بدا نادي الحكمة في طريقه إلى الهلاك خلال الأشهر الأخيرة. نادٍ تأكله الديون ويعيش يومياً على وقع خضّات ودعاوى قضائيّة وتراشق إعلامي بين كلّ من يرتبط به، إضافةً إلى ثورةٍ جماهيريّة بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت إلى الشارع. هذا الجو ليس بالجديد على النادي الأخضر، إذ عاش الحكمة «نكبات» مشابهة خلال السنوات الماضِية، لكنّه خرج منها سالماً كونها لم تكن بالسوء الذي كانت عليه أخيراً، إذ أُجبر على تشكيل فريق كرة سلة من الناشئين وبميزانيّة محدودة جدّاً، وفريقٍ آخر لكرة القدم بما تيسّر، فأصبحت النتيجة النهائيّة للموسم معروفة سلفاً. لسان حال الحكماويين اليوم يقول إن المَخاض العسير انتهى، وهم الذين اختاروا لجنة إداريّة جديدة، يرون فيها فرصةً أخيرة لإنقاذ النادي. اللائحة التي يرأسها إيلي يحشوشي، ينتظرها عمل كبير لنفض غبار الخيبات. مصدرٌ حكماوي مقرّب من الإدارة الحالية يصف الوضع، بأن الإدارة أخذت على عاتقها مهمّة رعاية شخصٍ مريض، قضى فترة طويلة في العناية الفائقة، وبالتالي يحتاج الآن الى عملية جراحية للشفاء. لذلك اختارت الجمعيّة العموميّة إدارة جديدة، بعض أعضائها كان قد لعب دوراً في نهضة نادي الحكمة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
ميزانية وخطة عمل
اسم الرئيس الجديد إيلي يحشوشي ليس بالغريب على أحد، فهو كان رئيس اللجنة الإعلاميّة في النادي حتى قبل وصول الرئيس التاريخي أنطوان شويري، إذ لا يزال كل الحكماويين القدماء يذكرون الفيديو الترويجي لفريق كرة القدم بعنوان «Allez Les Verts» الذي اعتُبر خطوة متقدّمة في أواخر الثمانينيّات، وترك انطباعاً جميلاً عن النادي ولا يزال عالقاً في ذاكرة محبيه. وفي عهد شويري تسلّم يحشوشي منصب نائب الرئيس، وشغل رئاسة لجنة كرة السلة، وواكب عمل الفريق.
في تلك الفترة كان المال مؤمّناً، فاهتم يحشوشي بكلّ شيء يرتبط بالهيكليّة الإداريّة. أمّا اليوم فالمهمة مغايرة، إذ عليه أن يؤمّن العنصر الأهم أي المال، لإعادة الأمور إلى نصابها وترتيب البيت الغارق بالديون وما نتج عنها من مترتبات قضائيّة.
وعَلِمَت «الأخبار» من مصدرٍ موثوق أن يحشوشي وفريق عمله كانوا قد بدأوا العمل على إيجاد تسويات مع اللاعبين الذين كانوا قد تقدّموا بدعاوى قضائيّة للحصول على مستحقاتهم المالية المتراكمة، وهي مسألة أساسيّة للعمل على رفع التوقيف المفروض على النادي لناحية التعاقد مع لاعبين جدد، حيث ستكون الخطوات التنفيذية لهذا الإجراء عَقِب عمليّة التسلم والتسليم بين الإدارة السابقة ونظيرتها الجديدة.
عمل كبير ينتظر الإدارة الحالية خاصة على مستوى تأمين الأموال


ومما لا شك فيه أن الإشكال الأخير الذي شَهده ملعب نادي غزير عقب مباراة الحكمة والشانفيل، شغل الإدارة وقام بتأخير العمل على خطوات أسرع، وخصوصاً في الجانب التنظيمي الخاص بترتيب لجان النادي وغيرها من الأمور الداخلية، لكن الانطلاقة العمليّة المنطقيّة هي من الشق المالي حيث الاهتمام الرئيسي بمسألة تذويب الديون المتراكمة، لكي تكون الفرصة كبيرة لإعداد فريقٍ منافسٍ في كرة السلة للموسم المقبل، وآخر ينافس على الصعود للدرجة الأولى في كرة القدم. كما سيُعمل على دفع الرواتب المتراكمة، إذ إن فريق كرة السلة لم يتقاضَ إلا راتباً واحداً في 4 أشهر، مقابل راتبٍ لفريق كرة القدم من الإدارة السابقة، إلى راتبٍ ونصف من رجل أعمال داعم للنادي. وجرياً على العادة، قامت الإدارة الحاليّة بزيارات لشخصيات كانت تدعم الحكمة خلال السنوات الماضية. ويبقى العمل الرئيسي الآن هو لتأمين الميزانية من خلال عددٍ من الداعمين ومن خلال مجلس أمناء. ويقول مصدر حكماوي في هذا الصدد أنّ الرئيس إيلي يحشوشي لم يكن ليخوض الانتخابات ويتسلم «كرة النار» لو أن الميزانية غير مؤمّنة أو أن خطة العمل غير واضحة.

