ازدانت مدرجات المدينة الرياضة وأزاح الجمهور اللبناني عنها «غبار النسيان» مع فرحة غامرة بتسطير منتخب لبنان فوزاً مهماً على ضيفه الإماراتي 3 - 1 في المباراة التي أُقيمت على ملعب المدينة الرياضية بحضور جماهيري بلغ زهاء 6 آلاف متفرج، في الجولة الثانية للمجموعة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم ــ البرازيل 2014.
وتكمن أهمية هذا الفوز في أنه جاء بعد فترة عصيبة جداً على اللعبة التي فقدت شعبيتها بفعل الظروف السياسية في البلد وتناحر أعضاء إدارتها في الفترة السابقة وخلافاتهم التي تناسوها كرمى لعيون لبنان ومنتخبه الذي أعاد نوعاً من الهيبة وليبرهن اللبنانيون أنهم قادرون على اجتراح المعجزات والتفوق على الأشقاء والجيران.
وردّ المنتخب اللبناني الصاع صاعين للإماراتيين وللاعبهم ذياب عوانة الذي استهزأ باللبنانيين قبل شهرين، حيث قاتل اللبنانيون كثيراً وبذلوا الغالي والنفيس لرد اعتبارهم بعد تسديدته «الكعبية» التي قلبت حال الإمارات رأساً على «كعب».
لكن ماذا بعد الإمارات؟ سؤال يجب أن يشغل اللاعبين اللبنانيين، وقبلهم الاتحاد الكروي؛ لأن هذا الفوز جاء لينهي فترة سبع سنوات عجاف لتحقيق النتائج الجيدة؛ إذ إن التعادل مع كوريا الجنوبية 1-1 في تصفيات مونديال 2006 كان آخر نتيجة نوعية للبنان، ومن هنا يجب العمل على استغلال الحالة المعنوية العالية لتطوير إمكانات اللاعبين استعداداً للمباراة المقبلة مع الكويت. وأكد المدير الفني الألماني ثيو بوكير أن مباراة الكويت بعد شهر ستكون مغايرة، ويجب استغلال هذه المدة لتعزيز الصفوف والعمل على سد الثُّغَر التي تكشفت في المباراة الماضية التي خسرها لبنان أمام كوريا الجنوبية 0-6، وفي مباراة أمس. ورأى بوكير أن الأجواء كانت أكثر من إيجابية خلال المباراة، وتجلى ذلك باحتفال اللاعبين عقب كل هدف وغيرتهم على اسم لبنان خلال المباراة، سواء كانوا في الملعب أو على دكة البدلاء. ورأى أن ليس هناك أي انقسامات أو مشاكل بين اللاعبين، وما احتفال لاعب شاندونغ الصيني رضا عنتر بهدفه مع زميله يوسف محمد المنتقل من كولن الألماني إلى الأهلي الإماراتي إلا خير برهان ودحض للشائعات.
وبالعودة إلى مجريات مباراة أمس، أثبت المنتخب اللبناني أنه ليس لقمة سائغة لأحد، ولقن نظيره الإماراتي درساً قاسياً وأسقطه بثلاثية ملونة بعد تأخره بهدف من رأسية لمحمود خميس (15). وكان هذا الهدف بمثابة حافز للبنانيين للعب بروح قتالية عالية والمثابرة لقلب النتيجة، رغم غياب قائد الدفاع يوسف محمد المصاب، حيث اعتمد بوكير على الدفع بالرباعي رامز ديوب وعباس كنعان وعلي السعدي ووليد إسماعيل في خط الدفاع، فأبلوا البلاء الحسن بوقوفهم في وجه أحمد خليل وسبيت خاطر أبرز نجوم الكرة الإماراتية. وفي الوسط كان عنتر «مايسترو» بالتكامل مع عباس عطوي والارتكاز هيثم فاعور وأكرم المغربي في الميسرة وحسن معتوق في الميمنة ومحمد غدار في المقدمة. أما حراسة المرمى، فكانت في عهدة «الصامد» زياد الصمد الذي تكفل بعدد كبير من التسديدات الإماراتية، واحتسب الحكم ركلة جزاء صحيحة بعد خطأ من وليد عباس على المهاجم محمد غدار الذي سددها بنفسه مدركاً التعادل (36). وفي الشوط الثاني واصل اللبنانيون على المنوال عينه وتقدموا عبر المغربي بعد تمريرة من غدار (52)، وقضى عنتر على آمال الإماراتيين وأرسل طائرة لتقل المدرب الإماراتي ستريشكو كاتانيتش (الذي أقيل عقب المباراة) إلى بلده سلوفينيا بإحرازه الهدف الثالث إثر هجمة مرتدة بدأها عنتر نفسه وأرسلها إلى عطوي الذي عكسها إلى عنتر، ومن رأسه الذهبي إلى شباك ماجد ناصر (82). وأظهر هذا الهدف التعاون بين اللاعبين؛ إذ استبسلوا قبله في الدفاع وإيقاف الهجمات الإماراتية.
ومن المنتظر أن يعقد بوكير اجتماعاً مع اللاعبين الاثنين المقبل للبدء بالاستعداد لمباراة الكويت، وشدد عقب المباراة في حديث لـ«لأخبار» على أنه يجب الفرح بهذه النتيجة ثم تناسيها والشروع بالتجهيز للمستقبل، وأن هناك أموراً يجب العمل على تطويرها، ولا سيما لياقة اللاعبين البدنية وخط الدفاع، وكذلك الخروج من الضغوط التي تعرض لها الجميع من إدارة وأجهزة فنية ولاعبين، والفوز على الإمارات كان الخطوة الأولى في المشوار الطويل.
لكن هناك ما يعترض التطوير، يتمثل بالمهمة المزدوجة للألماني بوكير في المنتخب ومع نادي العهد الذي تعاقد معه قبلاً للإشراف عليه وقيادته في الموسم المقبل لتحقيق نتائج إيجابية على الصعيد القاري. وهنا يجب على الاتحاد العمل لحل هذا الأمر بما يتلاءم مع مصلحة المنتخب بالدرجة الأولى والعهد، بطل لبنان، في الدرجة الثانية، وليس هناك شك في وطنية النادي الذي رفد المنتخب بعدد من اللاعبين وآزره ليكون على مستوى التحدي. وسيلتقي لبنان مع ضيفته الكويت في بيروت في الجولة الثالثة التي تقام في 11 تشرين الأول المقبل.
وفي المجموعة عينها تعادلت الكويت وضيفتها كوريا الجنوبية 1-1 في الكويت.

