للمرة الأولى لن تكون إشادة صحيفة غير كاتالونية بفريق برشلونة تحيّزاً، إذ إن ما رسمه بطل إسبانيا وأوروبا مساء السبت على أرض «ويمبلي» يعدّ أكثر من استثنائي، ولا يختلف اثنان على أن «البرسا» استحق اللقب بكل ما للكلمة من معنى. فمن التمريرات العبقرية لشافي هرنانديز، الى الحركة الدؤوبة لأندريس إينييستا وبدرو رودريغيز ودافيد فيا صاحبي الهدفين الأول والثالث، مروراً بالمهارات الرهيبة للأرجنتيني ليونيل ميسي مسجّل الهدف الثاني|
، والاستبسال والفدائية التي تمتع بها مواطنه خافيير ماسكيرانو وسيرجيو بوسكيتس، وصولاً الى اللحظة الإنسانية التي طُلب خلالها من الفرنسي إيريك أبيدال رفع الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين، ترجم برشلونة كل حرف في شعاره الشهير «أكثر من نادٍ».
نعم، لقد أعطى الكاتالونيون درساً للعالم أجمع في فنون الكرة عبر السحر الذي قدّموه، فعمدوا الى تنويم مانشستر يونايتد مغناطيسياً، إلى درجةٍ ظهروا فيها كأنهم قادرون على التحكّم بالإنكليز، فيتلاعبون بهم أحياناً ويفسحون لهم المجال للعب في أحيانٍ أخرى، من دون أن يسمحوا لهم بأذيتهم ولو أن واين روني فعل هذا الأمر عندما أدرك التعادل في الشوط الأول في غفلة عن حراس المنطقة الكاتالونية. أما الدرس الأهم فقد كان إنسانياً، فإذا كان إشراك أبيدال أساسياً مفاجأة غير منتظرة، فإن منحه شارة الكابتن إفساحاً في المجال أمامه لرفع الكأس، كانت مفاجأة سارّة أظهرت أن الطيبة موجودة في قلوب أولئك الذين يظهرون أحياناً على أرض الملعب كأنهم بلا رحمة، فكانت لفتة رائعة تجاه ذاك «المحارب» الذي أجرى قبل أشهرٍ قليلة فقط عملية جراحية في الكبد لإزالة ورم خبيث.

«نزلة» ملعب ويمبلي

بعد فورته في الدقائق الأولى، دخل مانشستر يونايتد النفق المظلم وشاهد ذكريات شريط 2009 يمرّ من أمامه، فارتفعت نسبة سيطرة «البلاوغرانا» على الكرة تدريجاً حتى وصلت الى 67%، فبدا الملعب كأنه أشبه بـ«نزلة»، إذ إن الغالبية الساحقة من الهجمات كانت باتجاه مرمى الحارس الهولندي إدوين فان در سار. وفي هذه الأثناء، كانت الكرة في أقدام لاعبي يونايتد كأنها قنبلة موقوتة لشدة الارتباك الذي أصابهم، فأراد كلٌّ منهم التخلص منها بسرعة ما عدا روني الذي لم يكن قادراً على فعل كل شيء وحده، وخصوصاً في ظل افتقاره الى مموّن خلفه.
وفي منتصف اللقاء، بدا أنه بين 2009 و2011 لم تتغيّر الأمور، فارتكب مانشستر يونايتد الخطأ نفسه بعدم تضييق المساحات على لاعبي خط وسط برشلونة وتركهم يصولون ويجولون بحرية، وعاش مايكل كاريك والكوري الجنوبي بارك جي سونغ الكابوس عينه الذي قضّ مضجعهما في روما، بينما استفاق رفاقهما متأخرين ناحية اللعب بقساوة، لم تكن حتى مدروسة أحياناً، وخصوصاً إذا أردنا الحديث عن الإكوادوري أنطونيو فالنسيا الذي قَدِم مرات عدة من الجناح الأيمن الى منتصف الملعب لارتكاب خطأ على ميسي دون سواه، وكأن هناك ثأراً عائلياً قديماً بينهما!

الملائكة تنتصر على الشياطين

الحق يقال إن مانشستر يونايتد هو فريق عظيم، لكن الهيمنة الفائقة لبرشلونة التي لم تشهدها المسابقة الأوروبية الأمّ في أي نهائي سابقاً، جعلت بطل إنكلترا يبدو بصورة سيئة، فتذوّق «الشياطين الحمر» المرّ عينه الذي أذاقه «ملائكة» الوسط شافي وإينييستا وبوسكيتس للألمان في نصف نهائي كأس أوروبا 2008، عندما لم يسمحوا لمحاربي «المانشافت» باللعب أو السيطرة على الكرة. وتكرّر هذا الامر طبعاً أمام ريال مدريد في نصف نهائي دوري الأبطال هذا الموسم، مع إضافة لمعان ميسي الذي دفع أحد الظرفاء الى القول إنه ربما على «الفيفا» استحداث قانون يجبر الأرجنتيني على لعب شوطٍ مع كل فريقين متنافسين حتى «يصير في مستوى».
كلمة «مبروك» لا يفترض أن توجّه الى مشجعي برشلونة فقط، بل الى كل من تابع المباراة لأنه بكل بساطة كان محظوظاً بمشاهدة أفضل لعب جماعي وأفضل فريق في تاريخ كرة القدم.



برشلونة استحقّها

بدت لافتة الروح الرياضية التي تمتّع بها مدرب مانشستر يونايتد أليكس فيرغيسون ولاعبوه، وهم أجمعوا كلّهم بعد المباراة على أن برشلونة استحق اللقب، إذ قال «السير»: «يفتنون المرء بأسلوبهم في التمرير، كما أننا لم ننجح إطلاقاً في السيطرة على ميسي».






هدّاف قياسي


للموسم الثالث توالياً، يتوّج ميسي هدّافاً لدوري الأبطال، وهذه المرة بـ 12 هدفاً، معادلاً الرقم القياسي الذي سجّله مهاجم مانشستر يونايتد السابق رود فان نيستلروي موسم 2002 ــ 2003






رسائل وشغب

لم تغب الرسائل السياسية عن مدرجات برشلونة، بينما احتفل الآلاف في شوارع إقليم كاتالونيا حيث حدثت مواجهات بينهم وبين الشرطة بعد تعمّد بعضهم القيام بأعمال شغب أدت الى إصابات