مرّ أسبوعان على لقاء الإخاء الأهلي عاليه والنجمة ضمن الأسبوع الثالث من الدوري اللبناني لكرة القدم. مباراة بقيت حديث الشارع الكروي لأيام نتيجة الأحداث التي شهدتها على ملعب بحمدون سواء داخل الملعب من شتائم ورمي للعبوات أو خارجه من توترات وإشكالات من دون أن يصدر قرار رسمي حول الأحداث. غداً، يستضيف الملعب مباراة الإخاء مع ضيفه التضامن صور، فما هي الإجراءات التي اتُّخذت لمنع تكرار ما حصل؟
مشاكل الملاعب ليست محصورة بملعب بحمدون فقط (عدنان الحاج علي)

لم تتخطَّ الأمور سقف العقوبات المالية بحق ناديي النجمة والإخاء الأهلي عاليه بعد أحداث مباراتهما. تغريم الأول مليون ليرة والثاني 500 ألف ليرة. عقوبات ارتكزت إلى المادة 1-22 من نظام العقوبات استناداً إلى تقريري مراقب المباراة وحكام اللقاء. هي ليست المرة الأولى التي تحصل فيها أحداث مماثلة في بحمدون. والإشكالات ليست محصورة بهذا الملعب تحديداً. ففي الأسبوع الثالث أيضاً كان ملعب النبي شيت مسرحاً لأحداث مشابهة داخل الملعب من إشكالات بين جمهوري البقاع والعهد. الأمر عينه ينسحب على ملعب طرابلس الذي يشهد بعض الأحداث وخصوصاً الهتافات الطائفية والسياسية. لكن غالباً ما يكون ملعب بحمدون في الواجهة نتيجة تكرار الأحداث عليه. من مباراة النجمة والإخاء الأخيرة، إلى لقاء الموسم الماضي بين الأنصار والإخاء مروراً بمباريات أخرى، فالإشكالات ليست محصورة بمباريات الإخاء فقط. لقاء الأنصار والعهد ضمن كأس النخبة شهد من الأحداث ما هو مخجل على صعيد الهتافات الطائفية والسياسية والشتائم. وقبل سنتين كان ملعب بحمدون مسرحاً لإشكال كبير في لقاء السلام زغرتا والعهد الشهير والذي توقف لأكثر من نصف ساعة نتيجة اعتراض نادي السلام على قرار تحكيمي قبل أن تستأنف المباراة ويتوقف الدوري لأسابيع قبل حل المشكلة حينها. المشكلة ثقافية وعميقة.
من الناحية التقنية، مشكلة ملعب بحمدون متعددة الأسباب. أولها طبيعة الملعب حيث أن مدرجاته موجودة على جانب واحد من الملعب. كما أن المسافة الفاصلة بين المدرجين ضيّقة جداً حيث تتوسط منصة الشرف الرئيسية المدرجين بمسافة صغيرة. كما أن المدرجين قريبان من مقاعد الاحتياط ما دفع بالمسؤولين عن الملعب إلى إيجاد حلٍّ قد يكون لبنان البلد الوحيد الذي توصّل إليه. مقاعد الاحتياط نُقلت إلى الجهة المقابلة للمنصة الرئيسية لابعاد الضغط الجماهيري عن الاحتياطيين والجهاز الفني وخصوصاً لدى الدخول والخروج من أرض الملعب. سبب آخر هو موقع الملعب في بحمدون أي بعد مدينة عاليه معقل نادي الإخاء الأهلي حيث يقطن غالبية جمهوره. هذا ما يؤدي في بعض الأحيان إلى تجمّع أشخاص على الطريق المؤدي إلى بيروت والتعرّض للجمهور الضيف. ثالث الأسباب هو «العصبية» الزائدة، حسب مشجعي الفرق الأخرى، لدى جمهور الإخاء والذي يتم استفزازه بسهولة، خصوصاً حين يتم إطلاق الشتائم من قِبل الجمهور الضيف. فما حصل في لقاء الإخاء والنجمة الأخير مثال على ذلك. جمهور النجمة حضر بأعداد كبيرة إلى ملعب بحمدون وأقفل المدرج قبل ساعة على بداية المباراة. وأطلقت العديد من الشتائم «عالوصلة»، وحتى قبل وصول جمهور الإخاء. ومع تزايد أعداد جمهور صاحب الأرض توترت الأجواء أكثر وحصل تبادل للشتائم ورمي عبوات المياه الفارغة. لكن السبب الأهم، عملياً، يبقى تقييد حركة القوى الأمنية وعدم وجود قرار بقمع الفاعلين وملاحقتهم. والأسوأ التدخلات التي تحصل على أعلى المستويات ومن أكثر من جهة.
