لم يُختتم الأسبوع الرابع عشر من الدوري اللبناني لكرة القدم. بقيت مباراة واحدة بين النجمة وطرابلس ستقام اليوم على ملعب المدينة الرياضية عند الساعة الخامسة والنصف مساءً. مباراة واحدة من أصل ست، جرى تأجيلها. مشهد يتكرر على الملعب عينه، ملعب المدينة الرياضيّة. أندية «بسمنة» وأندية «بزيت». أندية تلعب تحت الأمطار وفي العواصف على ملاعب برمائية، وأندية لا تلعب سوى على ملعب جاهز تماماً، المسؤولية توزعت، ولكن المباراة تأجّلت والأندية والجماهير عبّرت عن غضبها من السياسة المُتبعة في إدارة هذا الملف.8 كانون الأول 2018: مباراة النجمة والعهد في الأسبوع العاشر من الدوري اللبناني لكرة القدم. لم تُقَم. تأجّلت إلى يوم الاثنين 10 منه لعدم جهوزيّة ملعب المدينة الرياضية.
10 شباط 2019: مباراة النجمة وطرابلس ضمن الأسبوع الرابع عشر. من الدوري. لم تُقَم. تأجلت إلى يوم الثلاثاء 12شباط أيضاً لعدم جهوزية ملعب المدينة الرياضية.
مرّ شهران ويومان بين الحادثتين والمشهد عينه. أندية تلعب بظروف مناخيّة سيئة وأندية أخرى لا تلعب. اللافت في صورة الأسبوعين المذكورين أي العاشر والرابع عشر أن الملعب مشترك. وأحد الأندية أيضاً مشترك.
أول من أمس كتب مدير نادي الأنصار بلال فراج عبارة على صفحته على فايسبوك جاء فيها «نحن لا نطالب بالعدل لأنه مستحيل... نحن نطالب بتوزيع الظلم بطريقة عادلة». كلمات قليلة بمعانٍ كثيرة. الأخبار تحدّثت مع فرّاج للوقوف على سبب هذا التعليق، فيقول: «ليس الهدف إنهاء روزنامة فقط. حماية اللاعبين أيضاً هدف. جمالية اللعبة أيضاً هدف. تأمين المستلزمات المطلوبة للمباراة أيضاً هدف. ما حصل في عطلة نهاية الأسبوع غير مقبول. فالأحوال الجوية لم تكن تسمح بلعب مباريات الدوري، ورغم ذلك لُعبت جميعها باستثناء مباراة واحدة. لماذا لم يتم تأجيل المرحلة كلها إلى الاثنين والثلاثاء حيث الظروف المناخية أفضل. ما المانع؟»، يسأل فراج سؤالاً يحمل في طياته أكثر من مجرّد سؤال.
«في مباراتنا مع شباب الساحل على ملعب العهد كانت الأوضاع صعبة جداً. لكن بدا أن هناك قراراً بلعب المباراة بأي طريقة. أمرٌ عبّر عنه بوضوح مراقب المباراة علي رافع. أصرّرت على أن يتم فحص الملعب خصوصاً بعد هطول الأمطار بشكل غزير قبل انطلاق المباراة بربع ساعة. اختبر الحكم هادي سلامة مدى إمكانية تدحرج الكرة بشكل سليم على منطقة ناشفة. ضحكنا وفهمنا أننا يجب أن نلعب» يضيف مدير نادي الأنصار لـ«الأخبار».
«فزنا 3-2 بعد أن تأخرنا 0-2. ويقيناً لولا أن الأمطار توقفت في الشوط الثاني لخسرنا 0-4. طريقة لعب الأنصار تحتاج إلى أرضية جيدة» يختم فراج كلامه إلى «الأخبار».
كلام فراج لا يختلف كثيراً عن ما يصدر عن أكثر من نادٍ ومنها العهد مثلاً. صحيحٌ أنه لم يصدر تصريح رسمي عن النادي في هذا الإطار، لكن لا شك أنه وبعد تأجيل مباراة النجمة وطرابلس كان هناك استياء كبير بعد أن لعب العهد مع الصفاء على ملعب بحمدون في ظروف مناخية أصعب من تلك التي شهدها لقاء الساحل والأنصار.
يرمي الاتحاد مسؤولية التأجيل على إدارة المدينة الرياضية


العهد حقق فوزاً صعباً على الصفاء بهدف وحيد بعد خطأ قاتل من حارس الصفاء أحمد تكتوك ترجمه البلغاري مارتن توشيف إلى هدف الفوز. إعتراضات كثيرة على الهدف بوجود خطأ على الحارس تكتوك. أمرٌ كان من المستحيل تبيان صوابيته عبر كاميرا تلفزيون «وان» بسبب الضباب واستعمال كاميرا واحدة خلال النقل التلفزيوني. لولا كاميرا قناة المنار وكاميرا مصوّر الاتحاد لما كان بالإمكان معرفة أن الهدف صحيح ولا وجود لخطأ على الحارس في الكرة. العهد أفلت من تعادل بعد اللعب في أحوال جوية سيئة. تعادل كان سيعيد خلط أوراق المنافسة على اللقب لو حصل.
