من دون اي مقدّمات وببرودة أعصاب، خرج رئيس يوفنتوس أندريا أنييللي ليعلن موعد انتهاء مسيرة قائد الفريق اليساندرو دل بييرو مع الفريق. الخبر لم يمر مرور الكرام كما حصل في الاعلانات السابقة التي اشارت فيها الادارة الى رحيل لاعبٍ ما خلال الصيف الماضي، فالمعني هنا هو احد ابرز الرموز التي عرفها نادي «السيدة العجوز» في تاريخه الطويل، انه القائد والملهم والرمز والهداف والمنقذ والفنان دل بييرو. صفات ربما قليلة لتترجم اهمية الرقم 10 الشهير الذي برحيله سيضع نقطة النهاية على حقبة مجيدة في يوفنتوس، طبعها بطابعه الخاص منذ وصوله عام 1993 قادماً من بادوفا.في تلك السنة كان جمهور يوفنتوس يشعر باقتراب رحيل «القائد الكبير» روبرتو باجيو، الذي شدّ الرحال بعد عامين الى الغريم ميلان، تاركاً دفة القيادة لدل بييرو الذي سرعان ما أنسى بضرباته الحرة الجميلة وفنياته العالية سلفه، ليؤكد ان هناك حياة لفريق «السيدة العجوز» بعد باجيو. تلك الحياة كانت غنية بالكؤوس المحلية والاوروبية المختلفة ورفعت دل بييرو الى مصاف عظماء الـ«بيانكونيري».
واذ يدرك جمهور يوفنتوس ان هناك حياة ايضاً بعد رحيل دل بييرو، وخصوصاً ان النتائج المحققة حتى الآن هذا الموسم كانت طيّبة رغم جلوس الكابتن على مقاعد البدلاء، فان الفراغ الذي سيخلّفه دل بييرو في الفريق سيكون كبيراً جداً على الاقل لناحية خلو صفوفه من رمزٍ يشبه اللاعب المميّز، اذ ان «أليس» اصبح الوجه الآخر للنادي حيث تُرفع صوره في ملعب النادي الى جانب كل شعارٍ او علمٍ في المدرجات.
بدورها، تعرف ادارة يوفنتوس ان خسارتها على الصعيد الفني لن تكون كبيرة بالنظر الى ان دل بييرو سيدخل عامه الـ37 في الشهر المقبل، لكن الاستفادة المادية من هذه الخطوة ستكون كبيرة جداً لانه سيتم توفير مبلغ كبير على الخزينة جراء الراتب المرتفع للاعب، الذي كان قد مدّد عقده لمدة 12 شهراً اضافياً مطلع السنة الجارية بعدما وافق على خفض أجره. وهذه المسألة جعلت البعض يعتقد ان هناك اتفاقاً بين دل بييرو وناديه يرضي الطرفين ويهدف الى منح الكابتن فرصة لانهاء مسيرته في النادي الذي ارتبط اسمه به.
وبالتأكيد كثرٌ هم من ارادوا ان يكون خروج دل بييرو مشرّفاً وبصورة افضل، وهم رغم قناعتهم بأن كل لاعبٍ كبير سيعتزل لا محالة، يبدو الاجماع كبيراً على ان دل بييرو يمكنه تقديم المزيد ومستواه الحالي يؤهله لارتداء القميص الابيض والاسود رغم تقدّمه في السن، والدليل على هذه المقولة عندما دفع به المدرب أنطونيو كونتي امام كييفو في نهاية الاسبوع الماضي كورقة رابحة لفكفكة تكتل دفاع الفريق المنافس، وهو بالفعل كان الاقرب للوصول الى الشباك باصابته القائم.
أما السؤال الاكبر الذي يطرح الآن فهو: هل سيعتزل دل بييرو أم سيرتدي الوان فريقٍ آخر في ايطاليا؟
بالفعل اثار هذا السؤال شائعات عدة في ايطاليا، لعل ابرزها ان ميلان يريد اضافة اسم احد عظماء الكرة الايطالية إلى سجلاته، لذا سيمنح فرصة لدل بييرو لخوص آخر موسمٍ كروي له معه. لكن من يعرف اللاعب جيّداً يدرك انه سيكون من الصعب عليه الوقوف في مواجهة «اليوفي»، لذا فهو قد يسير على خطى الاسباني راوول غونزاليس والانكيلزي ديفيد بيكام ويخوض تجربة خارجية بعيداً من الديار.
الأكيد ان يوفنتوس ظلم دل بييرو بقراره الأخير حيث الخشية كبيرة من تأثير هذا القرار على معنويات اللاعب وأن يضعه على مشارف سن التقاعد قبل أيار المقبل.