لم تمضِ 24 ساعة على الخماسية التي هزّ بها بايرن ميونيخ شباك هامبورغ، حتى سرق بوروسيا دورتموند كل الاهتمام من غريمه الأزلي برباعيته في مرمى بوروسيا مونشنغلادباخ. فوزٌ جعل الكل يصدّق ما قيل عن أن المدرب توماس توشيل لن يجعل أحداً يشعر بغياب سلفه يورغن كلوب، لأنّه لديه الأفكار المناسبة لتظهر كل الإمكانات التي يمتلكها فريق ملعب «سيغنال إيدونا بارك».
صباح أمس كان توشيل حديث الجميع في ألمانيا، فالكل بدأ يحكي عن أن دورتموند عائدٌ بقوة لجعل حياة بايرن ميونيخ أصعب في «البوندسليغا» هذا الموسم. وهذا الأمر صحيح إلى حدٍّ ما، إذا قرأنا الأداء الذي قدّمه الفريق الأصفر والأسود في مباراته الأولى هذا الموسم، حيث ترك انطباعات مفاجئة.
أولى هذه المفاجآت كانت طبعاً اعتماد توشيل على اليافع جوليان فيغل أساسياً في خط الوسط، فكان اللاعب البالغ من العمر 19 عاماً على حجم المسؤولية وأكثر اضطلاعاً طوال الدقائق التسعين بتكسير كل الهجمات التي حاول مونشنغلادباخ الخروج فيها. قبل هذه المباراة كانت قلّة حول العالم تعرف اسم لاعب منتخب ألمانيا للشباب، لكنها اليوم بلا شك ستنتظره في المباريات المقبلة، لأنه يبدو أنه من الأعمدة الأساسية في تشكيلة المدرب الجديد.
وبطبيعة الحال، لم تكن هجمات مونشنغلادباخ كثيرة، لأن أسلوب دورتموند الجديد كان المفاجأة أيضاً، إذ إن الفريق اعتمد الضغط العالي، وامتدّ باتجاه منطقة غلادباخ، مقابل تحكّمه بإيقاع اللعب الذي قام بتسريعه ساعة يشاء، وبجعله بطيئاً عندما أراد. وكل هذا بمساندة دفاعية لخط الوسط الذي ربط نفسه بنحو كبير بالهجوم أيضاً، بعكس ما كان عليه الأمر في الموسم الماضي، حيث كان الفريق مفكك الخطوط، فلعب ماتس هاملس دور همزة الوصل بين خط الظهر ومنتصف الدائرة، ومثله فعل إيلكاي غوندوغان، بمدّه جسراً بين الوسط وخط المقدمة.

أسلوب جديد مع توشيل يتناسب مع إمكانات دورتموند



عند نهاية الشوط الأول، كان دورتموند متقدّماً 3-0. نتيجة كان متوقعاً أن تصبح أكبر في الشوط الثاني، وخصوصاً بعدما انجرف الجمهور مع الأداء القوي للاعبين، ما أصاب غلادباخ أكثر بالضياع. أضف إلى هذه المسألة ظهور دورتموند حاضراً من كل النواحي، وذلك مردّه إلى أنه كان قد عاد إلى أجواء المباريات قبل غيره من الفرق الألمانية، حيث شارك في الدور التمهيدي المؤهل إلى مسابقة «يوروبا ليغ».
لكن في ظل كل هذه الأجواء الإيجابية، يمكن طرح سؤال مهم عمّا إذا كان هذا الأسلوب الجديد سيخدم دورتموند حتى نهاية الموسم، خصوصاً أنه يتطلب مجهوداً بدنياً رهيباً طوال دقائق المباريات. وهذا الأمر يفرض أيضاً وجود تشكيلة كبيرة من اللاعبين يمكنهم أن يؤدوا دور الأساسيين، وهي نقطة لا يخفى أنها غير موجودة في الفريق حالياً. وهذا العامل، أي مسألة التعب، ظهرت على بعض العناصر في اللقاء أمام غلادباخ، ومنهم هاملس الذي بدا مرهقاً في الدقائق الأخيرة، وهو شيء مستغرب بالنسبة إلى لاعبٍ مدافع لا يلعب يكون جائزة من «منظومة الجري» عادةً...
وبالحديث عن التشكيلة، يمكن القول إنها صحيح لم تتغيّر عمّا كانت عليه مع كلوب، لكن مع توشيل تغيّرت المقاربة، بحيث يبدو أنّ العمل تركّز أكثر على لعب التمريرات القصيرة في موازاة الضغط، بدلاً من المبالغة في الكرات الطويلة التي كانت تسقط صيداً سهلاً لدى مدافعي الخصم وتقلّص من فعالية الفريق أيام المدرب السابق. وقد ظهر أن هذا الأسلوب يتناسب أكثر مع ما يضمّه دورتموند من لاعبين، وقد تُرجم عبر أربعة انتصارات متتالية حتى الآن في أربع مباريات خاضها في الموسم الجديد (2 في «يوروبا ليغ»، واحدة في كأس ألمانيا وأخرى في الدوري).
فوز دورتموند على ثالث الموسم الماضي بهذه النتيجة والأداء يترك ترقباً كثيراً الآن في ألمانيا، وأملاً لدى كل كارهي بايرن ميونيخ حامل اللقب بأنه يوجد هناك من سيهزّ له العصا في موسم 2015-2016.




فيغل النجم الجديد

نال الشاب جوليان فيغل، القادم من ميونيخ 1860، إشادات عدة في اليومين الأخيرين، ومنها من مدربه توماس توشيل الذي قال: «هو لاعب ممتاز وناضج. بالإمكان رؤية تطوره يومياً، وهو يستمتع كثيراً بهذه المرحلة، ولهذا السبب يلعب كثيراً». وأضاف: «منحني فيغل انطباعاً جيداً طوال الفترة التي قضاها هنا، فهو يدهشنا بأسلوبه الجريء الخالي من التعقيدات، وفي الوقت ذاته يظهر رغبته في التعلّم. إنه شاب منفتح وشديد الوضوح في التعبير عمّا يريد».