لم تُغلِق معظم الأندية اللبنانية ملف التعاقدات مع اللاعبين الأجانب بعد، قبل أقل من أسبوع على انطلاق مسابقتي كأس النخبة وكأس التحدي التنشيطيّتين، كحال كل موسم. اللاعبون الذين سترتبط أسماؤهم بالأندية سيزدادون، والاختبارات ستُكثَّف لعددٍ كبيرٍ من اللاعبين، أغلبهم سيعودون إلى بلادهم. بعض هؤلاء لا يملكون سيرة ذاتية مهمة، ما يدفع المدربين إلى اختبارهم في التمارين والمباريات الودية، وبعضهم الآخر يحضر للتوقيع على العقود مباشرةً، نظراً لتاريخهم في الملاعب. السيرة الذاتية تؤدي دوراً مهماً في سوق الانتقالات، كما بين الجماهير أيضاً.الحكم على لاعب من مسيرته أمرٌ سهل. نقرةٌ على اسمه عبر أي محرّك بحثٍ على الإنترنت كافية لعرض ما قدّمه في الفرق التي لعب لها. البحث عن العمر، النادي الأخير الذي شارك معه والأندية التي مرَّ عليها، ثمَّ جولة على الإحصاءات الأساسية التي تُظهر عدد المباريات التي لعبها والأهداف التي سجلها وصنعها إذا كان مهاجماً أو لاعب وسط، أو عدد الأهداف التي تلقاها فريقه إذا كان مدافعاً أو حارس مرمى. سيرةٌ ذاتيةٌ تُلخّص حياة اللاعب، وهي غالباً تُعتمد في أي صفقةٍ تُعقَد، ولا تختلف عن سيرة أي شخص يبحث عن أي وظيفة. «CV»، تطلبها إدارة أيّ نادٍ لدى التعاقد مع اللاعبين، وتبحث عنها جماهير النادي للتعرّف إلى لاعب فريقها الجديد، كما مشجعو الأندية المنافسة، لإيجاد نقاط الضعف والقوّة لدى من سيواجه فرقهم.
127 مباراةً في الدوري التونسي الممتاز للاعب وسطٍ هجومي، لم يُسجّل خلالها سوى 6 أهداف، صانعاً عشرة مثلها. في المقابل، لعب للصفاقسي والإفريقي، وشارك في دوري الأبطال، وعمره لم يتجاوز الـ28 بعد. هذه المقدمة للتونسي مراد الهذلي، الذي من المتوقّع أن تتعاقد إدارة النجمة معه، ليكون ثاني أجانب الفريق بعد السنغالي إدريسا نيانغ. أرقامٌ لا تُغري أي إدارة نادٍ أو جهازٍ فني، لكن المدرب طارق جرايا طلب أن يكون الهذلي ثاني اللاعبين الأجانب في صفوف فريقه. جماهير النادي بدت متخوّفةً من لاعب فريقهم الجديد، خاصةً بعد الصفقات المخيّبة التي أبرمتها الإدارة، ومعرفتهم بأن الفريق بحاجة إلى لاعبين بمستوى عالٍ قادرين على تعويض غياب حسن معتوق. مشجعو الأندية المنافسة عرضوا أرقام اللاعب على وسائل التواصل الاجتماعي للتقليل من شأن الصفقة المرتقبة. الهذلي فشِل بعيون الجمهور قبل أن يلعب مباراةً واحدة. عموماً، من حق جميع الجماهير الحكم على اللاعبين من خلال شكل مسيرتهم وإحصائياتهم، لكن هذا ينطبق غالباً على جماهير أنديةٍ تنشط في دورياتٍ محترفة، وتلعب فرقها على ملاعب «محترمة»، وتمتلك عدداً لا بأس به من الأجانب بمستوى عالٍ. الملاعب اللبنانية، والبطولة عموماً، لها خصوصيتها، بزاويتها السلبية، واللاعب الذي ينشط في دوريات دُنيا في بلاده، قد يلمع نجمه في لبنان، وهذا الحال ينطبق على الدوريات العربية والآسيوية عموماً، ولو بدرجةٍ أقل.
اللاعب الذي ينشط في دوريات دُنيا في بلاده قد يلمع نجمه في لبنان


عديدةٌ أسماء اللاعبين المغمورين الذين تعاقدت الأندية اللبنانية معهم، وصاروا نجوماً يُضرب بهم المثل، على الرغم من أن أسمائهم ليست معروفة في المنطقة، أو ليسوا من نجوم اللعبة في بلادهم. ليس ببعيدٍ عن الهذلي، يحضر مواطنه التونسي حسام اللواتي مع الأنصار. البعض اختاره أفضل لاعبٍ في الموسم الماضي، وما قدّمه دفع إدارة النادي إلى تجديد عقده موسمين إضافيين. اللواتي، الذي إذا ما استمرّ في تقديم المستوى عينه خلال الموسمين المقبلين، سينضم إلى لائحة أفضل الأجانب الذين مرّوا على البطولة اللبنانية، وهو ليس أحد نجوم اللعبة في تونس، ولم يُستدعَ يوماً إلى المنتخب الوطني. كذلك فإن أرقامه لا تختلف عن أرقام الهذلي. لعب نحو نصف عدد المباريات (60) في بلاده، مُسجّلاً 3 أهداف، وصانعاً أربعةً أخرى، كما تُظهر الإحصاءات. بالمعدّل العام، أسهم بتسجيل هدف كل 8.5 مباراة، أقل بـ0.6 من معدّل اللاعب الذي يختبره النجمة.
هداف الدوري اللبناني لموسمين متتالين، الأرجنتيني لوكاس غالان، سجّل 36 هدفاً مع السلام زغرتا والأنصار، ولم يسجّل سوى سبعة أهداف في الموسم الذي سبق مجيئه إلى لبنان، حين كان يلعب في دوري الدرجة الثانية اليوناني، على الرغم من أنه لعب عدداً أكبر من المباريات في الموسم الواحد. البلغاري مارتن توشيف أثبت نفسه مع العهد بتسجيله عشرة أهداف في 14 مباراة، ولم يكن قد سجّل إلا هدفاً زائداً، في أكثر من ضعف ما لعبه خلال موسمٍ واحد (32) في الدوري البلغاري.
هذا الأمر ينسحب أيضاً على مستوى اللاعبين اللبنانين خلال وجودهم في لبنان وبعد احترافهم، بل يمتدّ أيضاً إلى تغيّر مستوى الأجانب الجيدين في الدوري اللبناني حين ينتقلون إلى دوريات أخرى. العكس يحصل أيضاً. بعض الأجانب الذين حضروا إلى لبنان وقُدّموا على أنهم سيكونون نجوماً، فشلوا.
لا يُحصر هذا الموضوع بالهذلي، بل يُطبّق على أي لاعبٍ تتعاقد الأندية المحليّة معه. الدوري اللبناني أضعف من الدوريات العربية الإفريقية والآسيوية، وأقلّ شأناً من دورياتٍ دُنيا في أوروبا، والمستوى لا يزال يهبط موسماً تلو آخر. الفرق التي لا تستطيع تسجيل عدد أهدافٍ بعدد المباريات التي تلعبها، وتكاد شباكها تتلقّى أهدافاً بضعف ما تلعب، ستبقى «لقمة سائغة» بالنسبة إلى الأجانب، ولا سيما العرب. التصنيفات تختلف بين دوريٍّ وآخر، و«العاطل» فنياً هنا، «منيح» في بلده، فيما «السوبر» في لبنان، «عادي» في دورياتٍ أخرى.