>>أُسدل الستار على بطولة لبنان لكرة السلّة لموسم 2017 ــ 2018 بفوز نادي هومنتمن بلقب البطولة للمرّة الأولى في تاريخه، بعد تفوقّه على الرياضي بيروت حامل لقب الموسم الماضي. موسم حافل على مختلف الصعد، خاصّة جماهيرياً. استُحضرت الإبادة الأرمينيّة ورُفعت أعلام تركيا وتيار المستقبل على مدرجات قاعة صائب سلام في المنارة، بينما رُفعت أعلام إيران وحزب الله في قاعة مزهر الخاصة بنادي هومنتمن، أمّا في قاعة غزير التابعة لنادي الحكمة فكانت أعلام القوّات الحاضر الأبرز، وكذلك أعلام التيار الوطني الحر في ملعب الشانفيل بديك المحدي. سياسة وشتائم وإشكالات «صبيانيّة» كادت أن تطيح بالبطولة. لم يخلو الموسم من النجاحات والإخفاقات سواء على المستوى الفني أو الإداري، أمّا خلافات الاتحاد اللبناني للعبة فكانت الحاضر الأبرز.ليس من المبالغة القول بأن موسم 2017 ــ 2018 في كرة السلّة اللبنانيّة هو موسم الخلافات. قبل بطولتي الدوري والكأس كان أوّل الغيث مع بطولة آسيا للمنتخبات لكرة السلّة التي استضافها لبنان على مجمع نهاد نوفل في زوق مكايل في شهر آب/أغسطس الماضي (2017)، والتي انتهت لصالح منتخب أوستراليا، وحينها خرج لبنان من الدور ربع النهائي على حساب إيران، ولم ينجح بتحقيق أفضل من المركز السادس في البطولة. خسارة منتخب لبنان حينها وتراكم الديون على الاتحاد اللبناني لكرة السلّة بسبب الاستضافة والتي وصلت إلى حوالى مليوني دولار، كانت كفيلة بتفجير الاتحاد، وحصول خلافات كبيرة، وصلت إلى حدّ مطالبة عدد من الأعضاء باستقالة الرئيس بيار كخيا، ونائبه رامي فوّاز. استمرت المراوحة والأخذ والرد بين أعضاء الاتحاد وتعطيل الجلسات وتبادل الاتهامات بالفساد المالي على شاشات التلفزيون، بعد خسارة لبنان مع الأردن في تصفيات كأس العالم في المباراة التي جمعت الفريقين في العاصمة الأردنية عمّان.
بعد هذا اللقاء، تمّ تعيين أكرم الحلبي (رئيس اللائحة المنافسة لبيار كخيا في انتخابات الاتحاد قبل 3 سنوات) بديلاً من ياسر الحاج في رئاسة لجنة المنتخبات الوطنية للاتحاد. بعد هذه المرحلة هدأت الأمور قليلاً داخل الاتحاد، وتبخّر الحديث الذي استمرّ لأشهر عن سوء إدارة ماليّة في بطولة آسيا للمنتخبات. استطاع الحلبي مع لجنة المنتخبات الجديدة إعادة نوع من الاستقرار إلى المنتخب، عبر تعيين المدرب الوطني باتريك سابا (مدرب نادي بيروت) على رأس الجهاز الفني، يعاونه المدرب الوطني الآخر ومدرب نادي اللويزة السابق ومساعد مدرب نادي الشانفيل مروان خليل مساعداً لسابا، فحقّق لبنان انتصارين في التصفيات على سوريا والهند، ليكون الموعد المقبل مع الأردن في حزيران/يونيو المقبل.
