجه الاتحاد في الموسم المقبل إلى العمل بها فعلياً، للحد من مثل هذه التصاريح، ولو أن التحكيم اللبناني قد لا يكون صائباً دائماً، وفي بعض الأحيان، يكون كلام الإداريين واللاعبين فيه شيءٌ من الحقيقة، بما يخص الأخطاء التحكيمية فقط، من دون «تطييف» أو تشكيك بالنزاهة، أو الانحياز إلى نادٍ على حساب آخر. في الشق الأخير، يُشير أمين سر لجنة الحكام في الاتحاد اللبناني طلعت نجم لـ«الأخبار»، إلى أن اللجنة التي تعمل على تطبيق القواعد التحكيمية الجديدة الصادرة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، ستتشدد في الموسم المقبل على جانبٍ مُحدد، يخص الدوريات الدُنيا، خاصةً على صعيد المحافظات، وهو الالتفات، إذا ما كان الحكم سبق له أن لعب مع نادٍ معيّن وعُيّن حكماً لإدارة إحدى مبارياته، وهو ما كان يحصل، الأمر الذي سيحدّ من احتجاجات الأندية التي تشتكي من هذا
الموضوع.