انصدم اللبنانيون، أمس، بتسجيل صوتي، يهدد فيه رئيس نادي النجمة، أسعد صقال، الزميل في «النهار» أحمد محي الدين، بطرده من المؤسسة. ولعل أكثر «المصدومين»، هم جماهير النجمة أنفسهم، الذين يبذلون كل ما في وسعهم من أجل فريقهم، ويفاجأون بمِثل هذه «البلبلة»، قبل مباراة النجمة بجمهوره الكبير أمام الأهلي المصري غداً. بالتأكيد، هذا النادي، يستحق ظروفاً أفضل من هذه بكثير. لكن، ما الذي حصل بين «الرئيس» والزميل؟من دون سلامٍ ولا دُستور، بدأ رئيس نادي النجمة أسعد صقّال مكالمته الهاتفية مع الزميل في جريدة «النهار» أحمد محي الدين بالتهديد بـ«تطييره» من عمله. حربٌ افتراضية يرى صقّال أن محي الدين فتحها معه. «ما تلعب برزقك لأن أنا بطيّرك من جريدة النهار. انت منّك قد رئيس نادي النجمة». مؤسفٌ كيف أن أكبر نادٍ جماهيري في لبنان، بات يُستغل في تهديد الصحافيين. هؤلاء أنفسهم الذين اعتبرهم صقّال «شركاء في اللعبة» خلال مؤتمره الصحافي الأخير قبل أسبوعين، ولو أنه أشار أيضاً إلى أن الصحافيين الرياضيين «شركاء نادي النجمة». ربما غاب عن باله أن مزاولي هذه المهنة لا يجب أن يرتبطوا بأي طرف... تهديدٌ بـ«التطيير» و«المسح» مسحوبٌ على بقية الصحافيين أيضاً. أي نوعٍ من اللّغات هذا؟ هل هي زلة لسان؟ هل هي فورة غضب؟ أم ضغوطات قبل المباراة ضدّ الأهلي القاهري؟ للوهلة الأولى، التسجيل الصوتي الذي انتشر كان صادماً، لا سيما أن الأمر يتعلق بالنادي العريق، والذي يخشى عليه الجميع ويحبه، وهو نادي النجمة.
يقول محي الدين في اتصال مع «الأخبار»، إنه لا يعلم السبب الذي دعا رئيس نادي النجمة إلى التكلّم معه بهذه الطريقة، وأنه سبق أن تواصل مع صقّال مرات عدة، وأن «هذا التهديد سبقه تهديدات لزملاء آخرين». «الموضوع بات الآن لدى القانون وكلّنا تحت سقفه. الرجل يتعامل مع الصحافيين بفوقيّة ولم أكتب شيئاً من دون التأكّد منه». مقالات الصحافي الثلاثة الأخيرة يتحدّث فيها عن الوضع المادي في النجمة والتجاذب الإداري بين فريقي صقال ونائب الرئيس صلاح عسيران وأمين السر سعد الدين عيتاني، وهو أمرٌ لم ينفه الرئيس، بل أكّد على اختلاف وجهات النظر بين الطرفين، ملمّحاً إلى تغيير مرتقب في الإدارة، خصوصاً في مركز أمين السر. وتطرّق محي الدين في مواضيعه إلى عدم تسديد الإدارة كافة الرواتب للاعبين وأن بعضهم قد يلجأ إلى خطوات تصعيديّة، وهو ما فعله لاعب الفريق حسن معتوق، حين قال علناً أن الوضع في النادي يدفعه إلى الرحيل عنه، ذلك حين تلقّى عرضاً من نادي «الفجيرة» الإماراتي ورفضته الإدارة على رغم موافقة معتوق عليه، كما نقل عن مصدر إداري سؤاله حول مصير رواتب ومستحقات اللاعبين وحجم الديون المتراكمة على النادي، ومن المعروف في الوسط الكروي أن بعض المدربين السابقين لم يتلقوا جميع مستحقاتهم بعد، مشيراً إلى صراعٍ بين جيلين إداريين، الأول شبابي بقيادة صقال ومن معه، والثاني مخضرم بقيادة عسيران وعيتاني، وهو أيضاً ما أكّده رئيس نادي النجمة في مؤتمره الصحافي الأخير. وهي أشياء ليست خافية على أحد، وليست سراً.