فريق آخر أيضاً استاء من التأجيل. طرابلس، «نحن كنا نفضّل أن نلعب وعدنا إلى طرابلس من منتصف الطريق. تأجيل المباراة يؤجل على برنامج تدريباتنا من جهة ويضعنا تحت الضغط البدني قبل لقائنا مع العهد في الأسبوع الخامس عشر»، يقول أمين سر نادي طرابلس سليم ميقاتي لـ«الأخبار».
تأجيل مباراة النجمة مع طرابلس فتح الباب على تأويلات وانتقادات للاتحاد اللبناني للعبة، وخصوصاً من جمهور النجمة. يروي عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد ورئيس لجنة الملاعب موسى مكي لـ«الأخبار» ما جرى خلال يوم الأحد الطويل، «صباح يوم الأحد تلقيت اتصالاً من رئيس مجلس إدارة المدينة الرياضية رياض الشيخة، الذي أكّد أن المباراة من الصعب أن تقام على ملعب المدينة الرياضيّة وبأن رئيس نادي النجمة أسعد صقال لا يمانع بتأجيلها». فكان الجواب بأن الاتحاد سيتخذ القرار المناسب سواء بإقامة المباراة أو تأجيلها بعد معاينة الحكم لأرضيّة الملعب.
يضيف مكي في حديثه إلى «الأخبار»: «تواصلنا مع عضو لجنة الحكام طلعت نجم وطُلب منه أن يتوجه الحكم المكلّف إلى ملعب المدينة ويعاين الأرضيّة قبل وقت، للتأكّد من جاهزيتها لإقامة المباراة، حتى لا يتكبّد نادي طرابلس والجمهور الآتي من خارج العاصمة مشقة المجيء من دون فائدة. كما تم التواصل مع الحكم جميل رمضان المكلّف بقيادة المباراة، وطُلب منه معاينة الملعب، للوقوف على جاهزيته وإبلاغي بالنتيجة (رئيس لجنة الملاعب موسى مكي). عاين رمضان الملعب بحضور المراقب محمد المولى وتمّ إبلاغي بعدم جهوزية الملعب على الإطلاق لاستقبال اللقاء. ليس من ناحية البرك المائية فقط بل من ناحية طول العشب وعدم استواء أرضية الملعب». وعلى هذا الأساس تم تأجيل المباراة إلى اليوم (الثلاثاء).
المفاجأة كانت أن الملعب غير جاهز. وقد علمت «الأخبار» أن معاينة المعنيين انتهت إلى أنه حتى لو لم يكن هناك أمطار، فلا يوجد إمكانية للعب على الملعب. فالعشب طويل ويحتاج إلى العمل (قص العشب)، كما أن هناك مناطق مرتفعة وأخرى منخفضة وبالتالي يحتاج إلى إعادة تسوية (حدل). وعليه، فإن الملعب من الأساس لم يكن جاهزاً للعب عليه، حتى لو لم يكن هناك أمطار.
سيناريو مكرر ومشهد معاد، وقصة إبريق الزيت ذاتها. إذ أصبح من الواضح أن اللعب على المدينة الرياضية، مع وجود أمطار أمرٌ مستحيل، رغم أن كلفة إجراء مباراة واحدة على ملعب المدينة تبلغ حوالى ثلاثة آلاف دولار أميركي. كما أن قرار إجراء المباراة من عدمه يعود للمدينة الرياضية، وليس للاتحاد اللبناني للعبة، ولكن الأخير يملك قرار تحديد ملاعب المباريات وتأجيلها وفق متابعة الأرصاد الجوية. المشهد هنا أيضاً بات يتكرر دائماً، وبات العديد من الأندية والإدارات ينتقد تأجيل مباريات والاستمرار بأخرى، رغم أن الظروف المناخية تكون مماثلة، وفي بعض الأحيان صعبة في المباريات التي تُلعب، أكثر من تلك التي يتم تأجيلها، وفي هذا الإطار تكون المسؤولية على الحكّام الذين يعاينون أرضية الملاعب، وهم وحدهم يملكون قرار تأجيل المباراة أو إقامتها بحسب وضع هذه الأرضية. الأمور بحسب العديد من المراقبين باتت بحاجة إلى حل نهائي، حتى لا تشعر أندية بالغبن كما حصل هذا الأسبوع، بعد أن استنكرت بعض الأندية عدم تأجيل كامل الجولة.