القضية الفلسطينية لطالما كانت حاضرة في وجدان اللاعبين الجزائريين ومشجّعيهم في أكثر من مناسبة. حضور يعود إلى عام 2014 وما قبله، حين تأهّل منتخب الجزائر إلى الدور الـ16 في مونديال البرازيل. رفع العلم الفلسطيني حينها خلال الاحتفالات دعماً للقضية الفلسطينية. غاب الجزائريون عن مونديال روسيا 2018 لكنّ علم فلسطين حضر مع مشجّعين جزائريين في شوارع موسكو حضروا لمتابعة الحدث الكبير رغم غياب منتخبهم. فلسطين القضية حضرت جزائرياً مع احتفال «محاربي الصحراء» بلقب بطولة أمم أفريقيا الذي أحرزوه قبل سنتين أيضاً. على «حافلة النصر» المكشوفة التي اخترقت شوارع العاصمة الجزائرية بعد التتويج القاري، وقف اللاعبون الجزائريون مع كأس أفريقيا والعلمين الجزائري والفلسطيني. هي القضية التي لا تموت في نظر الجزائريين.
رفع اللاعبون الجزائريون ومَن دعمهم من المدرجات والساحات الأعلام والكوفيات الفلسطينية قبل انطلاق المباراة
في الأشهر القريبة الماضية، وعندما كان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة يتعرض لمحاولات التهويد، ويُطرد أهله الفلسطينيون منه على أيدي الصهاينة المغتصبين، حضرت الكوفية الفلسطينية في مباراة الجزائر وموريتانيا الودية، حيث ارتدى اللاعبون الجزائريون «شالات» من القماش على أكتافهم ورؤوسهم حملت العلم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية دعماً للفلسطينيين في نضالهم ضد تهويد حي الشيخ جراح، ودعماً لأهلهم الفلسطينيين. لم يكتفِ اللاعبون الجزائريون في هذه المباراة بارتداء الشالات قبل المباراة، بل كتبوا أسماءهم باللغة العربية على قمصانهم بعكس ما هي العادة حيث تُكتب الأسماء بالأحرف اللاتينية.
حضور القضية الفلسطينية في وجدان الجزائريين حضر معهم إلى قطر فتلاقوا مع التونسيين في رفع العلم الفلسطيني. أهدى الجزائريون اللقب للفلسطينيين. لم يقتصر هذا الأمر على المدرب بوقرّة، بل حضرت لافتة في المدرجات الجزائرية في الدوحة حملت عبارة «الكأس هدية من الشعب الجزائري لأهلنا في فلسطين». لافتة رُفعت قبل انطلاق مباراة الجزائر وتونس. لم ينتظر الجزائريون نهاية المباراة كي يرفعوا اللافتة. تعمّدوا رفعها قبل المباراة، انطلاقاً من أمرين: الأول أن التضامن مع الشعب الفلسطيني لا يقف على الفوز بالكأس الأغلى. فالرسالة أعمق من أن تقف على إحراز كأس. والرسالة وصلت إلى جميع العرب حتى قبل انطلاق المباراة. الأمر الثاني أن الجزائريين كانوا متأكدين من إحراز اللقب، ليس فقط لأنهم المنتخب الأفضل في البطولة، بل لأن التضامن مع قضية إنسانية بحجم فلسطين يستحق أن تكون إحدى هداياها لقب كأس العرب. هكذا حملوا أعلام فلسطين، ورفعوا أيديهم وأعينهم إلى السماء، فتحقق النصر.
هذا ما حصل. ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. تحية إلى الجزائر وإلى الجزائريين لاعبين ومدربين وجمهوراً. تضامن ليس غريباً على شعب قدّم مليون شهيد على طريق الحرية من الاستعمار. لكن يبقى الأمل أن لا ينسى باقي العرب هذه القضية المحقّة والإنسانية، وتصبح الحالة الجزائرية «شاذة» أو استثنائية، في وقت بات يستسهل فيه كثيرون إقامة علاقات مع احتلال عنصري اغتصب الأرض والمقدّسات.
الجزيري هدّاف الكأس وإبراهيمي أفضل اللاعبين
أحرز التونسي سيف الدين الجزيري لقب هدّاف بطولة كأس العرب برصيد أربعة أهداف، فيما نال صانع اللعب الجزائري ياسين إبراهيمي (31 عاماً)، المحترف في قطر مع نادي الريان، جائزة أفضل لاعب بحسب نقاط لجنة فنية معيّنة من قبل الاتحاد الدولي. ونال مواطنه يوسف بلايلي الكرة الفضية والقطري أكرم عفيف صاحب المركز الثالث في بطولة الكرة البرونزية، بينما نال الحارس الجزائري رايس مبولحي جائزة أفضل حارس مرمى ومنتخب المغرب جائزة اللعب النظيف.
وسجّل الجزيري (28 عاماً) هدفين في مرمى موريتانيا افتتاحاً (5-1)، ثم في مرمى الإمارات (1-صفر)، قبل أن يهزّ شباك عمان (2-1) للمرة الرابعة والأخيرة في النهائيات.
ونال مهاجم الزمالك المصري الحالي والأفريقي السابق الحذاء الذهبي مع 4 أهداف، متقدّماً على إبراهيمي (حذاء فضي) صاحب 3 أهداف وتمريرة حاسمة والأردني يزن النعيمات (حذاء برونزي) مع 3 أهداف في 167 دقيقة، كما سجّل القطري المعزّ علي والمغربي بدر بانون ثلاثة أهداف أيضاً. ومنذ بداية كأس العرب، كان الجزيري واضحاً: «أريد إنهاء البطولة على رأس الهدّافين، لأنني سجّلت ثنائية في أول لقاء وأطمح للأفضل في المباريات المقبلة».