ما انتظره النجماويون من فريقهم على الساحة المحلية وجدوه معه في تصفيات البطولة العربية. انتصاران لافتان للفريق «النبيذي» على الوئام الموريتاني (4 ــ 0) والفيصلي السعودي (2 ــ 1)، تركا انطباعاً بأن ممثّل لبنان في جدّة لم يكن يريد المشاركة لـ«البريستيج»، بل لتعويض ما فقده ومحو صورة الخيبة التي التصقت به منذ خسارته للسباق إلى لقب الدوري ثم الكأس.وبعيداً من الفوز الأول على الوئام المتواضع فنياً، فإن الفوز على الفيصلي بهدفي نادر مطر وعلي الحاج، ردّاً على الهدف الافتتاحي للفريق السعودي، تركا فكرة عن الأسباب العديدة للنجاح النجماوي إقليمياً.
من الواضح أن المدرب التونسي طارق جرايا، أخرج لاعبيه من صدمة الإخفاق المحلية وعمل على الجانب النفسي لديهم، وهو الذي تواصل معهم حتى قبل وصوله إلى بيروت، مدركاً بأن تفاهمه السريع مع رجاله في ظل ضيق الوقت للتحضيرات، سيسهل من مهمة عمله لزرع أفكاره في رؤوسهم. ولا شك في أن الفوز على الفريق الموريتاني كان سبباً من أسباب الوصول إلى الانتصار الثاني أمام الفريق السعودي القوي، ففي نهاية المطاف ورغم الفوز الافتتاحي على فريقٍ سهل يبقى عنوان المباراة «فوزاً خارجياً»، يعطي دافعاً كبيراً، وهو أمر عززته النتيجة العريضة، ما أزال التوتر والضغط من نفوس اللاعبين.
إذاً، وفي موازاة الحماسة الموجودة عند جرايا والتي بدا أنه نقلها إلى لاعبيه على أرض الملعب بحيث أظهروا روحاً قتالية عالية، تؤكد أنهم يريدون فعل شيء استثنائي يكون بمثابة ردّة فعل إيجابية على تعثرهم المحلي، فإن النجمة استفاد من مواجهته للوئام في بداية المشوار ليدخل مواجهة الفيصلي بثقة أكبر.
وهذه الثقة جعلته يبدو قادراً في الشوط الأول على تشكيل خطورة رغم ندرة الفرص التي كان أبرزها لنجمه حسن معتوق، الذي كان له دور في وضع فريقه على سكة الفوز فمعادلة نادر مطر للنتيجة كان أمراً حاسماً لأنه جاء في وقتٍ مبكر من الشوط الثاني.
الأمور كانت واضحة هنا، فاستراتيجية الـ 3-4-3 التي أبقى عليها جرايا من دون أي تغيير في التشكيلة التي خاض بها المباراة الأولى، كان هدفها واضحاً وهو الصمود بروحٍ قتالية في وجه الهجمات السعودية التي أفرزت فرصتين خطيرتين تمكن علي السبع من التصدي لهما ببراعة. فهذه الاستراتيجية كانت تفرز خمسة لاعبين في الخلف في الحالة الدفاعية، لكن من دون إسقاط الكثافة في خط الوسط حيث حضر ثلاثة لاعبين أيضاً في غالبية الحالات.
وهنا كان الهدف واضحاً، فالطريقة الذكية والمركّزة التي لعب بها النجمة انحصرت في خطة مبنيّة على «قوة التحمّل» من دون تعقيدات كبيرة، فالكثافة العددية كانت مطلوبة عبر فرض مواجهات ثنائية مع لاعبي الفيصلي في خط الوسط، الذين وإن تمكنوا من الاستحواذ، بقيوا بعيدين عن الفعالية بسبب لاعبي «النبيذي» الذين عملوا على منعهم من الوصول براحةٍ تامة إلى منطقتهم وخلقهم للفرص.
هذه النقطة كانت حاسمة إلى حدٍّ كبير، إذ حتى لو لم يظهر النجمة في الشوط الثاني بأنه يستطيع الانتشار بنفس الطريقة التي لعب بها في الشوط الأول، فإن حمايته لمنطقته وتركيزه على المرتدات، أفرزا الانتصار الذي جاء أيضاً من خلال الاستفادة من مشكلة ظهرت عند الفريق السعودي، وهي أنه كان قابلاً للاختراق، وهو ما فعله معتوق بمهاراته التي تصنع الفارق دائماً، ليصل علي الحاج إلى الشباك في الوقت القاتل، ويضع النجمة على بعد نقطةٍ واحدة من التأهل إلى النهائيات عندما يواجه الأفريقي التونسي، بعد غدٍ (الأربعاء)، في ختام مشوار التصفيات.