لوجستياً يقع ملعب بحمدون ضمن نطاق فصيلة بحمدون برئاسة الرائد وسام حداد الذي يتبع الى سرية عالية برئاسة العقيد ياسر الميس. في جميع المباريات يكون الرائد حداد «على الأرض»، حيث غالباً ما تكون القوى الأمنية موجودة بأعداد كبيرة. ولعل ملعب بحمدون هو الوحيد أو من الملاعب القلائل جداً الذي يكون هناك التزام من القوى الأمنية بالحضور و«تأمين» الملعب (ومصطلح تأمين هو مصطلح رائج في أروقة الملاعب اللبنانية رغم أنه عجيب). لكن المعضلة هي في المشاكل التي تواجه القوى الأمنية حين تقوم بدورها الطبيعي. والأمر ليس محصوراً بمباريات الإخاء أو بجمهوره. فحين قامت القوى الأمنية بدورها بقيادة الرائد حداد بحق المشاغبين في لقاء الأنصار والعهد في كأس النخبة كاد بعد رجال الأمن يتعرضون لعقوبات وجرى استجوابهم أكثر من مرة. كذلك الأمر بعد مباراة السلام زغرتا والعهد قبل موسمين حين حصلت تدخلات وضغوطات على أعلى مستوى مع المسؤولين الأمنيين لحماية بعض الأشخاص وبشكل مخالف لتوجهات القوى الأمنية.
المشكلة الأكبر هي في خوف وتردّد المسؤولين الأمنيين في القيام بواجباتهم نتيجة ما قد يترتب عليها لاحقاً من إجراءات بحقهم. أضف إلى ذلك عدم وجود قرار سياسي بإعطاء الحرية للأمنيين بالتصدي للمشاغبين. فعلى سبيل المثال ومع توتر الأجواء بشكل كبير في لقاء الإخاء والنجمة الأخيرة. ارتأى المسؤولون في المباراة وبالتنسيق مع القوى الأمنية بضرورة دخول الجيش إلى الملعب. فمن المعروف أن الجيش مسؤول عن الأمن خارج الملعب وقوى الأمن الداخلي مسؤولة داخله. ولا يمكن للجيش الدخول إلى الملعب إلا بتكليف من قوى الأمن الداخلي. وبالفعل هذا ما حصل حيث تم تسليم تكليف خطي للجيش لكن لم يتم تنفيذه ولم يدخلوا إلى الملعب. علماً أن أحد المسؤولين الكرويين أكّد أن الحل الوحيد للشغب في الملاعب هو دخول الجيش إلى داخله. فالجمهور يهاب الجيش اللبناني الذي أثبتت التجارب أنه من الصعب تدخّل السياسيين بقراراته وغالباً ما يدير الضباط ظهورهم للضغوطات ما يسمح بقمع الخالفين. وهذه حلول «ترقيعية»، وغير عملية، لأن الجيش مهمته حماية البلاد من الاعتداءات الخارجية، ولا يجب أن يكون موجوداً بين الناس.
مشكلة أخرى هي الأندية ذاتها التي لا تضبط جماهيرها أو تحاول إيجاد مبررات لهم. فعضو اللجنة الإدارية في نادي النجمة خليل الغول أشار في مقابلة تلفزيونية مع برنامج «غول» على المنار إلى أن ما حصل هو من قِبل مندسين. علماً أن المشهد كان واضحاً بالشتم الجماعي وعبر أشخاص قياديين في الجمهور حيث جرى توجيه اللوم لهؤلاء لاحقاً، وحصل إشكال كبير بين أحدهم وبين أحد المسؤولين في النادي على خلفية ما حصل. حادثة أخرى تكشف استخفاف الأندية بالتحريض والمشاكل على المدرجات. فعلى ملعب بحمدون يوم السبت الماضي وخلال لقاء ناصر برالياس والبرج ضمن الدور التمهيدي الأول لكأس لبنان، كادت الأمور تصل إلى ما لا تحمد عقباه. فبعد المباراة تحدث بعض جمهور ناصر بر الياس عن محاصرة الفريق والجمهور في ملعب بحمدون من قبل جمهور البرج، و«قامت الدنيا ولم تقعد» قبل أن يتبيّن أن المعلومات كاذبة ولا وجود لأي «حصار» أو مشاكل. مجرد إشكال حصل بين «جماهير» البرج أنفسهم. الحلّ يبقى طويلاً، وليس عند الجيش أو القوى الأمنية. الحلّ في النهاية عند الجهة المسؤولة عن اللعبة وعن إدارتها، وعن توفير ما يلزم، لكي يشهر الجمهور أن هذا الدوري لهم، وأن خسارته هي خسارة لهم.


رفع الغطاء
كشف مسؤول في نادي الإخاء الأهلي عاليه لـ«الأخبار» بأن قراراً نهائياً صدر عن النادي بالطلب من الاتحاد اللبناني لكرة القدم بعدم إقامة المباريات الحساسة على ملعب بحمدون وتحديداً حين يكون ناديا النجمة والأنصار طرفاً فيها. ويشير المسؤول إلى أن مباريات العهد ورغم الحضور الجماهيري الكبير لا تشهد ما تشهده مباريات النجمة والأنصار. وينتظر النادي عودة أمين السر وائل شهيّب من سفره للاجتماع مع رئيس النادي سامر خلف وتوجيه كتاب إلى الاتحاد بهذا الخصوص. أما في ما يتعلّق بمشكلة بعض جمهور الإخاء الذي يثير المشاكل فقد علمت «الأخبار» أن قراراً صدر في النادي بمنع ستة أشخاص غالباً ما يثيرون المشاكل من حضور مباريات الفريق. وقد أشار المسؤول في نادي الإخاء إلى أن هؤلاء الأشخاص هم من أعلنوا عدم رغبتهم بالحضور لتجنيب النادي أي إشكالات، لكن في معلومات مؤكّدة أنه تم رفع الغطاء عنهم وستتم ملاحقتهم من قبل القوى الأمنية في حال حضروا وأثاروا المشاكل.