تواصلت «انتفاضة كرة القدم اللبنانية»، أمس، وحقق المنتخب اللبناني نتيجة ايجابية بتعادله وضيفه الكويتي 2 - 2، في المباراة التي أجريت بينهما على ملعب المدينة الرياضية في بيروت، ضمن الجولة الثالثة لمباريات المجموعة الثانية من الدور الثالث للتصفيات الآسيوية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2014 في البرازيل. ولا شك في أن هذه المباراة وأحداثها وما أحاط بها من أجواء قبلها وبعدها تقدم إيجابيات كثيرة للعبة التي بدأت تستعيد شعبيتها، مع حضور أكثر من 30 الف متفرج، إذ لم يجتمع حشد مماثل في مباراة كروية منذ 18 أيار 2002 في المباراة الختامية للدوري 2001-2002، وكان هذا الأمر الاساسي في مباراة أمس، إذ عادت الثقة بين اللعبة عموماً وجمهورها الذي هجرها بفعل «قرار أمني» منذ مباراة لبنان والكويت في تصفيات أمم آسيا 2007، إضافة الى حشد الاهتمامات باللعبة ولاعبيها، حيث من المنتظر ان تتزايد عروض الاحتراف المقدّمة اليهم.
وقدمت المباراة المدرب الألماني ثيو بوكير كـ«باني نهضة المنتخب» بالتكامل مع اللاعبين، وخصوصاً المحترفين الذين تحملوا مسؤولياتهم الى أقصى الحدود، فكانت المفاجأة للكويتيين بأن منتخب لبنان لم يعد «مكسر عصا».
وبالعودة الى المباراة، فإن شوطها الأول كان لبنانياً بامتياز بفضل الضغط الذي مارسه «لاعبو الأرز» على أخصامهم، متأثرين بالأجواء الحماسية التي بثّها الجمهور الغفير، واستطاعوا طرق المرمى الكويتي عبر فرص عدة، ثم هزّ الشباك عبر الموهوب حسن معتوق الذي تبادل الكرة بطريقة رائعة مع عباس عطوي، ثم حوّلها بحرفنة الى الشباك (16). وواصل اللبنانيون تفوقهم وأفضليتهم، وهددوا المرمى الكويتي مراراً وتكراراً، وخصوصاً عندما انفرد محمد غدار من دون ان ينجح في مضاعفة النتيجة، وبالتالي ضرب المنتخب الكويتي معنوياً قبل انقضاء النصف الأول للمواجهة.
لكن الشوط الثاني المثير والحماسي تفوّق فيه الكويتيون، وهددوا مرمى زياد الصمد، واستغلوا أول ثغرة أحدثها الدفاع اللبناني، ليدرك منها مساعد ندا برأسه هدف التعادل، وواصلوا اختراقهم من نقطة الضعف في المنتخب اللبناني المتمثلة في مركز الظهير الأيسر، حيث حاول رامز ديوب قدر المستطاع الحدّ من هذه الكرات، لكن التعب نال منه بسبب المجهود الخارق الذي قدمه في كبح جماح أفضل العناصر الكويتية ومحترفها الوحيد فهد العنيزي. وأدرك الثعلب «بوكير» الأمر، فأجرى تبديلين صائبين بإدخال أكرم المغربي واحمد زريق بدلاً من محمد غدار ومحمود العلي المنهكين، وقد أعطى هذا الأمر جرعة من النشاط للصفوف اللبنانية، وتكلّلت بهدف التقدّم الذي أحرزه معتوق من ركلة جزاء قبل خمس دقائق من النهاية. وفي غمرة الفرحة، باغت الكويتيون المنطقة اللبنانية، وعكس بدر المطوع الكرة داخل المنطقة، فأخطأ محمد باقر يونس وحوّلها الى شباك زياد الصمد في الدقيقة الأخيرة.
وبما أن هذه المباراة انتهت وباتت خلفنا، ينبغي العمل منذ اليوم للإعداد للقاء الإياب في الكويت في 11 تشرين الثاني المقبل، ويبدأ الأمر برفع معنويات اللاعبين ودعمهم معنوياً ومادياً، إضافة الى تأمين معسكر اعدادي خارجي ومباريات ودية بغية الاحتكاك مع منتخبات ذات مستوى جيد، والعمل بمبدأ «المنتخب» فوق أي اعتبار.
وكشف رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم السيد هاشم حيدر أن هناك أكثر من من لاعب ذي أصول لبنانية ستجري تسوية أوضاعهم، وستُدعّم صفوف المنتخب بهم في الفترة المقبلة التي تلي التصفيات. ورأى حيدر ان المباراة كانت ممتازة، ونتيجة التعادل أمام منتخب من الأبرز عربياً وقارياً جيدة، مثنياً على أداء اللاعبين الذين أثبتو فعلاً أنهم «رجال لبنان» الذين كانوا على مستوى التحدي. وأكد ان الانتفاضة في كرة القدم اللبنانية ليست بالصدفة، وأنها مستمرة.
وأبدى بوكير رضاه عن النتيجة، لكن الأمر المؤسف والمحزن بالنسبة إليه كان أن هدفي الكويت جاءا من خطأين، على الرغم من أن هذه الثغرة كانت محط الاهتمام أثناء التدريبات في الأسبوعين المنصرمين، وأشار الى أنه سيستدعي لاعبين جدداً من خلال مشاهدته خلال الدوري، وأعطى مثالاً طارق العلي.
وكان دور الجمهور أمس أكثر من داعم ومؤازر للاعبين، وخصوصاً أنه لم يحدث أي إشكال، ومن دون أي موشحات سياسية التي كانت تطبع بطابعها الخاص المدرجات في الأعوام الماضية. وهذا الأمر الذي اذا انسحب على مباريات الدوري المحلي الذي ينطلق الاسبوع المقبل، فإن كرة القدم ستعود اللعبة الشعبية الأولى بعد أن آل هذا اللقب الى كرة السلة. وأكد الامر المدرب الصربي غوران توفادزيتش الذي اعتبر ان الضغط الجماهيري كان عاملاً مؤثراً خلال المباراة.
وإزاء كل ما تقدم، يبقى الدعم الرسمي مفقوداً، إذ إن الحضور أمس لم يكن كبيراً، فحضر فقط النائب أكرم شهيب، والمدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي، ورئيس اللجنة الاولمبية انطوان شارتييه، وأعضاء اللجنة العليا باستثناء الأمين العام رهيف علامة «المسافر»، وعدد من رؤساء الاتحادات الرياضية، بينما يسجّل الغياب الأبرز لوزير الشباب والرياضة فيصل كرامي.
وفي المجموعة عينها فازت كوريا الجنوبية على ضيفتها الامارات 2 - 1 في سوون.
وتصدرت كوريا المجموعة بسبع نقاط أمام الكويت بخمس ولبنان ثالثاً بأربع، وبات المنتخب الاماراتي في وضع لا يحسد عليه، إذ يتذيل المجموعة من دون نقاط.
وفي المجموعة الأولى، فاز الأردن على سنغافورة 3 - 0، والعراق على الصين 1-0، وفي الثالثة تغلبت اليابان على طاجيكستان 8-0 واوزبكستان على كوريا الشمالية 1-0، وفي الرابعة فازت أوستراليا على عمان 3-0 وتعادلت السعودية وتايلاند 0-0، وفي الخامسة اكتسحت إيران البحرين 6-0، وفازت قطر على اندونيسيا 3-2.