هو المشهد ذاته بات يعيشه متابعو كرة القدم في الاعوام الأخيرة في سوق الانتقالات الصيفية. مشهد ترسم فصوله قصة انتقال أحد النجوم المليونيين، وما على المتابع إلا تلقّي كمّ هائل من التقارير اليومية عن آخر مستجدات الصفقة على نحو يتحوّل فيه الملل إلى غضب بانتظار «اللحظة - الحدث» حين يقف هذا اللاعب حاملاً قميص فريقه الجديد، وهو يبتسم أمام عدسات المصوّرين.لا يكاد المتابع إذاً ينتهي من قصة مملة حتى تطالعه أخرى أكثر مللاً، لتصبح معها «أمنيته» أن تكون خاتمتها بتحقق صفقة اللاعب المعنيّ، لا لشيء، سوى ألا يضيع الوقت الذي قضاه في متابعة فصولها هباءً منثوراً، كما حصل، على سبيل المثال في الآونة الأخيرة، مع النجم الألماني ماركو رويس الذي ظل أشهراً يتصدر العناوين بانتقاله إلى هذا الفريق وذاك، إذا به في النهاية يوقّع على عقد جديد مع بوروسيا دورتموند ليبقى معه على الأقل حتى الصيف المقبل، وليتضح في النهاية أن كل ما كتب ليس إلا شائعات!

هذا الصيف، كان الأرجنتيني أنخل دي ماريا «بطل المسلسل» الأقوى والأكثر جماهيرية في سوق الانتقالات بصفقة انتقاله من مانشستر يونايتد الإنكليزي إلى باريس سان جيرمان
الفرنسي.
هكذا، وبعد أن انسحب الجميع من السباق على ضم اللاعب بعد الـ63 مليون يورو التي أبدى النادي الباريسي استعداده لدفعها، بدأت «الحلقات» اليومية تأخذ منحى شديد الملل بانتظار أن ينطق أحد الأطراف المعنيين بكلمة واحدة تؤكد حصول الصفقة، التي كان واضحاً للجميع أنها ستُبصر النور في «عاصمة الأنوار» باريس منذ أن تخلّف اللاعب عن اللحاق بركب يونايتد في رحلته الاستعدادية إلى الولايات المتحدة، وما تلاها من تصريحات لمدرب سان جيرمان، لوران بلان، يشيد فيها بالأرجنتيني، ومن ثم أنباء توجّه الأخير إلى الدوحة لإجراء الفحوصات الطبية، ومن بعدها تأجيل خضوعه لها لشعوره بالتعب من رحلته قادماً من بلاده، وصولاً إلى إنجاز التقرير الطبي أمس و«الخبر السعيد» بأن نطق دي ماريا كلمة سان جيرمان أخيراً معرباً عن سعادته البالغة باللعب في صفوفه، ومشيداً، طبعاً، بفريقه الجديد.

وصول دي ماريا الدوحة زاد الملل في صفقته

وبالحديث عن حضور دي ماريا إلى الدوحة والذي أثار استغراب كثيرين، فهنا وجه آخر سيّئ يظهر ما وصلت إليه حال النجوم في الانتقالات بعد أن تحولوا إلى «سلعة» تُباع وتشترى في مزاد بأرقام مهولة من الدولارات، وهذا ما عاشه العالم سابقاً مع صفقة الأرجنتيني نفسه العام الماضي إلى يونايتد بـ 70 مليون يورو، وقبلها الـ 100 مليون يورو التي نقلت الويلزي غاريث بايل من توتنهام الإنكليزي إلى ريال مدريد الإسباني وغيرهما الكثير، وهذا ما لقي استنكاراً من شخصيات لها تاريخها في عالم الكرة، بينها «الأسطورة» الهولندي يوهان كرويف والمدرب الألماني القدير أوتمار هيتسفيلد.
إذ عند مثل هذه المبالغ يصبح «لزاماً» على دي ماريا أن يخضع للفحص الطبي في الدوحة تحت شمسها الحارقة في هذه الأيام، وأن ينشر مستشفى «أسبيتار» صوراً له وهو يجول في أروقته، وأن يزور مكان إقامة مالك «بي أس جي»، ناصر الخليفي، ويلتقط الصور التذكارية، مصطنعاً الابتسامة، مع أبناء الأخير، علماً بأن الأرجنتيني انتقل ليلعب في باريس، وهذا أيضاً ما زاد من الملل في هذه الصفقة.
على أي الأحوال، فإن المحطة التالية باتت الآن توجّه دي ماريا إلى العاصمة الفرنسية للالتحاق بفريقها، وعليه فإن على المتابعين تحمّل المزيد من الملل، حيث التوقّع أن تطول «الحلقة الأخيرة» حتى يستوعب الباريسيون أن الأرجنتيني بات بينهم تحديداً بعد التقاطه الصورة التقليدية أمام برج إيفل، وعندها، فقط، يصبح ممكناً وضع شارة نهاية هذا المسلسل.