لم ينجح منتخب لبنان بالوصول إلى مباراته الـ17 من دون خسارة، بعدما خسر أمام مضيفه المنتخب الكويتي بهدف من دون رد على ملعب نادي الكويت أمس الخميس. خسارةٌ كانت متوقّعة أمام خصمٍ هو الأقوى بين المنتخبات الـ11 التي واجهها لبنان في الأشهر الثلاثين الماضية، على رغم أن منتخب الكويت العائد إلى الساحة الدولية بعد رفع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الإيقاف عنه، لم يخض سوى مباراة واحدة مع مدربه الجديد الكرواتي روميو يوزاك، تعادل فيها مع العراق بهدفين لمثلهما. فارق المستوى بين المنتخبين لم يكن كبيراً، وهو أيضاً أمرٌ اعتاد عليه الجمهور، لكن الفارق بين خصم الأمس وخصوم السنتين الماضيتين كان مختلفاً، فالكويت ليست ميانمار وأفغانستان وقيرغيزستان وسنغافورة وهونغ كونغ، ولا هي كوريا الشمالية وفلسطين، المنتخبين الأقوى اللذين لعب لبنان أمامهما. في الواقع، المنتخب الفلسطيني سقط أمام نظيره الكويتي بهدفين من دون رد قبل خمسة أشهر. الأهم، أن الكويت ليست أيضاً قطر والسعودية، منافسي لبنان على بطاقتي التأهّل في دور المجموعات من كأس آسيا، كما ليست أوزبكستان وأوستراليا، خصمي لبنان في مباراتيه الاستعداديتين الأخيرتين.غياب جوان العمري ونور منصور عن التشكيلة لم يؤثّر كثيراً في الشكل الدفاعي، ولو أن الثلاثي وليد إسماعيل ومعتز الجنيدي وقاسم الزين، لم يُشاركا في الهجوم، باستثناء بعض المحاولات للأخير في ظل تغطية علي حمام لمركزه. إلا أن افتقاد الهجوم لحسن معتوق كان له التأثير الأبرز. غيابٌ كانت نتيجته صِفر من التسديدات على المرمى طوال اللقاء! ذلك إلى جانب تسديدتين لم يُشكّلا أي خطورة على مرمى الحارس سليمان عبد الغفور، الذي كان ظهوره الوحيد بإبعاد كرة نفّذها ربيع عطايا من ركنية.
نجح منتخب لبنان في اللعب الدفاعي لكن الخطورة الهجومية غابت عنه


نتيجةٌ وأداءٌ جاءا حصيلة التحفّظ الدفاعي للحفاظ على سلسلة المباريات من دون خسارة. ما كان متوقّعاً حدث، وغياب ثلاثة لاعبين أساسيين عن تشكيلة المدرب فضح شكل المنتخب أكثر. صحيحٌ أن الغياب كان استثنائياً، وغالباً اللاعبون الثلاثة سيشاركون في البطولة الآسيوية، ولكن ماذا لو لم يفعلوا؟ وماذا لو غاب غيرهم؟ لم يعد أمام الجهاز الفني وقتٌ لاختيار لاعبين جُدد. في الواقع استدعاء وجوه جديدة في المرحلة المقبلة يُعدّ قراراً خاطئاً، ولو أن في حسابات المدرب ثلاثة لاعبين محترفين في الخارج لم يلعبوا أي مباراة دوليّة بعد. التشكيلة الأساسية باتت معروفة، وهو أمرٌ جيّد، لكن ليس لهذه التشكيلة بدلاء، وهو ما بان في مباراة الكويت، فلا سوني سعد الذي لعب في غير مركزه عوّض غياب حسن معتوق، ولا بديلا العمري ومنصور نجحا في مهمّتهما بشكلٍ ممتاز. ذلك لأن ما هو جيّد، كان يمكن أن يكون أفضل، لو أن الجهاز الفني اختبر عدداً أكبر من اللاعبين في فترة التحضيرات، بدلاً من الاعتماد على الأسماء عينها.

دخل رادولوفيتش المباراة برسم 1-2-4-3

باستثناء مباراة الأمس، كان الحارس مهدي خليل وقاسم الزين في التشكيلة الأساسية للمباريات الست الأخيرة. معهم، لعب معتز الجنيدي وعلي حمام وحسن معتوق وهيثم فاعور وهلال الحلوي خمس مباريات، وبعدهم يأتي جوان العمري ونادر مطر ونور منصور وسمير أياس، وإذا ما استثنينا الأخير لاستبعاده عن المنتخب في الفترة الأخيرة، يحلّ وليد إسماعيل بدلاً منه بثلاث مشاركات. أمّا البدلاء، فهم محمد زين طحان ومحمد حيدر (4 مشاركات) وعدنان حيدر ونصار نصار (3 مشاركات). اثنان منهما دخلا التشكيلة الأساسية في مباراة الكويت، وثالثٌ منهم شارك بديلاً. هكذا، يبدو أن الخيارات محدودة، قبل بطولةٍ سيخوض خلالها لبنان ثلاث مباريات خلال تسعة أيام، في حين يبدو أيضاً أن اللياقة البدنية ضعيفة لدى اللاعبين، إذ خرج الجنيدي وحيدر منهكين، على رغم انطلاق الدوري منذ ثلاثة أسابيع، وخوض جميع المستدعيين مسابقة كأس النخبة التحضيرية، باستثناء المحترفين في الخارج. التعادل السلبي أداءً ونتيجة مع عمان في الشهر الماضي كان صورة عمّا سيواجهه لبنان بعد ثلاثة أشهر، على رغم أن المنتخبين العماني والأردني ليسا أفضل من المنافسين في البطولة الآسيوية.

