اتحاد كرة السلة المسؤول، كلا. غسان سركيس هو المسؤول، كلا. اللاعبون هم المسؤولون، كلا. الرئيس السابق للاتحاد بيار كاخيا هو المسؤول. مجموعة اتهامات اطلقت خلال تقويم مشاركة منتخب لبنان لكرة السلة في بطولة آسيا، كل يحمّل المسؤولية لجهة ما وفق ما تمليه عليه رؤيته من ناحية أو صداقاته من ناحية أخرى. لكن فعلياً الكل مسؤول ولا أحد بريء من «خطيئة» ما حصل.
بعض الأطراف يحمّلون المسؤولية للاتحاد الحالي الذي كان من المفترض أن يُجبر اللاعبين، وخصوصاً فادي الخطيب على الالتحاق بالمنتخب. لكن هنا يجب سؤال فادي الخطيب بالدرجة الأولى عن سبب عدم التحاقه، فقائد منتخب لبنان اتخذ قراره الذي يتحمل مسؤوليته وفضّل الراحة على المشاركة، وهذا حقه. لكنه في الوقت عينه يتحمل مسؤولية الغياب عن منتخب لبنان، وبالتالي يجب سؤاله أولاً قبل سؤال أي طرف ثان، فالخطيب ليس لاعباً صغيراً بل هو قائد المنتخب ومخضرم ويعلم تماماً أبعاد قراره.
وفي الوقت عينه يمكن مساءلة الاتحاد عن عدم التحرك قانونياً لاجبار الخطيب على الالتحاق، لكن هنا يجب توجيه السؤال الى رؤساء الأندية والمسؤولين فيها الذين هم أعضاء في الاتحاد عن سبب الوقوف في وجه اقتراح لجنة المنتخبات معاقبة اللاعبين الذين تخلفوا عن الالتحاق بالمنتخب، لكن لا معاقبة من تخلّف بعد وصول غسان سركيس، بل من تخلّف حين دعا المدرب الألماني بيتر شومرز اللاعبين الى التدريب قبل أشهر ولم يحضر سوى لاعبين أو ثلاثة. حينها كان على الاتحاد اجبار اللاعبين على الانضمام الى المنتخب.
والاتحاد يتحمل المسؤولية في نقطة أخرى، حين لم يدعم المدرب السابق طوماس بالدوين، اضافة الى المماطلة في فسخ عقده أشهراً طويلة ليجد نفسه يسابق الوقت لايجاد بديل له، اذ ان الفارق بين الاتحاد اللبناني والاتحاد الأردني (انتقل بالدوين الى تدريب منتخب الأردن ووصل معه الى المركز الثاني) هو أن الاتحاد اللبناني تدخّل في خيارات بالدوين وأجرى تعديلات على لائحة اللاعبين المستدعين (غالب رضا بدلاً من أحمد ابراهيم) لتصل الرسالة واضحة الى بالدوين، فيما كان الاتحاد الأردني خلف بالدوين ودعمه، حتى ان الأمين العام للاتحاد كان الى جانبه على مقاعد الاحتياط، والأهم أن المسؤولين الاتحاديين الأردنيين هم أبناء اللعبة، بينما في لبنان معظمهم ليسوا كذلك.
ويمكن مساءلة الاتحاد أيضاً حول عجزه عن تأمين موارد مالية للمنتخبات والاعتماد على مساعدة الوزارة فقط واستمرار معزوفة «ما في مصاري» اذ يحق للآخرين الرد «وأنت شو شغلتك؟». فالاتحاد واجب عليه السعي إلى تأمين الأموال، أو السعي إلى استرداد حقوقه كما هي الحال مع العقد المفسوخ مع تلفزيون الجزيرة.