تغيير في الجمعيّة العموميّة!
مهام كثيرة تنتظر الإدارة الجديدة للحكمة، خاصّة أنها فازت في الانتخابات من دون حصول أيّ خرق، وهذا الأمر يعني أن الجمعية العمومية التي أعطتها الثقة، تنتظر النتائج. وبالأرقام، فمن أصل 213 مصوّتاً وضع 132 منهم «لائحة الإنقاذ» كاملة، مقابل 39 لائحة كاملة للجهة المنافسة. وبالحديث عن الجمعية العمومية فهي الأخرى ستكون من المهمات الأساسيّة التي ستعمل عليها الإدارة الجديدة. وتقول المصادر إنه سيتم فتح باب الانتساب إلى الجمعية، على اعتبار أنه قبل الانتخابات الأخيرة سدد 270 عضواً اشتراكاتهم من أصل 423 عضواً، ما يعني أنه أصبح واضحاً عدد الأشخاص الفاعلين وهوياتهم، بينما يفترض البحث عن أسماء أخرى بعضها فارق الحياة، لكن أسماءهم لا تزال في جدول النادي. وتؤكد المصادر أنه سيتم وضع شروط جديدة للانتساب، ليكون جميع أعضاء الجمعية العمومية فاعلين، ويقومون بدعم النادي، ويكون لديهم التزام بدفع الاشتراكات المالية والمشاركة في تحمّل المسؤولية على هذا الصعيد كون النادي بحاجةٍ دائمة إلى دعمٍ مالي. ومن المتوقع أن يتم تأمين الموارد الماليّة من مشاريع أخرى، كالاستفادة من الأرض الموجودة في عين سعادة، حيث كان من المفترض أن تتحول إلى صرحٍ رياضي كبير تابع للنادي. ففي حال تمّ العمل على إدخال أموال إضافية من خلالها عبر استثمارها بالشكل الصحيح، سيكون المردود جيّداً، وخصوصاً أن أندية رياضية ومدارس عدة يمكنها اعتمادها وإحياء الصرح المهجور.
كلام كثير قيل، وخطط عمل كثير أيضاً وضعت، ولكن تبقى العبر بالتطبيق، لكي يتم إخراج الحكمة من المأزق الكبير الذي يعيشه اليوم، والذي أثّر على صورته بشكل سلبي خلال السنوات الماضية.

النادي في كنف المدرسة
تعتبر جماهير الحكمة أن النادي عاد مجدداً إلى كنف المدرسة، إذ إن يحشوشي وأمين السر كميل سعادة، والقاضي داني شرابية، وسمير صالح، وإيلي رشدان، ورامي شدياق، هم من تلامذة مدرسة الحكمة، فعادت الهوية الحكماوية إلى النادي. ومن أسباب الارتياح أيضاً عودة أسماء مثل النجم السابق لفريق كرة السلة إيلي مشنتف، وهو بحسب مصادر دفع المقرّبين منه إلى التصويت للائحة يحشوشي، التي انتظرت أصوات 147 من الأعضاء، لكنها حصلت على عددٍ أكبر. مرحلة هادئة يعيشها النادي اليوم، هي مرحلة انتقاليّة، يتم خلالها تأمين مقرّ جديد أيضاً (في مبنى المدرسة في الأشرفية أو مبنى القدامى) بدلاً من المبنى القديم. ليبدأ العمل للمرحلة المقبلة، وإعادة بناء ناديي كرة السلّة وكرة القدم، والعمل أيضاً على استقطاب الرعاة.



إجراءات إعلامية وتسويقيّة
بدأت الإدارة الجديدة باتّخاذ بعض التدابير، فتم تعيين مسؤول إعلامي جديد هو الزميل إيلي نصار، وبدأت الخطوات العمليّة لإغلاق الصفحات الكثيرة الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحمل اسم النادي. وكانت مجموعة كبيرة من هذه الصفحات قد استخدمت كمنصّات للتجاذبات في عزّ الانقسامات. وبحسب المصادر تعتزم الإدارة الجديدة تنظيم هذه المسألة واعتماد الصفحات الرسمية الخاصة بالنادي فقط. كما أُبلغ اللاعبون بعدم إجراء أي مقابلات وتحديداً تلك التي يطلّون عبرها من خلال صفحات على «السوشال ميديا». وفي هذه النقطة أيضاً أفكار تسويقية قد تعود بالأرباح إلى النادي، منها إبراز أسماء رعاة خلال إطلالات اللاعبين الإعلاميّة.