خسارةٌ أولى بعد 30 شهراً
دخل رادولوفيتش المباراة برسم 1-2-4-3، معتمداً على وليد إسماعيل وقاسم الزين ومعتز الجنيدي في ظل غياب نور منصور وجوان العمري، يتقدّمهما علي حمام ونصار نصار. في وسط الملعب تواجد نادر مطر إلى جانب هيثم فاعور، وأمامهما محمد حيدر على الجهة اليمنى وسوني سعد على الجهة اليسرى بدلاً من حسن معتوق المصاب، وفي الهجوم هلال الحلوي. محاولات المنتخب الوطني تركّزت على الجهة اليمنى في ظل غياب معتوق يساراً. حيدر وحمام تمكّنا من اختراق الدفاع الكويتي وأوصلا كرتين خطيرتين إلى الداخل المنطقة، لم يتعامل الحلوي وسعد بطريقةٍ سليمة معهما. فهد العنزي الذي عادةً ما يلعب على الجهة اليسرى، كانت مواجهته مباشِرة مع وليد إسماعيل أكثر من نصار يميناً. الأخير تأخّر في العودة إلى الدفاع، وفي المرة التي واجه فيها العنزي، استطاع مهاجم «المرخية» القطري العبور عنه لكنه اصطدم مجدداً بإسماعيل. فرصتان سُنحتا أمام الحلوي وسعد للتسجيل من عرضيّتين لكنهما لم ينجحا بالتعامل معها. مُشكلةٌ لم ينجح الجهاز الفني بحلِّها بانتظار المهاجم الموعود جيرونيمو أميوني الذي قد ينضم إلى المنتخب قبل شهرين على انطلاق البطولة الآسيوية. في المقابل، سدد لاعبو المنتخب الكويتي ثلاث مرات، إحداها على المرمى عبر فهد الهاجري.
في الشوط الثاني استبدل رادولوفيتش مهاجميه الحلوي وسعد بربيع عطايا وحسن شعيتو، ليلعب محمد حيدر على الجهة اليسرى فيما عاد شعيتو إلى قلب الهجوم بعد غياب. رُبع ساعة لم تشهد أي فرصة، باستثناء الكرة التي قطعها قاسم الزين من أمام فيصل زايد على خط المرمى. في الدقيقة 70 كاد الظهير الأيمن ضاري سعيد، أن يسجّل هدف الكويت الأول، بعدما استطاع اختراق الدفاع مسدداً على القائم الأيسر للحارس عباس حسن، بعد سوء تغطية من إسماعيل. بعدها خسر رادولوفيتش المدافع معتز الجنيدي بسبب الإصابة، ما اضطره إلى إرجاع لاعب الارتكاز فاعور إلى الدفاع والدفع بعدنان حيدر بدلاً منه، على رغم وجود حسن بيطار على مقاعد الاحتياط، وهو من بين الذين استدعوا إلى المنتخب منذ فترة ولم يخوضوا أي مباراة دولية. ربما كان من الأفضل أن يستدعي المدرب أكثر من ثلاثة لاعبين في قلب الدفاع بدلاً من ضم أربعة حراس مرمى. هكذا خسر المنتخب جهود فاعور في الوسط، ودخل عدنان حيدر وبلال نجدي بدلاً منه. الأخير ضيّع جهود الدفاع حين ارتكب خطأً أمام منطقة الجزاء، تمكّن فيصل زايد من استغلاله وتسجيل هدفٍ على يمين المرمى من ركلة حرة مباشرة. بعد 43 على انطلاق الشوط الثاني، سدد البديل إدمون شحادة أول تسديدة للمنتخب الوطني فوق المرمى، قبل أن يُعلن الحكم القطري سليمان فلاحي انتهاء المباراة.
نجح منتخب لبنان في اللعب الدفاعي نوعاً ما، لكن الخطورة الهجومية غابت عنه، وإذا لم تكن صناعة الفرص ميسورة أمام الكويت وعُمان، فلن تكون كذلك أبداً بمواجهة السعودية وقطر. استدعاءُ ثلاثة لاعبين في قلب الدفاع وأربع حراس مرمى بات يُسأل عنه رادولوفيتش، وعدم القدرة على تسجيل أكثر من هدفين في 21 مباراة منذ تشرين الثاني 2015 أمرٌ يستدعي مراجعة الحسابات.