هبط التضامن الزوق إلى الدرجة الثانية بسبب أزماته الماليّة(سركيس يرتيسيان)

أزمات ماليّة بالجملة
خلافات الاتحاد انعكست أيضاً على دوري الدرجة الأولى للرجال، خاصة مع ظهور المشاكل الماليّة لمعظم الأندية خاصة الحكمة بيروت، والرياضي بيروت، وأندية اللويزة والتضامن الزوق وبيبلوس. وفي تلك المرحلة من عمر الدوري طالبت الأندية بحصتها من حقوق النقل التلفزيوني، وعائدات بطاقات الدخول إلى الملاعب التي تذهب كاملةً إلى اتحاد اللعبة، ولكن كل هذه الأمور لم يتمّ حلّها نتيجة الخلافات داخل الاتحاد، وعدم انتظام العمل الإداري. وذهب بعض الأندية أيضاً إلى المطالبة باستقالة الاتحاد معتبرة أنّه عاجز عن قيادة اللعبة، نتيجة غياب الخطط والرؤية التي تحفظ الأندية وتساعدها على الاستمرار في صرف الأموال على اللاعبين والملاعب. اتهامات الأندية للاتحاد بالعجز الإداري، ترافقت مع اعتراضات كبيرة استمرت حتى المباراة الأخيرة من السلسلة النهائية على أداء الحكام، واتهامهم بالتقصير وبعدم الجاهزيّة، وهو الأمر الذي تحدّث عنه عدد من مدربي الأندية طوال الموسم، بينهم مدرب الرياضي أحمد فرّان والحكمة فؤاد ابو شقرا، ومدرب بيروت باتريك سابا الذي دائماً ما كان يتعرّض لأخطاء نتيجة اعتراضه على أداء الحكام.
تفاقمت المشاكل الماليّة بعد انتهاء الدوري المنتظم، ومع الدخول في المراحل الإقصائية، أعلن نادي اللويزة تخليه عن لاعبيه الأجانب لعدم قدرته على دفع المستحقات، فيما مرّ نادي الحكمة بظروف غير مسبوقة، جعلت لاعبيه الأجانب يعتكفون عن اللعب في أكثر من مباراة نتيجة عدم دفع مستحقاتهم الماليّة، وحتى نهاية موسم الحكمة في المربع الذهبي، لم يكن لاعبو الحكمة اللبنانيون قد تلقوا أيّ راتب من مستحقاتهم.
أنفق الشانفيل أكثر من 3 ملايين دولار(سركيس يرتيسيان)
المعاناة المالية ذاتها أدت إلى هبوط نادي التضامن الزوق إلى دوري الدرجة الثانيّة رغم محاولات الإنعاش من قبل بعض المتمولين في منطقة زوق مكايل، إلا أن النادي بقي عاجزاً عن دفع مستحقات لاعبيه والتعاقد مع لاعبين أجانب على مستوى عال. الأمر تكرر في مدينة جبيل التي عانى فريقها الأمريّن الموسم المنصرم نتيجة الظروف الماليّة الصعبة. وبالنسبة إلى نادي الرياضي بيروت، فإن استقالة الرئيس التاريخي للنادي هذا الموسم هشام الجارودي، جعلته لأشهر في وضع مالي صعب، إلّا أنّ انتخاب لجنة إدارية جديدة ومازن طبارة رئيساً للنادي أعاد الأمور إلى نصابها، وعاد انتظام العمل المالي والإداري إلى سابق عهده في نادي المنارة. وحتى اللحظة لم تتضح الصورة في النادي الأنطوني، والذي كانت إدارته قد أعلنت قبل أسابيع بأنها قد تتخذ قراراً بعدم المشاركة في الموسم المقبل، نتيجة عدم قدرتها على تخصيص ميزانيّة كبيرة للبطولة. وتخلل الموسم اعتكاف الحكام اللبنانيين عن إدارة المباريات نتيجة عدم دفع الاتحاد لمستحقاتهم الماليّة، وهو ما أدى إلى التعاقد مع حكام أردنيين أداروا بعض مباريات الدرجة الأولى.