باقي النتائج

في المجموعة الأولى، فجر الأردن مفاجأة مدوية، وأسقط الصين 2-1 في عمّان، وعاد العراق من سنغافورة بالنقاط الثلاث بفوزه عليها 2-0.
وفي الثالثة، تعادلت أوزبكستان وضيفتها اليابان 1-1 في طشقند، وفازت كوريا الشمالية على ضيفتها طاجيكستان 1-0 في بيونغ يانغ.
وفي الرابعة، واصلت السعودية انطلاقتها السيئة، وخسرت أمام ضيفتها أوستراليا 1 - 3 في مدينة الدمام، وهي المباراة الثانية للمدرب الهولندي فرانك رايكارد على رأس الإدارة الفنية لمنتخب «الأخضر»، وتقلصت آمال السعودية بهذه الخسارة. وفي المجموعة عينها مُنيت عُمان بخسارة قاسية أمام مضيفتها تايلاند 0 - 3 في بانكوك.
وفي الخامسة، حققت البحرين فوزاً مهماً على مضيفتها إندونيسيا 2 - 0 في جاكرتا، وتعادلت قطر وضيفتها إيران 1 - 1.



حيدر: سنلبي احتياجات المنتخب

رأى رئيس الاتحاد اللبناني السيد هاشم حيدر أن الفوز الذي تحقق أمس على الإمارات هو انتفاضة للكرة اللبنانية تحققت بهمّة اللاعبين والجهاز الفني، وقال حيدر: «علينا أن ننتقد أنفسنا؛ لأننا تأخرنا في دعم المنتخب، وإن الروح القتالية لدى اللاعبين أسهمت في هذه النتيجة، وإن الاتحاد ينوي تلبية كافة متطلبات اللاعبين وأجهزة المنتخب للحفاظ على هذا المستوى».