أما مقولة أن الاتحاد قد ضيّع على لبنان فرصة التأهل الى الأولمبياد نتيجة تخليه عن استضافة البطولة الآسيوية بدلاً من الصين، فهذا فيه افتراء، اذ إن البطولة كانت ستطير من لبنان عاجلاً أو آجلاً بعد «كارثة» استضافة كأس ستانكوفيتش (وهذه يتحملها الاتحاد)، ولعل وجود الأمين العام المساعد هاغوب خاجيريان ساعد لبنان على تحصيل بعض المكتسبات عبر الوعد باستضافة بطولة عام 2013، اضافة الى بعض الأموال. لكن الذي يقول إن البطولة كان ممكناً اقامتها في لبنان بعد ما حصل في ستانكوفيتش فهو واهم، وحتى استضافة بطولة عام 2013 غير مؤكّدة ما لم تقدّم ضمانات كبيرة للاتحاد الآسيوي ويتم تجهيز ملعب لاقامتها في الصيف وليس في الربيع كما يسعى البعض.
لكن يجب أن يحسب للاتحاد توجهه نحو بناء منتخب للمستقبل والاعتماد على لاعبين صغار وتحضيرهم لبطولة عام 2013، والبدء في التفكير في جيل ما بعد فادي الخطيب وروني فهد وغيرهم. وهنا يأتي دور الجهاز الفني بقيادة غسان سركيس ومسؤوليته في ما حصل. سركيس جرى تعيينه لتسلّم التدريب نظراً لقدرته على إقناع الخطيب بالانضمام الى المنتخب، لكن هذا لم يحصل. وعليه، قام سركيس بتشكيل منتخب للمستقبل بعد تأكيد عدم مشاركة علي محمود وعدم استدعائه فهد. لكن سركيس اخطأ حين لم يتعامل مع الظروف المستجدة بطريقة صحيحة، اذ ان إصابة إيلي رستم وصباح خوري وروي سماحة كانت توجب استدعاء لاعبي خبرة لتعويض غيابهم كفهد وعمر الترك وغيرهما وليس الاتكال على لاعبين هم احتياطيون في فرقهم. كما أن سركيس أخطأ حين لم يتوصل الى اسلوب يناسب غياب لاعب من حجم الخطيب، وعدم الاعتماد على غالب رضا أو محمد ابراهيم لكي يحملا المنتخب. سركيس يتحمل مسؤولية تسجيل 58 نقطة أمام تايوان من أصل 72 محاولة، فيما تايوان سجلت 60 نقطة من أصل 56 محاولة، اذ لم ينجح في معالجة هذه المشكلة.
أما بالنسبة إلى الرئيس السابق بيار كاخيا، فقد تكون «مسؤوليته» أنه جعل الجمهور اللبناني يعتاد فكرة أن الاتحاد قادر على تأمين الأموال للمنتخب من خارج اطار الدولة، رغم الملاحظات التي تسجل على طريقته في ادارة تلك الأموال، ما أدى الى وضع أعباء مالية على الاتحاد الحالي. كذلك لا يمكن إغفال أن منتخب بيار كاخيا حلّ في المركز الرابع عام 2009 بميزانية بلغت مليوناً ومئتي ألف دولار، فيما منتخب اتحاد جورج بركات حلّ سادساً بميزانية لم تتجاوز 200 ألف دولار.
جاءت مشاركة منتخب السلة اللبنانية لتكشف عورات اضافية في اللعبة وتؤكد تراجعها، ما يطرح السؤال: هل «خميرة» أنطوان الشويري انتهت وبدأت رحلة التراجع؟ ليس المهم ما مضى بل ما هو آتٍ.



اجتماع لجنة المنتخبات مع سركيس

من المفترض أن تعقد لجنة المنتخبات في الاتحاد اللبناني لكرة السلة اجتماعاً مع مدرب المنتخب غسان سركيس في اليومين المقبلين لتقييم مشاركة لبنان في بطولة آسيا مع احتمال عقد الاجتماع بحضور أعضاء الاتحاد أو رئيسه جورج بركات. ولا يبدو أن الأجواء تشير الى اعفاء سركيس من مسؤولياته، لكن كل شيء وارد.