أزمات معظم أندية الدرجة الأولى، قابلتها «بحبوحة» ماليّة في ناديي المريميين الشانفيل ونادي هومنتمن بيروت. الأوّل صرف مبالغ ضخمة على اللاعبين الأجانب، قدرتها مصادر «سلويّة» بحوالى 3 ملايين دولار، إلّا أن النتائج لم تكن على قدر التوقعات. فعلى الرغم من تعاقد المدرب غسان سركيس مع الثلاثي اللبناني فادي الخطيب وأحمد ابراهيم وايلي رستم، وتبديله أكثر من 7 لاعبين أجانب طوال الموسم، فشل النادي بعبور الدور ربع النهائي، وخسر أمام النادي المأزوم ماليّاً الحكمة، وخرج من الباب الضيّق. أمّا الفريق الثاني هومنتمن، فكان استثماره هذا الموسم أكثر ذكاءً، وتعاقد منذ بداية الموسم مع ثلاثة لاعبين أجانب على مستوى عال جداً هم الأميركيان سام يونغ ووالتر هودج والتونسي مكرم بن رمضان، كما كَسِب ورقة المخضرم اسماعيل أحمد الذي خرج من ناديه التاريخي الرياضي بيروت بسبب خلافات ماليّة، وتمكن من إحراز لقبي الدوري والكأس محلياً، وبطولة العرب.
حصان أسود
من الإيجابيّة القليلة هذا الموسم كان نادي بيروت الصاعد حديثاً إلى دوري الدرجة الأولى. وأظهر النادي الذي يقوده المدرب الوطني باتريك سابا مستوى فنّياً كبيراً، وفرض نفسه ندّاً حقيقياً لأندية الصف الأول، حيث تمكن من إلحاق الهزيمة بأندية الرياضي بيروت وهومنتمن بيروت والحكمة بيروت والشانفيل في الدوري المنتظم، ووصل إلى الدور نصف النهائي في المراحل الإقصائية قبل أن يخسر بصعوبة أمام الرياضي وصيف البطولة. وإذا سارت الأمور كما هي، فإن العديد من المراقبين في كرة السلّة اللبنانيّة يتوقعون بأن يصل نادي بيروت في الموسم المقبل أبعد من نصف النهائي وأن يكون منافساً جديّاً على لقب البطولة، خاصة إذا استمرّ سابا في قيادة الجهاز الفنّي للنادي البيروتي.
أحرج نادي بيروت الصاعد حديثاً فرق المقدمة(أرشيف)

انتهى الدوري. حقق هومنتمن اللقب، بينما هبط التضامن الزوق إلى الدرجة الثانية، بينما سيلعب نادي بيبلوس الملحق لمحاولة البقاء في دوري الأضواء، فيما يبقى بقاء النادي الأنطوني من عدمه بيد إدارته. ومن جهة ثانية صعد إلى الدرجة الأولى نادي الأنترانيك بطل دوري الدرجة الثانية، ومعه نادي هوبس. وقبل إسدال الستار أعلن رئيس الاتحاد بيار كخيا أنّ الاستقالة باتت قريبة، وأعلن عضو الاتحاد رامي فوّاز استقالته، ليبدأ الحديث عن التوجه لانعقاد الجمعية العمومية وانتخاب اتحاد جديد. وتتوقع مصادر سلّويّة أن يكون الرئيس الجديد للاتحاد هو منافس بيار كخيا القديم أكرم الحلبي، المدعوم من رئيس اللجنة الأولمبية جان همام، ورؤساء وأعضاء اتحاد سابقون.
انتهى الموسم السلوي «الأعجوبة» وبدأ التحضر لاستكمال مشوار المنتخب في تصفيات كأس العالم المقبلة المقررة في الصين في عام 2019. ولكن الأكيد أن ندوب هذا الموسم وخلافاته لن تكون سهلة المعالجة خاصّة أنها كادت أن تطيح بالبطولة في أكثر من مرّة، وحتى بمشوار المنتخب نحو بطولة كأس العالم. وكأن اللبنانيين لم يتعلموا من تجارب 20 سنة، ففي كل موسم تكون الأزمات والمشاكل متشابهة، ويكون الهدف إنهاء البطولة على الملعب وليس في المكاتب، بدلاً من تطوير اللعبة وتحسينها، والنظر في قانون الأجانب الثلاثة في الملعب، الذي يؤثر سلباً على اللاعب اللبناني ومستواه ومشاركاته.