بعيداً من المقدمات، فإن ما حصل الخميس الماضي في جلسة اتحاد كرة القدم هو بكل بساطة مراهقة إدارية واستسهال لواقع المرحلة التي تمر فيها كرة القدم، فالجميع كان ينتظر الجلسة وما سيصدر عنها من قرارات في ظل الملفات المهمة التي تتطلب بتها، ليفاجأ المتابعون بتحول الجلسة من واحدة مهمة الى أخرى مخجلة. فأن يجتمع معظم أعضاء الاتحاد (7 من 11 مع غياب أحمد قمر الدين ومحمود الربعة وجهاد الشحف ورهيف علامة) ويصدر عنهم تعميم متواضع عبارة عن ثلاث صفحات من التوقيفات، وتثبيت النتائج، في وقت فيه تحتاج فيه كرة القدم حالياً الى صفحات وصفحات من القرارات التي تستغل الفرصة المتاحة بعودة بعض الروح الى كرة القدم، يُعدان أمراً مَعيباً.
أما من يتحمل المسؤولية الكبرى، فهو رئيس الاتحاد هاشم حيدر، الذي سمح بمثل هذه المهزلة بحجة المحافظة على اللحمة الاتحادية، والحكمة في إدارة الأزمات. وتحميل المسؤولية لحيدر يأتي من باب اعتباره رأس الهرم، والمسؤول الأول عن الكرة اللبنانية. أليست هذه من أساسيات تعديلات «الفيفا»، التي تعطي الرئيس دوراً كبيراً في إدارة اللعبة؟ فإذا كان الرئيس غير قادر على حل مسألة مثل تأليف اللجان فماذا يُتوقع منه لاحقاً. وتأليف اللجان ليس أمراً جديداً، فهو موضوع بدأ في حزيران، وبالتالي أُشبع دراسة ومفاوضات ونقاشات، وحان وقت الحسم. ولا يمكن تحميل المسؤولية للأمين العام رهيف علامة، فهو يدافع عن مكتسباته معتمداً استراتيجية تسمح له بالدخول الى الجلسة وإلقاء محاضرة عن اللجان، من دون أن يستطيع أحد من الأعضاء الوقوف في وجهه، و«تلبيس» عضو الاتحاد سمعان الدويهي «مسؤولية» عدم تأليفها معتمداً على كلام قاله الدويهي سابقاً عن إمكان حل اللجان وعدم تأليفها، علماً أن كلام الدويهي لم يسمعه أحد (حتى الدويهي نفسه)، ووحده علامة سمع ما يشير الى إمكان بقاء اللجان محلولة. وهنا يمكن توجيه «التحية» إلى علامة، العارف كيفية إدارة الأمور «والشاطر ما يموت وصحتين على قلب الرجّال».
اما بالنسبة إلى الباقين، فهناك أمور عدة يُسألون عنها، بدءاً من عقد جلسة وتعيين أمين عام بالوكالة لها هو الدويهي، ليوقّع محضراً وتعميماً، لا يليق أن يحملا توقيع الأخير، ويوزّعهما على وسائل الإعلام، إذ إن الدويهي لديه من المسؤوليات أهم بكثير من إصدار تعميم فارغ لجلسة معيبة قد يرى البعض أنه عقدها ليبرهن أن الاتحاد لا يقوم على شخص الأمين العام، لكنه في الوقت عينه لم يجرؤ على إصدار أي قرار مهم، وهذا يتحمل مسؤوليته حيدر بالدرجة الأولى. فالرئيس وضع نفسه في موقف أصبح فيه عضوٌ في الاتحاد، هو جورج شاهين، حريصاً على مصلحة كرة القدم أكثر من رئيسه، الذي لا يريد أن يقتنع بأن كرة القدم لا يمكن أن تدار بأسلوب «أبو ملحم». أضف الى ذلك هموم نائب الرئيس ريمون سمعان في المحافظة على استقرار الاتحاد الذي لا يمكن أن يكون على حساب اللعبة. يقال إن هناك اتفاقاً «جنتلمان» بعدم اتخاذ قرارات مهمة إذا غاب الرئيس أو الأمين العام عن جلسة، ما إما قصداً أو عن غير قصد، لكن هذا لا يمكن أن يصبح قاعدة تشل عمل الاتحاد، وتعزز الصورة السلبية في وقت تتوافر فيه فرصة ذهبية لمحو هذه الصورة وإعادة الثقة بالكرة اللبنانية عبر رافعة المنتخب اللبناني. فمهم جداً أن لا ينسى حيدر أنه رُفع على الأكتاف بعد مباراة الإمارات، وهذا ما يفرض عليه التحرك بسرعة وحسم الأمور كي لا يشعر من حمله على كتفه بأنه قد تسرع وأعطى شيئاً لشخص لا يستحقه.
ليس الآن وقت إهدار الفرص من جانب الرئيس حيدر، والسماح باهتزاز شباكه أكثر، فالضرب باليد على الطاولة قد يكون مطلوباً في بعض الأحيان، لكنه يتطلب جرأة ستكشف الأيام المقبلة (وقد يكون اليوم الاثنين) إذا ما كانت موجودة أم لا.



الإنذار الأخير؟

قيل إن اتحاد كرة القدم أمهل الأمين العام رهيف علامة مهلة حتى اليوم لكي يقبل موضوع تأليف اللجان، وإلا فسيجري إقراره في أول جلسة. لكن مع اتحاد كهذا لا يمكن توقّع أي شيء، وخصوصاً أن كلام اليوم يمحوه الغد بدم بارد، ومن دون أن يرف جفن بعض أعضاء الاتحاد.