صقال: تربطني علاقة طيبة ووثيقة برئيسة تحرير «النهار»

والتضامن في هذا الإطار، هو مع «زميل» ضدّ نبرة تهديد. أما التفاصيل، فشأن آخر، و«الأخبار» كانت قد نشرت ملفاً مطولاً عن أزمة النجمة الإدارية، وستتابع النشر، إيماناً برسالتها المهنية لنقل الخبر والحقيقة دائماً، إلى من يستحقها، وفي هذه الحالة، نتحدث عن النجمة وشعبها.
بدورها، جمعية الإعلاميين الرياضيين اللبنانيين أصدرت بياناً تضامنياً مع الزميل محي الدين، مستنكرةً ما بدر من صقّال، ومناشدةً «العقلاء في الوسط الرياضي التدخل لوضع حد لهذه التصرّفات والتهديدات التي وصلت لحد التهديد بالأذية الجسدية»، إذا استمروا بتناول المشاكل الإدارية والمالية التي يعاني منها نادي النجمة. وجاء في البيان: «لطالما كانت الحريات وتحديداً حرية الصحافة مصانة في لبنان وهذا خط أحمر من غير المسموح تجاوزه، ففوائض القوة الوهمية لا تُترجم بتهديدات للزملاء الإعلاميين». وعبّر عددٌ من الزملاء على صفحات التواصل الاجتماعي عن تضامنهم مع محي الدين، رافضين التهديد الذي تعرّض له، خصوصاً أن الإعلام، وظيفته الإضاءة للجماهير الحريصة على أزمات النادي، لا تضليلها.
كان من المفترض من رئيس نادٍ كبير، أن يوضح وجهة نظره بطريقة أخرى، تليق بالنادي الكبير، وبهذا الموقع. في هذه الأجواء، حملنا هذه الأسئلة إلى رئيس نادي النجمة، أسعد صقال، وسألناه تحديداً عن حيثيات هذا الموضوع بالذات، فأجاب بصراحة: «تتوافر لي معلومات عن أن زميلك أحمد محيي الدين اتّصل بصحافيين إثنين من خيرة الصحافيين الأوادم يبلغهما بأنهم كجريدة النهار سيطلقون حملة ضد أسعد صقال طالباً منهما التضامن مع الصحيفة. وحين يسألوا محيي الدين عن سبب هذا الحملة يجيب الأخير أنه برأيه كرئيس للنادي أخبّص. فيكون جواب الصحافيين بأنهما برأيهما أقوم بعملي بشكل جيد كرئيس للنادي. واعتذروا منه بأنهما لا يستطيعان أن يكونا من ضمن الحملة». وقبل كل شيء، حاول صقال الاستدراك: «أولاً أود أن أشير إلى الصداقة والعلاقة الطيبة التي تربطني برئيسة تحرير صحيفة النهار. ولا أعتقد أن صحيفة محترمة كالنهار من الممكن أن تطلق حملة على أسعد صقال، وأعتقد أن هذا الموضوع فردي من الصحافي أحمد محيي الدين. لكن في الوقت عينه لا أعتقد أن ما قام به هو من تلقاء نفسه، فالموضوع أكبر من ذلك، وهناك أشخاص وراء محي الدين، أصبح الجميع يعرفونهم، طلبوا منه القيام بهذه الحملة». من حق صقال أن يشعر بوجود «حملة» ضدّه، وأن يصنف النقد كما يشاء. المشكلة مع نبرته التهديدية، نخبره «الجو العام»، ونسأله عن المبررات وراء مثل اتصال كهذا مهما كانت الأسباب، وهل هي وليدة لحظة غضب؟ يجيب: «أكيد كانت في لحظة غضب، لكن في الوقت عينه كانت رسالة إلى محيي الدين ومن يقوم مثله بألاعيب مشابهة مفادها «خلص بقا». فالأمور أصبحت مفضوحة بأن هناك أشخاصاً يريدون محاربة الرئيس لخدمة أشخاص معروفين. وللأسف الصحافي محيي الدين هو جزء من هذا المشروع». وعن الدعوى القضائية التي رفعها محيي الدين بحق الصقال، يشير الأخير أنه عندما يتبلّغ بالدعوى لديه محامون سيهتمون بالموضوع ويعرفون كيف يدافعون بالطريقة القانونية والمناسبة، «بالنهاية نحن لا نقوم بشيء عن عبث»، ختم حديثه مبتسماً!